الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيد شياطين الأنس والعدالة

بشرى العزاوي

2019 / 8 / 1
دراسات وابحاث قانونية




لم يكن أتباع ابليس وحدهم من يكيدوا للبشر، بل هناك من ابناء ادم من غلبوا الشياطين بكيدهم ومكرهم للآخرين, وتجاوزا كل الاخلاقيات الصحيحة الطيبة المعروفة في المجتمع من اجل غايات في انفسهمـ ولكي يشعروا بملذة الانتقام بكيدهم ومكرهم، ونسوا عدالة الله وحسابه، ومكره أولا، حيث وعدهم في كتابه الكريم بالتدمير، حين قال في سورة النمل : (( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(50) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ(51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(52) )). وقال تعالى في سورة الطارق : (( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17) )).. وفي السنة النبوية، ذكر حديث لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يبين عقوبة الذي يكيد لأخيه الإنسان، حين قال (من بهت مؤمناً او قال فيه ما ليس فيه أقامه الله تعالى يوم القيامة على تل من نار حتى يخرج مما قال فيه )، صدق رسول الله، فالعقوبة الالهية شديدة، وعدالة الله ستتحقق في الدنيا وفي الاخرة يوم الحساب، فلا مفر للظالم، فسبحانه تعالى يمهله ولا يهمله .
أما العدالة البشرية، فإنها متحققة، حيث سيحاسب كل من ادعى بدعوى كيدية على أحد، وحسب القوانين النافذة، فليس هناك فقط عدالة إلهية، بل هناك ايضا عدالة القانون، فالدعاوى الكيدية محرمة شرعا وقانونا، لما تسببه من ضرر نفسي وجسدي، فالمشرع العراقي عمل جاهدا للحد من هذه الظاهرة وتأثيراتها السلبية على وجه العدالة، ففي الجانب المدني نص قانون الاثبات العراقي في المواد (37 ، 38، 25) منه - اضافة الى ما جاء بالمادة (5) منه– الى نبذ كل تصرف او سلوك يدخل في اطار الادعاء او الدفع الكيدي الكاذب، كما منح الخصم المتضرر من هذا الادعاء او الدفع الكاذب الحق في طلب التعويض، حيث نصت المادة (37) منه ( اذا انتهت المحكمة الى ثبوت صحة السند ورفضت الادعاء بالتزوير، حكم على مدعي التزوير بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار تتحصل تنفيذاً، ولا يخل ذلك بحق المتضرر في طلب التعويض ... الخ ). اما المادة (38) فقد نصت ( لمن يدعي تزوير سند ان يتنازل عن ادعائه، وفي هذه الحالة لا يحكم عليه بالغرامة المنصوص عليها في المادة السابقة، إلا اذا ثبت للمحكمة انه لم يقصد بادعائه إلا مجرد الكيد لخصمه او عرقلة الفصل بالدعوى ) . اما قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، فقد افرد فصلاً كاملاً منه عن الاخبار الكاذب والإحجام عن الاخبار، وتضليل القضاء، وهو الفصل الثاني من الباب الثاني في المواد من 243-250، حيث نصت المادة (243) . ( كل من اخبر كذباً احدى السلطات القضائية او الادارية عن جريمة يعلم انها لم تقع او اخبر احدى السلطات المذكورة بسوء نية بارتكاب شخص ما جريمة مع علمه بكذب اخباره او اختلق ادلة مادية على ارتكاب شخص ما جريمة خلاف الواقع او تسبب باتخاذ اجراءات قانونية ضد شخص يعلم براءته، وكل من اخبر السلطات المختصة بأمور يعلم انها كاذبة عن جريمة وقعت، يعاقب وقعت يعاقب بالحد الأقصى لعقوبة الجريمة التي أتهم بها المُخبر عنه إذا ثبت كذب أخباره وفي كل الأحوال أن لا تزيد العقوبة بالسجن عشر سنوات ). أما المادة (248) فنصت على ( يعاقب بالحبس والغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين كل من غيّر بقصد تضليل القضاء حالة الاشخاص او الاماكن او الاشياء او اخفى ادلة الجريمة او قدم معلومات كاذبة تتعلق بها وهو يعلم عدم صحتها )، فالمشرع العراقي شعر بخطورة هذه الجرائم التي تضلل القضاء، لذا وضع عقوبات صارمة لمرتكبيها وسمح للادعاء العام والقضاء تحريك الشكوى ضد مرتكبي جرائم الاخبار الكاذب، حتى إن لم يقم المجنى عليه شكوى او من يقوم مقامها قانوناً، لكونها من الجرائم التي تضر بسير العدالة.
فالدعوى الكيدية من الدعاوى التي تمس كرامة وحرية المواطن، ولابد من الحد من هذه الجرائم بمساعدة الجميع بدءا من ضابط التحقيق، فعليه التأكد من الاخبار الكاذبة قبل تدوينها، وكما للسادة قضاة التحقيق دور كبير في كشف الحقائق والظلم والكيد الذي يلحق بالأبرياء وتطبيق القانون، فنرجو منهم ان لا يصدروا أوامر القبض او الاستقدام إلا بعد اكتمال جمع الادلة والتثبت من صدقية الشكوى او الاخبار وتوظيف الخبرة والحكمة القضائية في هذا المجال، فهناك أبرياء، وخصوصا من كبار السن المرضى، يصدر بحقهم امر استقدام، وهذا يؤثر سلبا في صحتهم وحالتهم النفسية وهم ابرياء من التهمة الكيدية التي نسبت اليهم من شياطين الانس والتشهير بهم، والإساءة الى سمعتهم، وربما يكون هو الهدف الذي قصده المخبر او المشتكي، فلنعمل ونتعاون جميعاً من اجل الحفاظ على كرامة وحرية المواطن واحترام حقوق الإنسان، وأخيرا اوجه شكري وتقديري الى قضاة التحقيق النزيهين الذين يسعون الى تحقيق العدالة، وأيضا الى مدراء مراكز الشرطة الذين يتعاملون بإنسانية مع الابرياء الصادر بحقهم امر استقدام او قبض من اناس لا تخاف الله بلا ذمة ولا ضمير، وكل من يسعى الى تحقيق العدالة ونصرة المظلوم ومحاسبة كل من يسيء للآخرين بتهم كيدية او يلحق الضرر بحياتهم واستقرارهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا