الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق التوضيح الشخصية الواحدية والاجتزاء المقصود

علي لفته سعيد

2019 / 8 / 3
الادب والفن


نشر الصديق الروائي والناقد حسن السلمان مشكورا مقالا عن روايتي ( السقشخي ) في موقع الحوار المتمدّن، والذي حمل عنوان
(الشخصية الثابتة في رواية " السقشخي" ) والذي قد لا يكون مقاربة نقدية بقدر ما هو رأي شخصي لرواية عدت ناجحة من قبل الكثير من النقاد العرب والعراقيين الذي تناولوا بالإيجاب والسلب الرواية من العديد من الجوانب لكن بصورة متكاملة وغير مجتزأة.
وحتى لا يكون التوضيح عبارة عن حقّ الرد المرهون بردّة الفعل، لأن المقال لم يوضح شيئا إلّا وجهة نظر الناقد بما يريد قوله.. فهو قد جاء بنحو 621 كلمة فيها مقدمة من 360 كلمة فيما كانت 261 كلمة هي من حق الرواية.. وهو ما يعني أن عملية سكب المعلومة منوط بأهمية المقدمة أكثر من أهمية العوامل النقدية التي جاء بما تبقى من المقال، الذي يفترض بما حملته الرواية من نقاط يلتقطها الناقد لكي يكون المقال مستوفيا لشروط النقد، ولذا سيكون التوضيح مقرونا بما جاء من عبارة وردا في المقال بعد ان انتهى من المقدمة الطويلة (انطلاقاً من هذه الفلسفة الانهزامية تمضي شخصية " السقشخي " على وتيرة واحدة، ونسق بعينه بين الاحداث السياسية والاجتماعية المدوية التي مرت على العراق من دون تحولات، أو منعطفات جذرية على مستوى الجانب الشخصي حيث تبقى مراوحة في مكانها على الرغم من تعرضها للاعتقال والتعذيب داخل العراق بتهمة باطلة ) وهي جملة أعتقد أنها لبّ المقال الذي شرح الرواية من خلال رؤيته للشخصية الرئيسية التي عدّها جامدة ولها وتيرة واحدة من تحولات جذرية .. وهنا أعود الى المقدمة وأقول، إن الشخصية الرئيسية لا تعني إنها الشخصية الواحدية التي تأخذ على عاتقها الولوج في عالم الفكرة أو الحكاية أو الثيمة أو القدرة السردية، بقدر ما هي الدائرة التي تنطلق منها جميع الشخصيات الأخرى التي ترتبط بالمكان والزمان واللعبة السردية في بنائها الكتابي .. بمعنى انها شخصية محورية تقع في مركز الدائرة.. ولهذا فإن سلخ الشخصية لوحدها وعدّها غير متطورة وثابتة ونمطية دون الإمساك بالخيوط الأخرى أو ربطها مع الشخصيات الأخرى يكون إجحافا بالرواية كلها، ويكون الكلام بهذا الاجتزاء رؤية مسبقة ولها غاية محدّدة، لأن من يقرأ المقال والكثير منهم لم يقرأ الرواية وبالتالي إعطاء هكذا اجتزاء سيكون مؤثّرا على المتلقّي الآخر لأنه سيقول كيف أقرأ روايةً فيها شخصية نمطية لم تتطوّر مع الأحداث التي سردها وهي أحداث متنوعة مختلفة وزّعتها الشخصية الرئيسية التي هي فنّان ومدرس، وهو معادل موضوعي للواقع العراقي ما بين السلطة والقاع.
إن الشخصية الرئيسة لا تبنى بحسب ما يريد الآخر بقدر ما تريده الثيمة من جهة واللعبة السردية من جهةٍ أخرى، ولهذا تتنوّع الشخصيات بحسب الحركة داخل الدائرة التي توزّعها الشخصية الرئيسة، وهناك العديد من الروايات العالمية والعربية والعراقية التي انتهجت هذا المنهج في الكتابة لتطوير الصراع موزّعا على الشخصيات المرتبطة بالشخصية الرئيسة الأدوار الأخرى التي تعطي تطوّرا للحدث أكثر من انتباهها لتطوّر الشخصية ذاتها، خاصة وإن الثيمة اعتمدت على محاولة جعل السؤال ينطلق من مكمنه الاجتماعي الى واحته الفلسفية، وهو ما أفعله في أغلب رواياتي.. لذا يمكن القول إن شخصية ( ماجد ) في الرواية وهي التي قصدها بالسقشخي، ليست منفصلة عن الشخصيات الأخرى، بل هي مرتبطة بها ولا فائدة من وجودها دون وجود الآخر معه ومعهم.. ثم إن النمطية لا يمكن الرهان عليها في مثل هذه الإجتزاء الذي تفنّده الرواية حين تتحوّل الشخصية من مدرّس وفنان الى سجينٍ سياسي الى هارب الى الأردن ومن ثم الى لبنان ومن ثم الى أمريكا، ويصادف وجوده في لحظة ضرب برجي التجارية العالمي واعتقاله ايضا وهي معادل موضوعي آخر للرواية على ما يلاقيه العراقي عبر التنقّلات العديدة في الزمان والمكان.. ولهذا نرى التحوّلات ليس على المستوى السلوكي الفردي، بل على المستوى الفكري لجميع شخوص الرواية التي لم يتم ذكرها، لأنه استفاد كثيرا من اعتقاله العراقي في ممارسة قّوته في اعتقاله الأمريكي.. وهو هنا يرسم خطّا موازيا للرفض على العكس من ( الجبن) الذي كان عليه في العراق كما أورد الناقد جزءا من الحوار الذي يفضي الى عدم التدخل أو ما أسماه بالانهزامي.. ومن ثم العودة الى العراق بعد تغيير النظام ومواجهته للمتغيّرات التي حصلت، وايضا فضح عملية سرقة الأرشيف اليهودي من مدينة سوق الشيوخ المخفي في الكنيس الموجودة لحد الان.
إن الشخصية لا تعني أنها الوحيدة الواحدية لكي نعمل على مراقبتها، بل هي مرتبطةٌ بكلّيات العمل الروائي وإن كانت هي الشخصية المحورية في مركز الدائرة الحكائية، لكنها مثل الجرم الذي تدور حوله الكواكب الأخرى.. وهو ما يمكن أن نشتغل عليه في الحقل النقدي الذي نمارسه كما يمارسه الحبيب السلمان.
أن تعدد حضور الشخصية التي جاءت في مقدمة المقال لا يعني أنها واجبة الالتزام بها، لأنها آراء نقدية لنقّاد آخرين، في حين إن الشخصية في الرواية الحديثة ربما تكون هي المحدّثة أو المخفية أو القائدة أو التابعة الى مكانٍ أو زمان.. بمعنى إن الروائي هو الذي يحدّد ماهية وأهمية حركة الشخصية وتطوّرها بحسب ما ترتأيه ثيمة الرواية والبنية الكتابية، لا بحسب ما يمكن أن يضع الناقد أمامه مسلّمات عديدة ويرى أيّ منها مطابقا لما موجود في العمل الروائي..
محبة وتقدير للصديق العزيز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير


.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام




.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي