الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الإطعام القسري

عبد الرحمن علي غنيم
كاتب وباحث

(Abdulrahman Ali Ghunaim)

2019 / 8 / 1
دراسات وابحاث قانونية


إن المصادقة على قانون الإطعام القسري تهدف إلى المساس بالحقوق المشروعة للأسرى الفلسطينيين والمنصوص عليها في اتفاقيات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الاعتراف بمكانتهم كأسرى حرب ومكافحين من أجل الحرية وسائر حقوقهم الصحية والغذائية والتعليمية، بالإضافة إلى حقهم بالحصول على المحاكمة العادلة، وحقهم في الزيارات العائلية واحترام كرامتهم الإنسانية، كما أن تمرير هذا القانون بحجة حماية حياة الأسرى المضربين عن الطعام ما هي إلا استمرار لسياسة التعتيم والخداع التي تمارسها دولة الاحتلال، وهي محاولة فاشلة تكشف عن الأساليب التي يستخدمها الاحتلال في قتل وتعذيب الأسرى الفلسطينيين .
جاء قانون الإطعام القسري بهدف منع إطلاق سراح المعتقلين الإداريين ومنع الخضوع لمطالب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال؛ حيث اعتبرت مصلحة السجون الإسرائيلية إضراب المعتقلين الإداريين عن الطعام يأتي بهدف الضغط عليهم، وأنهم سيتسببون بحدث معين يحرك السكان المحليين في البلاد، وبذلك تستجيب دولة الاحتلال لمطالبهم وينتهي اعتقالهم، ومن ناحية أخرى فإن موت أسير مضرب عن الطعام سيخلق انتفاضة شاملة في إسرائيل وفي الضفة الغربية، لذلك لجئت إسرائيل إلى الإطعام ألقسري .
ولقد أقرت الحكومة الإسرائيلية قانون الإطعام القسري أو التغذية القسرية يوم 30/ 6/ 2015م، وذلك لمواجهة أي أسير مضرب عن الطعام، واستخدامه أداة لكسر الإضراب على الرغم من الإدانات الواسعة والكبيرة التي واجهت هذا القانون؛ حيث يعتبر قانون مخالف للقانون الدولي الإنساني وللأعراف الطبية والأخلاقية .
ويعرف الإطعام القسري أو التغذية القسرية بأنه: إطعام الشخص رغماً عنه وعادة ما تتم من خلال أنبوب يدخل عن طريق الأنف ليصل إلى المعدة عن طريق المريء، ويمكن أن يتم الإطعام القسري من خلال إعطاء المغذيات عن طريق حقن الوريد بها، أو إدخال الطعام إلى المعدة عن طريق عمل فتحة في جدار البطن الخارجي للوصول إلى المعدة، علماً بأن جميع الطريق المذكورة تسبب ضرراً في الأنسجة المحيطة وألماً شديداً والتهاب حاداً .
والإطعام القسري يستخدم لكسر عزيمة المضرب وكسر إرادته وبالتالي كسر الإضراب، لذلك يعتبر الإطعام القسري شكل من أشكال التعذيب واختراق حرمة الأسير، مما أدى إلى إدانة هذه السياسة من قبل اللجان والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان غير التابعة للأمم المتحدة، واعتبر الإطعام القسري إجراء قسري ومهين وغير إنساني .
ولقد أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر معارضتها للإطعام القسري وشددت على ضرورة احترام حرية المحتجزين والحفاظ على كرامتهم الإنسانية، ويتفق موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع موقف الرابطة الطبية العالمية الذي تم الإعلان عنه في إعلاني مالطا وطوكيو المنقحين في عام 2006 والذي ينص على أن" كل قرار يتم بشكل غير إرادي وتحت التهديد والإلزام هو عديم القيمة الأخلاقية؛ حيث لا يصح إلزام المضربين عن الطعام بتلقي علاج يرفضونه واعتبار الإطعام الإجباري لمن يرفضه بأنه عمل غير مبرر، كما يجب على الأطباء حماية المضربين عن الطعام من أي إجبار، بالإضافة إلى ذلك فإن أي إطعام يصاحبه التهديد أو الإلزام يعتبر شكل من أشكال التعامل المذل واللا إنساني" .
ووفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني، فإن استخدام التغذية القسرية أو التهديد باستخدامها تدخل ضمن الأعمال غير القانونية أو أي إجراءات قسرية أخرى تُتـخذ ضد السجناء المحتجزين الذين يلجئون إلى وسائل سلمية للاحتجاج؛ حيث يحق للسجناء الإضراب عن الطعام، شأنهم في ذلك شأن أي أفراد آخرين، كما يحق لهم اللجوء إلى وسائل الاحتجاج السلمية، وينبغي التعجيل بتوجيه تهمة للموقوفين الإداريين أو الإفراج عنهم، وقد أُبلغت اللجنة الخاصة أن من يوضعون رهن الاحتجاز الإداري في إسرائيل يُحتفظ بهم دون توجيه تهمة إليهم أو محاكمتهم، على أساس أدلة سرية في غالب الأحيان، وذلك لفترات تصل إلى ستة أشهر، وقابلة للتجديد مرات غير محدودة .
و توصل الباحث إلى أن الإطعام القسري وسيلة تستخدمها إسرائيل نتيجة الإضراب الذي يلجأ إليه الأسرى نتيجة لسياسة الاعتقال الإداري التي تنتهجها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني؛ حيث أن مصادرة حرية الإنسان دون وجه حق ولمدة غير معلومة تدفع الأسير للإضراب المفتوح عن الطعام كوسيلة للضغط على دولة الاحتلال لتلبية مطالبه التي هي بالأساس حق مشروع له، وحتى لا تستجيب إسرائيل للضغوطات التي يمارسها الأسرى المضربين قامت بالمصادقة على قانون الإطعام القسري.
كما أن المبررات التي جاءت بها إسرائيل من أجل هذا القانون وأنه بدافع الحرص على حياة الأسرى المضربين عن الطعام هي تبريرات عارية عن الصحة، فلو كانت إسرائيل حريصة حقاً على مصلحة الأسرى فهناك خيارات كثيرة لمنع إضرابهم عن الطعام كتغيير سياسة الاعتقال الإداري المخالف لأحكام القوانين الدولية، والكف عن توقيف الأسرى بدون محاكمات، وإعادة النظر بأوضاع السجون وظروف الأسرى والاستجابة لمطالبهم الإنسانية.


قائمة المصادر والمراجع
• الجمعية العامة للأمم المتحدة. تقرير اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة، الدورة السبعون، 2015.
• ران غولدشتاين، قانون الإطعام ألقسري غير أخلاقي ومخجل، صحيفة الحياة الجديدة، عدد( 7076)، 2015.
• سامي جنازرة، تصريح صحفي لرئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين يحذر فيه من استخدام التغذية القسرية بحق الأسير الفلسطيني المضرب عن الطعام، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2016.
• كامل ناطور،معلومات أساسية عن الإطعام القسري، وكالة معاً الإخبارية، رام الله، 2015، متاحة على الرابط التالي: http://www.maannews.net/Content.aspx?ID=791537
• مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان. الفرق بين التغذية القسرية والعلاج ألقسري، رام الله، 2016.
• مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان. مشروع التغذية القسرية تأكيد على استمرار الاحتلال في التعذيب، رام الله، 2015.
• مؤسسة الضمير لرعاية حقوق الأسير وحقوق الإنسان. المصادقة على قانون التغذية القسرية يصرح للاحتلال قتل الأسرى الفلسطينيين، رام الله، 2014.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم




.. كل يوم - خالد أبو بكر يعلق على إشادة مقررة الأمم المتحدة بت


.. حاكم ولاية تكساس يبدل رأيه في حرية التعبير في الجامعات: المت




.. الأخبار في دقيقتين | مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش غزو رفح ومف