الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تقرير بنك المغرب السنوي لعام 2018 في 15 نقطة أساسية مع ملاحظاتنا وتعاليقنا
ابراهيم منصوري
2019 / 7 / 30مواضيع وابحاث سياسية
ملاحظة: المرجو قراءة تعليقاتنا على كل نقطة أدناه، والمحررة بين قوسين. لقراءة الورقة بنظام PDF، اتبع الرابط التالي على موقع Research Gate العالمي: https://www.researchgate.net/publication/334749929_tqryr_bnk_almghrb_alsnwy_lam_2018_fy_15_nqtt_asasyt_m_mlahzatna_wtalyqna_THE_BANK_AL-MAGHRIB_REPORT_FOR_2018_IN_15_POINTS_WITH_OUR_REMARKS_AND_COMMENTS?_sg=USm7V8oNBnjF5Dd--qEmstegHjWK8X0ZXjl0iG160XaXtNmA9nkTDn2H3IbtZ_BNU5uHGY53_TQiJUqTwu1ZGelsc0WJZHYpkEXhaoth.HerAyT8g1pDc4YA7DFTFQXKoUyMaudUGXuP2RICQxzFa2J5GTcP6MmUl7IpRtArpSgEFjDpCntegPffBvuMpBQ&fbclid=IwAR1Jk0m2oLTKFE0FyMpJ6DwzxX4b8nGeeahhWaueFhPkNzNSS3WwYeIoc9o
إليكم فيما يلي الخطوط العريضة الخمسة عشر لما جاء في التقرير السنوي لبنك المغرب لعام 2018، والذي قدمه السيد عبد اللطيف الجواهري، والي البنك المركزي، بين يدي الملك محمد السادس يوم الإثنين 29 يوليوز 2019؛ مرفوقة بملاحظاتنا وتعليقاتنا باللون الأزرق، مع العلم أن تلك الملاحظات والتعليقات ما هي إلا رؤوس أقلام موجزة:
1. نمو اقتصادي بطيء: %3 فقط، تحت تأثير الظروف المناخية (Conditions climatiques) وضعف القيم المضافة (Valeurs ajoutées) للقطاعات غير الفلاحية والضبابية المحيطة بالاقتصاد العالمي.
(هذا يعني طبعاً أن السياسات العمومية المتبعة منذ الاستقلال لم تنجح البتة في تخفيف تبعية الاقتصاد الوطني للتقلبات المناخية ودورات الجفاف (Cycles de sécheresse) وتحسين إنتاجية المقاولات في القطاعين الصناعي والخدماتي).
2. تراجع طفيف لمعدل البطالة: 9,8% عموما مع ارتفاع هذا المعدل لدى الشباب.
(من المعروف أن حساب معدل البطالة (Unemployment Rate) في المغرب تشوبه زلات وأخطاء جسيمة، من قبيل أن الكثيرين ممن يعيشون في البوادي، وحتى في المدن، يسجلون كفلاحين أو عمال بمجرد أنهم يحملون بطاقات وطنية تتضمن هذه الصفات؛ بالإضافة إلى أن الكثيرين ممن يزاولون هذه المهن فعلياً يعيشون هشاشة (Précarité) لا تطاق؛ ولذلك وجب تسجيلهم كعاطلين عن العمل بشكل أو بآخر. وعلاوة و على ما سبق، فإن معدل البطالة الحقيقي هو الذي يخص خريجي المدارس والجامعات والمعاهد؛ والكل يعرف أن هذا المعدل مرتفع في المغرب، مما يعني أن منظومتنا التربوية مريضة جدا، بل هي في فترة احتضار سافر.)
3. تباطؤ في توازن الحسابات الماكرو-اقتصادية (Comptes macroéconomiques): عجز الميزانية (3,7% من الناتج المحلي الإجمالي)؛ عجز ميزان الأداءات (5,5% من الناتج المحلي الإجمالي)؛ معدل التضخم (1,9%)، متأثرا بتقلب أسعار السلع الغذائية (Fluctuations des prix des biens alimentaires).
(من المعروف أن حساب عجز ميزانية الدولة في المغرب تشوبه أخطاء كثيرة، من قبيل احتساب عائدات الخوصصة (Recettes de privatisation) كموارد مالية والتغاضي عن العجوزات المالية (Déficits budgétaires) لدى الجماعات المحلية والمقاولات العمومية وقيام البنك المركزي من حين لآخر بتغطية مخاطر الصرف (Couverture des risques de change) لصالح جهات معينة. أما نسبة التضخم (Inflation Rate) فما هي إلا تقريبية جدا، لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار السلة الحقيقية (Véritable panier) للأسر فيما يخص السلع الغذائية بالإضافة إلى سلع وخدمات أخرى، بما فيها النفقات على التربية والصحة والنقل.
وحتى لو اعتمدنا على مخفض الناتج المحلي الإجمالي (GDP Deflator) لحساب معدل التضخم، فإن هذا المخفض ليس محسوباً بالدقة اللازمة، طالما أن القيم المضافة للقطاع (Valeurs ajoutées du secteur informel) الغير مهيكل غير محتسبة في الناتج الداخلي الخام. وفي الأخير، لا بد من الإشارة إلى أن التهليل والتزمير والتطبيل للسياسة الصناعية في المغرب لا تعدو أن تكون إلا زوبعة في فنجان، طالما أن الأنسجة الإنتاجية في صناعات كتلك المرتبطة بالسيارات وقطع غيارها وصناعة الطائرات وغيرها لا تحتفظ داخل المغرب إلا على قيم مضافة هزيلة؛ وهذا ما يفسر طبعا تفاقم عجز ميزان الأداءات الجارية (Déficit de la balance des paiements courants).
4. نمو طفيف للاستثمارات الأجنبية المباشرة: ما يقارب 5 مليار دولار أمريكي (الرتبة 4 أفريقيا).
(رغم الإمكانيات الهائلة التي يتوفر عليها المغرب، لم يستطع الاقتصاد الوطني حتى الآن استقبال رساميل أجن(بية مباشرة (Investissements --dir--ects étrangers) جديرة بالاحترام، بالمقارنة مع أسواق ناهضة (Marchés émergents) في بلدان مثل تركيا وماليزيا وتايلاندا وغيرها.
وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن العوامل الاقتصادية الصرفة ليست هي الوحيدة التي تساعد على جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ أن عوامل غير اقتصادية لها وزنها في هذا المجال: عوامل سياسية وتنظيمية ومؤسساتية. ولهذا، فلا يكفي المغرب مثلاً أن يمنح للمستثمر الأجنبي إعفاءات ضريبية مغرية لكي يلتزم بالاستثمار عندنا، بل يجب أن نطمئنه حول سير المؤسسات وجودة الحكامة (Qualité de la gouvernance) وانعدام الفساد والمحسوبية وما إلى ذلك.)
5. تغطية احتياطات العملة الصعبة للواردات: أكثر من 5 أشهر من الواردات.
(تعتبر هذه النسبة محترمة إلى حدّ ما، رغم ضآلتها، وذلك إذا ما قورنت بمثيلتها خلال السنوات العجاف. ففي سنة 1983 مثلا، أي مباشرة قبل دخول المغرب في "مصحّة" برنامج التقويم الهيكلي المشؤوم، تحت وصاية مؤسسات التمويل الدولية، وصلت هذه النسبة إلى يوم واحد من الواردات فقط، أي أن احتياطات النقد الأجنبي كانت بالكادّ تكفي لاستيراد الضروريات من الخارج خلال يوم واحد فقط !!! بل، خلال فترات متقطعة، لم تكن موازنة الدولة قادرة حتى على صرف أجور موظفي الدولة، لولا المساعدات الآتية من أشقائنا بدول الخليج العربي.)
6. سياسة نقدية أقل تعسيرا: الاتجاه نحو تقليص أسعار الفائدة، خاصة على القروض الممنوحة للمقاولات.
(جميل أن تعمل السياسة النقدية على خفض معدلات الفائدة لأن ذلك من شأنه أن يشجع المقاولات على الاستثمار والنمو. إلا أن هذه السياسة النقدية المُيَسَّرَة هي في الحقيقة سيف ذو حدّين لأن خفض سعر الفائدة يضر بالادّخار، كما أن هذا التيسير النقدي غالبا ما تستفيد منه مقاولات أقل إنتاجية وتنتج سلعا وخدمات ذات قيمة مضافة هزيلة، مما يضر بالنمو الاقتصادي الكلّي؛ إضافة إلى أن مقاولات متعددة تطمح إلى إنتاج ذي قيم مضافة عالية، لكنها لا تتوفر على الضمانات اللازمة للحصول على القروض.)
7. تعزيز احترام المعايير الدولية المتعلقة بالمعاملات المصرفية: محاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والعمل على تمويل الاقتصاد الوطني.
(جميل أن يتطور القطاع المالي المغربي ومعه القطاع المصرفي بالخصوص؛ وقد لا يتناطح عنزان على أن هذا القطاع قد شهد فعلا تطورا ملحوظا، على الأقل بالمقارنة مع بلدان أخرى من العالم الثالث. إلا أنه يبقى من اللازم العمل على تعزيز قدرة هذا القطاع على المساهمة في تمويل المقاولات (Financement des entreprises)، خاصة تلك التي ينشئها الشباب.
كما يجب على صانعي القرار (Decisionmakers) العمل أكثر على محاربة غسيل الأموال الذي ما زال منتشراً في المغرب، وكذلك الحال بالنسبة لتمويل الإرهاب. ويذكرنا هذا الطرح بما ذهبت إليه الاقتصادية الانجليزية المعروفة "جوان روبنسون" (Joan Robinson) التي بينت الآثار الإيجابية للتنمية المالية (Financial Development) على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدان الغرب.)
8. تآزر البنك المركزي ووزارة المالية من أجل دعم الشمول المالي (inclusion financière): ويرمي هذا التآزر إلى امتصاص الفوارق بين فئات الشعب فيما يخص الاندماج في النظام المالي والنقدي الوطني.
(لا مناصّ من التذكير هنا أن الشمول المالي في المغرب ما زال ضعيفاً بالمقارنة مع بلدان في نفس درجة التنمية بالمقارنة مع المغرب. إن المجتمع المغربي ما زال يحوي فئات اجتماعية واسعة لا تتوفر حتى على حساب بنكي، مما يفسر ضعف معدل البنكنة (Taux de bancarisation)، ناهيك عن إقصائها من التعاملات المالية كالادخار والائتمان.)
9. مرور السنة الأولى من الانتقال التدريجي إلى مرونة نظام صرف الدرهم في ظروف جيدة: ويهدف هذا الانتقال إلى لتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته (compétitivité).
(جميل أن يتبنى البنك المركزي المغربي هذه المقاربة التدريجية (Gradual Approach)، عوض المجازفة في اتباع مقاربة صدماتية (Cold Turkey Approach) قد تعصف بالاقتصاد الوطني كما حدث لمصر التي شهدت معدلات تضخم مهولة كادت تغذي التوترات السياسية والاجتماعية (Tensions politiques et sociales)، لولا المساعدات الآتية من الخليج.
إلا أنه وجب التنبيه إلى أن المغرب مقبل على مزيد من التعويم لعملته الوطنية (Plus de flottement du --dir--ham)، مما يستدعي اليقظة والانتباه، طالما أن درجة التعويم القادمة ستكون أقوى، مما قد يؤدي إلى ضعف أخطر للعملة الوطنية (Dépréciation du --dir--ham)، وبالتالي إلى ضغوط تضخمية (Tensions inflationnistes) مرتبطة بارتفاع فاتورة الواردات المقومة بالدرهم (Importations libellées en --dir--ham)، وفي سياق يتسم بضعف العرض القابل للتصدير (Offre exportable).
10. عدم قدرة الاقتصاد الوطني على تلبية الانتظارات الاجتماعية: وهذا ما يستوجب مواصلة الإصلاحات وتحسين فعاليتها والعمل على تقليص تبعية الاقتصاد الوطني للتقلبات الداخلية والخارجية.
(جميل ان يعترف والي بنك المغرب أمام ملك البلاد أن الاقتصاد الوطني ما زال غير قادر على الاستجابة لانتظارات وتطلعات فئات واسعة من المجتمع المغربي، وأن قطار الإصلاحات الذي تم تفعيله ما زال معطَّلاً. إلا أنه من الضروري التنبيه إلى أن الفساد والمحسوبية ما زالا ينخران المجتمع المغربي رغم المجهودات التي تم بذلها، خاصة منذ نهاية الألفية الثانية وما صاحبها من مشاريع مهيكلة ضخمة (Grands projets structurants) وإصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية محترمة.
إن تنامي الفساد والمحسوبية لدليل قاطع على أن المؤسسات التي تم بناؤها لا تشتغل كما يجب، مما يعني أننا ما زلنا بعيدين عن دولة الحق والقانون (Etat de Droit)؛ وهذا ما يفسر بدوره تفاقم الفوارق الاجتماعية الغريبة وغير الطبيعية (Disparités sociales anormales). إن كل مجتمعات الدنيا تحوي فوارق اجتماعية من نوع أو آخر، إلا أن هذه الفوارق ليست كلها طبيعية. ففي العالم الراسخ في الديمقراطية ودولة الحق والقانون، تتساوى الفرص بحيث أن المجتهدين يتبؤون أعلى المناصب والدرجات، أما الآخرون فيكتفون بالأقل؛ وهذه هي العدالة الاجتماعية الحقيقية. أما عندنا، فالأمور تسير بشكل مقلوب، إذ تجد أناساً غير مؤهلين لمنصب معين، ورغم ذلك يقحمون فيه، بينما لا يبقى للمجتهدين إلا الفتات. إنه الظلم الاجتماعي بكل تجلياته.)
11. تأثر النسيج الإنتاجي بالمنافسة من لدن القطاع غير المهيكل وعدم ملاءمة مناخ الأعمال لانتظارات المقاولة:
(صحيح أن القطاع غير المهيكل (Secteur informel ) ينافس القطاع الرسمي منافسة شرسة؛ إلا أنه لا بد من الإشارة إلى أن القطاع غير المهيكل يعتبر في الحقيقة صمام أمان بالنسبة لفئات واسعة من المجتمع المغربي. وبهذا المعنى، لولا القطاع غير المهيكل لنزلت البلاد إلى أسفل سافلين، لأن هذا القطاع هو الذي يأوي ويشغل الكثيرين ممن لفظتهم المنظومة الاقتصادية الرسمية، وهو الذي يمكنهم من كسب قوتهم اليومي والانفلات من الحرمان والجريمة والإخلال بالأمن العام.
وفي هذا الإطار، وجب على صانعي القرار أن يعملوا على الإدماج التدريجي (Intégration graduelle) للقطاع غير المهيكل في النسيج الإنتاجي العام، عوض القيام بتدابير صدماتية مؤلمة قد تعصف بالسلم الاجتماعي (Paix sociale) وتؤجج التوترات الاجتماعية السياسية. أما بالنسبة لمناخ الأعمال (Business Climate)، فهو يرتبط بعوامل اقتصادية وغير اقتصادية، إذ لا يكفي أن تمنح الدولة تسهيلات ضريبية أو ائتمانية أو عقارية للمقاولة حتى تشجعها على الاستثمار والتشغيل والإنتاج؛ بل يجب كذلك العمل على خلق نظام لتكافؤ الفرص (Egalité des chances) بين المقاولات بعيداً عن كل محسوبية.
وللأسف، يلاحظ مثلاً أن اشتغال نظام الصفقات العمومية (Marchés publics) في المغرب فيه الكثير من الظلم في سياق توزع فيه المشاريع على معارف الجهاز الإداري وعلى من يؤدي البقشيش الأوفر.)
12. منظومة تربوية-تعليمية غير ملائمة: إصلاح تعليمي يعاني تفعيله من الحسابات السياسية الضيقة، في عصر الثورة الرقمية.
(لا شك أن معضلة المغرب الكبرى في القرن والواحد والعشرين تتمثل أساسا في المرض المزمن الذي يعاني منه قطاع التربية والتعليم، بل علينا أن نجزم أن منظومتنا التعليمية تعيش موتاً سريرياً (Mort clinique). سئل رئيس وزراء فنلندا يوما عن التعبير بثلاث كلمات أساسية (Three key words) عن التقدم المبهر لبلاده رغم عدم توفرها على أي مورد طبيعي استراتيجي (Ressource naturelle stratégique) من قبيل النفط والغاز، فأجاب بكل تلقائية: "التربية، التربيةK التربية !!!".
لا يتناطح عنزان على أن هذا الجواب فيه كثير من الحقيقة، ما دامت التربية هي أساس نهضة الأمم في كل مناحي الحياة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا. وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن المغرب صاغ ونفذ قطارات طويلة من الإصلاحات في هذا المجال دون الوصول إلى المبتغى، وذلك رغم ضخامة الأموال التي تم صرفها والتجارب الإصلاحية المختلفة التي طبقتها الحكومات المتعاقبة على أبنائنا منذ الاستقلال. على العموم، يبدو أن نظامنا التربوي يعاني من مرضين خطيرين: مضمون تعليمي متخلف ومنهجية تربوية موغلة في السكولاستيكية (Scholastique)، بحيث أن مخرجات (Outputs) المنظومة لن تكون على العموم إلا كائنات أجهل مما كانت قبل ولوج المدرسة.
ولهذا، فإن إصلاح نظامنا التربوي يستدعي مراجعة المحتوى الملقن للمتعلمين مع توضيح الأهداف المرجوة من عملية التعليم والتعلُّم وتجنب اجتراء المصطلحات والإفراط في الاعتماد على الذاكرة عوض المادة الرمادية للمخ (Matière grise)؛ كما يستوجب هذا الإصلاح مراجعة مناهج التدريس وإعادة تكوين المؤطرين والمعلمين والأساتذة: ولو بالاعتماد على كفاءات أجنبية من بلدان يشهد لها العالم بتطور منظومتها التربوية-التعليمية. وفي كل الحالات، يبقى نجاح إصلاح النظام التربوي رهينا ليس فقط بالإرادة السياسية (Volontarisme politique)، بل بإرادة كل الأطراف أُسَراً ومتعلمين ومؤطرين ومعلمين وأساتذة وإداريين، مما يستدعي التوفر على كفاءات قادرة على التنسيق بين كل الفاعلين (Coordination des acteurs).
13. لا لسياسة مالية توسعية (politique budgétaire expansionniste): قد يبدو للبعض أن سياسة مالية توسعية تعد حاليا من الضروريات، وذلك في سياق يتسم ببطء النمو الاقتصادي؛ إلا أن انفجار المديونية العمومية (Explosion de la dette publique) يستدعي المزيد من اليقظة عوض المغامرة في المزيد من الديون.
(صحيح أن المديونية العامة في المغرب شهدت في السنوات الأخرية تفاقما خطيرا قد يستدعي اللجوء إلى برنامج تقويم هيكلي جديد (Nouveau programme d’ajustement structurel)؛ إلا أنه وجب التنبيه إلى أن الإشكالية لا تنحصر في قيمة الديون العمومية في حد ذاتها، بل في نوعية المشاريع التنموية التي تمولها تلك الديون، وبالتالي في قدرتها على خلق قيم مضافة، بحيث أن الدولة مدعوة من حين لآخر إلى الاستدانة داخليا وخارجيا إذا رأت أن ذلك من شأنه أن يطور الاقتصاد الوطني مع مراعاة درجة استدامة الدين (Soutenabilité de la dette)، وذلك بالاعتماد على المقاربات العلمية المتوفرة في هذا الشأن، وخاصة المقاربة المحاسباتية للاستدامة المالية (Approche comptable de la soutenabilité budgétaire) ومقاربة إكراهات إالقيمة الراهنة للاستدامة المالية (َApproche de la contrainte de la valeur actuelle).
14. ضرورة استكمال إصلاح صندوق المقاصة ونظام التقاعد: ويرمي هذا الإصلاح إلى تخفيف الفوارق الاجتماعية ومحاربة الهشاشة والفقر والإقصاء الاجتماعي.
(صحيح أن نظامي المقاصة (Compensation) والتقاعد (Retraite) في المغرب يحتاجان إلى إصلاح شامل؛ إلا أن إصلاحهما ليس سهلا كما يعتقد الكثيرون، وذلك لحساسيتهما الاجتماعية المفرطة (Forte sensibilité sociale) وإمكانية تلاعب فئات واسعة من المجتمع بنظام مقاصة (Système de compensation) يرمي بالأساس إلى الاستهداف الاجتماعي-الاقتصادي للفئات المُعْوزة. وفي هذا الإطار، يمكن الاستفادة من تجارب بلدان أخرى في هذا المجال من أمثال البرازيل والهند.)
15. ...ونبقى مع ذلك متفائلين: رغم كل التحديات، يحظى المغرب حاليا باحترام متميز على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما يستدعي الحفاظ على هذا الوضع من أجل تعزيز النمو الاقتصادي والتشغيل، وذلك بتظافر جهود جميع الأطراف والأطياف، بعيداً عن الحسابات الشخصية والحزبية...
(صحيح أن المحيطين الإقليمي والدولي ما زالا ينظران إلى المغرب بشيء من الاحترام، على الأقل بالمقارنة مع البلدان المجاورة. ويعود هذا الاحترام أساسا إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجريئة التي أقدم عليها المغرب، خاصة منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، والتي توصف بأنها الأعمق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رغم عدم استكمالها كما يجب. وفي هذا الإطار، نتمنى صادقين أن تُراجَعَ تلك الإصلاحات ورفعها إلى درجة مُثْلى (Niveau optimum)؛ وذلك خدمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والانتقال الديمقراطي الصحيح (Véritable transition démocratique)، عوض ديمقراطية الواجهة (Démocratie de façade).
ونختم في هذا الصدد بمقولة للكاتب الفرنسي Daniel Viegneron، والمقتبسة من مقاله المنشور على الموقع الفرنسي http://www.slate.fr (25 يوليوز 2019)، تحت عنوان "Entre progrès et conservatisme, retour sur les 20 ans du règne de Mohammed VI"، والذي يساير في مجمله تفاؤلنا بالنسبة لمستقبل المغرب:
"En vingt ans de règne de Mohammed VI, le Maroc a fait preuve d un singulier volontarisme touchant l ensemble des aspects du développement d une nation. --dir--e que la majorité de la population en a ressenti tous les effets positifs serait, à ce stade, fallacieux. Mais l on doit reconnaître que les conditions d un vrai décollage économique et social sont désormais largement réunies".
حرر بمراكش (المغرب)، يومه الإثنين 29 يوليوز 2019.
د, ابراهيم منصوري، أستاذ العلوم الاقتصادية، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية،
جامعة القاضي عياض، مراكش، المغرب. البريد الإليكتروني: [email protected]
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل للآداب 20
.. إعصار ميلتون -الخطر للغاية- يجتاح سواحل فلوريدا ويخلف قتلى و
.. المستشار الألماني يعلن عن تسليم مزيد من الأسلحة لإسرائيل
.. صحيفة لوموند: غضب بايدن من نتنياهو لم يترجم إلى أفعال
.. مبعوث صيني: غزة جحيم حقيقي وعلى إسرائيل وقف حربها ضد المدنيي