الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغَط الكمَنْجَات القديمَة...!

ادريس الواغيش

2019 / 8 / 1
الادب والفن


قبل أيام قليلة فقط، اكتشفت بالصدفة أن بطاقتي الوطنية انتهت صلاحيتها الإدارية عمليّا، أو انتهى أجلها بالمعنى العام دون أن أنتبه إلى انقضاء عُـمْرها البيولوجي المفترض.
قلت: فليكن، هَـا عشر سنوات قد مرّت من عُمري في رمشة عين، لكن لا بأس، هي فرصة أخرى، لأجدّد صلة الـرّحم مع "أحْـبَابي" المُوَظفين في الكثير من الإدارات: قسم الشرطة، مركز البريد، الملحقة الإدارية والمديرية الإقليمية طلبا لشهادة العمل ليكتمل الملف، وأختبر في نفس الوقت "الكفاءات" الوطنية في إدارة المغرب الجديد، الذي ينادي به جلالة الملك محمد السادس في خطبه الرسمية مع كل مناسبات وطنية مهمة.
كل هذه المَطاوف، من أجل تمديد عُمْر بطاقة التعريف الوطنية، عملية قد لا تكلفك أكثر من تقديم نفسك أمام آلة "رُوبُـوت" أو مُوَظف بسيط في أوربا "الكافِـرَة"، في موقف طريف، سهل ومرن، حكى لي عنه بعض الأصدقاء المقيمين في المهجر، كما لو أنهم يتحدثون عن مشاهد من فيلم رومانسي. سيبدأ مشوار الاحتيالات من الاستوديو، الذي أصرّ مالكه على استخراج ثمان صور بالكامل، بدعوى أن "الماكينة" لا يمكنها استخراج عدد أقل. في مركز البريد، سيطلب مني الموظف مبلغا بين الـ 200 والـ 250 درهم من أجل إرسال كتابين للعراق، وما قدره خمسة وعشرون درهما تكلفة إرسال كتاب داخل المملكة، فكان لزاما أن آخذ طاكسي صغير متجها لوكالة بريدية أخرى، ليصبح ثمن الإرسالية إلى العراق 52 درهما و5 دراهم داخل البلد.
هكذا وجدت في إدارة بلادي أناسا مُتجهّمي الوُجوه، كأن الابتسامة رأت علامة المنع أمام وجوههم، فتجنبتهم وانصرفت لجهات أخرى، موظفون خالدون في مكاتبهم، يصلون كلما علا الآذان صوامع المساجد المجاورة ويأكلون أكثر، لكن يعملون بشكل أقل...!.
فلا الحاجّ حاجّا،
ولا المُواطن وَطنيّا
ولا الشعبُ شعبًا
ويصبح الحديث عن تحديث الإدارة وما بعد الحداثة فيها، من الأمور السوريالية في بلد لازالت إدارته تمشي عكس توجهات ملك البلاد وطموحات شعب بأكمله، يكفي أن تنصت قليلا إلى نبض المواطنين بلغتهم اليومية أو بلغات أخرى بالنسبة للمهاجرين في ديار الغربة، لتعرف حجم معاناتهم مع الإدارة المغربية وموظفيها.
من الصباح حتى ما بعد العصر، لم أقض غرضا واحدا ممّا خرجت من أجله، وقد ضاعت مني أكثر من 100 درهم ما بين سيارات الأجرة والانتظارات في المقاهي، وبذل جهد أكثر من اللازم في الوقوف تحت الأشجار أو متكئا على الحيطان في حالة العَـياء.
سمعت لغات خشب قديمة، مللنا من سماعها منذ الصغر:
- " السيستيم" système خاسر، مشى، ضايع، طافي...!!.
لكن ما أن رجعت بعد لحظات دون قصد، حتى وجدته قد رجع إلى العمل، أحجية ذكرني بـ"أغنية" قديمة كنا نسمعها في الإدارة المغربية من الموظفين كلما همّوا بالانصراف:
- "راه داكشي من عندهوم"، يقصدون الدار البيضاء إن تعلق الامر بما هو بنكي أو مالي، أو الرباط إن كان الأمر يتعلق بما هو إداري، وهاهم قد وجدوا ضحية جديدة سموها (السيسطيم واقف - système) أو "مكينش اللي يْـسْني".
وقد تسمع أيضا أغنيات عافتها الكمَنجات القديمة، "الورقة واجدة، لكن اللي يْسْني مكاينش"، حين تسأل عن هذا الذي سيمضي عليها، تعرف أنه "السيد القائد"، وهو الآن في عطلة ومن حقه ذلك كمواطن، لكن من ينوب عنه؟، هنا لا تعرف، لكنهم حملوهم (يقصدون الوثائق) في السيارة إلى وجهة مجهولة، ليمضيها من ينوب عنه...!.
من هو هذا الهُـوَ؟ الله أعلم، وكأن الامر يتعلق بسر من أسرار الدولة العميقة.
ماذا أقول، وقد أشفقت على وطن نريد له أن يكون في الأعَالي وأولى المراتب فيما هو أجمل طبعا؟، "كاسك يا وطن"، في انتظار كفاءات وطنية جديدة، تخلصنا من" لغط الكمَنجات القديمة"، أعني ممّا نحن فيه من رداءة إدارية...!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث