الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الصحافة ووسائل الإعلام المغربية: نحو تنامي ظاهرة التشهير

رضى حليم
باحث وصحفي مغربي

(Rida Halim)

2019 / 8 / 1
الصحافة والاعلام


إنّ عماد أي تحول ديموقراطي؛ رهين بوجود إعلام حر ومتعدد، يتم التعبير من خلاله عن كل الأفكار والآراء والتوجهات المحلية والدولية. وتكون الدولة الضامن الأول والكفيل بتفعيل مبدأ المساواة وتشجيع التعددية والتنوع والشفافية، والدفاع عن الإعلاميين والمثقفين والمبدعين، في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني... عن طريق هيئات ومجالس مستقلة تنظم ذاتها بذاتها بعيدا عن أي تأثير سياسي أو اقتصادي ...تمارس هذه السلطة صلاحيتها بكل استقلالية عن طريق (التقرير والاستشارة والرقابة)، دون تدخل من أي جهة من شأنها أن تؤثر على أعضائها أو أنشطتها.
فلما وجدت بعض الوسائل الصحافية والإعلامية بمختلف أجناسها مجموعة من المشاكل والإكراهات التي يعاني منها القطاع على جميع المستويات والأصعدة، وخصوصا تلك التي من قبيل: سياسات القمع ومحاكمة أصحاب الرأي، وقلة التمويل المادي ونذرته...كل هذه العوامل وأخرى، أدت إلى انتشار مجموعة من المواقع الإلكترونية الصحفية والإعلامية، مستغلة في ذلك ازدياد عدد كبير من الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية الذين يتوفرون على الحواسيب والهواتف الذكية، لكي تمارس ما يسمى بظاهرة "التشهير"، ضاربة عرض الحائط كل المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة، وعلى التقيد بميثاق أخلاقيات المهنة والقوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولتها، وضمان وحماية حق المواطن في إعلام صادق ومسؤول، وتتجلى هذه الممارسات والأفعال الدنيئة من خلال ما يلي:
التشهير بأشخاص من عامة الناس مستغلة بذلك فقرهم وعدم وعييهم بما ينطقون، وجعلهم يُنظرون ويتفقهون في مواضيع علمية وأكاديمية تعلوا على مستواهم الفكري والعلمي والأكاديمي.
وكذلك تحوير أقوال مجموعة من الصحفيين والأكاديميين ورجال الأعمال ومنظمات حقوق الانسان، تصل إلى درجة تلفيق التهم إليهم بطريقة مباشرة؛ كطريقة لاصطيادهم واستدراجهم نحو نفي أو تأكيد ما نسب إيهم من تلفيقات وتهم، بذلك تكون قد استفادت من أكبر نسب القراءة والمشاهدة التي قد تدر عليها في بعض الأحيان أموالا طائلة.
وكذلك، إشاعة حقائق وافتعال أخرى حول مجموعة من الباحثين ذوي النزعات النقدية واليسارية اتجاه النظام الاجتماعي والسياسي والثقافي السائد وذلك حتى يتسنى لها صناعة رأي عام ثائر ضد التنظير والتغيير الذي يدعوا له هؤلاء، والذي قد يكون في بعض الأحيان لا يخدم مصالح مجموعة من الأشخاص والأنظمة السائدة في المجتمع.
وإذا كان الدستور المغربي الجديد (2011) قد عرض في ديباجته مجموعة من الحقوق وربط ممارستها بالقوانين التي تنظمها، وخصوصا تلك التي تتعلق بقطاع الصحافة والإعلام بمختلف أجناسها، كضمانات دستورية وقانونية جديدة تعاقب على المس بالحياة الخاصة للأفراد والتشهير بهم، وكذلك القانون الجنائي الذي يجرم في بعض فصوله مثل هذه الأفعال الدنيئة، بالإضافة إلى قانون الصحافة والنشر المغربي، والمجلس الوطني للصحافة، و النظام الأساسي للصحفيين المهنيين، والهيئة العليا لاتصال السمعي والبصري، وكذلك الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية - كلها تدعوا إلى احترام حرية الفكر والرأي والابداع... والأخلاق العامة في المجتمع.
لكن يجب التنبيه هنا إلى أن حرية النقد وحرية الرأي والتعبير كلها مضمونة وتكفلها كل الدولة الديموقراطية إذا كانت صحيحة وتمس الشيء العمومي( كما هو الشأن بالنسبة لبعض الأجناس الصحفية التي تمارس مهمتها ورسالتها بمواصفات مهنية متقدمة من حيث البحث عن الخبر والقيام بتحقيقات نقدية حول: الفساد السياسي، واقع الأحزاب السياسية، الواقع الاجتماعي والثقافي للأفراد، وانتهاكات حقوق الانسان...) - لكنها تنتهي عند المس بحياة وحرية الآخرين، وخصوصا إذا تعلق الأمر بالتشهير بالأشخاص وتلفيق التهم إليهم وتقديم معلومات غير صحيحة وإشاعة حقائق غير موجودة في الواقع، والمس بالشرف والكرامة والاعتبار في المجتمع – بهدف الربح السريع. أو خدمة أجندات معينة لها أهداف أو مصالح انتقامية من وراء تلك الأفعال والممارسات الدنيئة، أو محاولة التأثير السلبي على الوعي الاجتماعي، وصناعة رأي عام معين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة