الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل بقيت مصداقية لأمريكا ؟

طاهر مسلم البكاء

2019 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


حتى على المستوى الفردي ،فأن الشخص الذي ينسحب من الأتفاقات والتعهدات الثنائية أو الجماعية ،متى ماشاء ، يوصف بأنه غير ثقه وأن الآخرين سيتخوفون من التعامل معه مستقبلا ً ،فكيف اذا كان الذي يفعل ذلك هو دولة كبرى متشعبة العلاقات مع جميع العالم ومؤثرة فيه كأمريكا ؟
- لنبدأ من انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للتغير المناخي للعالم؟
فالولايات المتحدة مسؤولة عن 15 في المئة من مجموع الانبعاثات الكربونية عالميا.
قال مايكل برون، الذي يعمل في نادي سييرا الامريكي المدافع عن البيئة، "إن قرار ترامب "خطأ تاريخي سينظر اليه احفادنا بحزن صادم وحيرة حول كيفية ان يكون زعيم عالمي جاهلا الى هذه الدرجة بالواقع ومتخليا عن الأخلاق .
وكان قطاع المال والأعمال الأمريكي واحدا من أشد المؤيدين لبقاء الولايات المتحدة ضمن اتفاقية باريس. فمدراء شركات عالمية مثل غوغل وأبل ومئات الشركات الاخرى منها شركات نفطية كبرى كأكسون موبيل وشل ،كانوا حثوا ترامب على الالتزام بالاتفاقية.
- في حزيران عام 2018 ،أعلنت الولايات المتحدة انسحابها رسميا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بسبب ما قالت إنه "انحياز ضد إسرائيل ، وفي خطوة لم تؤيدها سوى اسرائيل !
ورغم ان بريطانيا حليف تقليدي للولايات المتحدة الأمريكية ،فقد قال وزير الخارجية البريطاني آنذاك بوريس جونسون، "إن القرار مؤسف، و في حين أن الإصلاحات ضرورية، فإن مجلس حقوق الإنسان هو كيان مهم في محاسبة الدول " .
- في اكتوبر 2017،انسحبت امريكا من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة " اليونسكو "،وبحسب المزاعم الأمريكية والإسرائيلية، فإن اليونسكو، ومقرها باريس، هي ”منصة للتحيز ضد إسرائيل“، وقد تعرضت للهجوم لانتقادها الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس، وتسميتها مواقع أثرية بأنها مواقع تراث فلسطيني.
- أعلن الرئيس ترامب في يوم 8 مايو عام 2018 رسمياً انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران ... من بين الدول الثماني الموقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة"الصين وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وإيران وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة" لم يعرب أي منهم عن تأييده لقرار ترامب بالانسحاب.
- يوم 2/8/ 2019 أعلنت امريكا رسميا ً انسحابها من معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى ، والمبرمة مع روسيا .
كما تواجه الإدارة الأمريكية حاليا ً انتقادات شديدة بسبب سياساتها لعزل الأطفال المهاجرين عن عائلاتهم على الحدود المكسيكية – الأمريكية ،وتهم بالتغني بعنصرية الرجل الأبيض مما غذى صراعات عنيفة داخل المجتمع الأمريكي .
الأستثمارات الدولية في أمريكا والحصارات الأمريكية :
تلجأ أغلب دول العالم لأستثمار أصولها المالية في شراء الذهب أوانشاء المشاريع المربحة أو شرائها ،غير ان الغالبية تلجأ الى استثمار أموالها لدى دول كبرى مستقرة ،تعطي أرباح مغرية ،كأمريكا لما تمتعت به من سمعة أقتصادية ،غير ان الأستثمار لدى أمريكا سلاح ذو حدين ، فعندما فرضت أمريكا الحصار على العراق جمدت أمواله المستثمرة لديها مما أدى الى تسارع انهيار الأقتصاد والعملة العراقية في حينها .
ويبدو للوهلة الأولى ان تجربة العراق وغيره ستكون عظة للآخرين ،غير اننا شاهدنا إيران ،ورغم تذبذب علاقاتها مع امريكا ،وقعت بالفخ نفسه ،حيث تجمدت أستثماراتها في البنوك الأمريكية حال فرض امريكا الحصار عليها .
ولكن بأي حق يفعل الأمريكيون هذا في أموال من المفترض أنها ودائع لايمكنهم التصرف بها كيفما يشائون .
وهذا ما دفع روسيا ، عندما علمت بنية الأمريكان في فرض حصار اقتصادي عليها ،الى ان تسحب ودائعها الضخمة في البنوك الأمريكية وأتجهت لشراء الذهب ،وتنويع سلة العملات لديها، وهذا ما تقوم به الصين حاليا ً ، حيث تقوم بسحب ايداعاتها ببطئ وبصورة تدريجية ،وقامت بطرح عملتها الأيوان الصيني كعملة رئيسية ضمن سلة العملات العالمية ،ومن المتوقع انها تكون المنافس الأكبر للدولار الأمريكي ،هذا اذا لم تزيحه الى الأبد من صدارة العملات العالمية .
الفوضى الخلاقة كانت خرائب وقتل !
تغنت الأمبراطورية الأمريكية بمبتكرها الذي سيجلب الخير والحرية للعالم ،ماسمته بالفوضى الخلاقة ،وعملت بقوة على نشره في ارجاء العالم ،غير ان هذا المنجز الأمريكي لم تنل منه البشرية سوى القتل الوحشي والتهجيروانتشار الخرائب التي امتدت من افغانستان فالعراق وليبيا وسوريا واليمن ،ومستمرة في ذلك فهي حاليا ً تلوح وتهدد به بفخر ونشوة لامثيل لهما كل من فنزويلا وأيران وغيرهما !
هل أمريكا لاتزال قوية :
لم تثبت أمريكا قوة معنوية في تسيد العالم ،فقد سادت بسبب عاملين :
- امتلاكها للسلاح المدمر ، وجرأتها في استخدامه .
- عدم مواجهتها عسكريا ً لأي دولة من عدادها ،بل اختارت الأنفراد بدول لاتملك سوى أسلحة قديمة قد أكل الدهر عليها وشرب ،كما شاركت في حروب من وراء الستار ،ولم تكن اهدافها منفعة اي شعب من تلك الشعوب التي جاس جيشها دياره ، بل هي على وصف كيسنجر :تمسك بخيوط المشكلة ثم تنسجها وفق مصالحها هي ومصالح كيان الصهاينة في فلسطين ،ولم تجد ردا ً شجاعا ً من العرب ،حيث بقيت تصول وتجول في ارضهم وثرواتهم ، ولكنها واجهت مقاومة شرسة من دول أخرى أكتفت بالرد عليها بالحصار والدسائس السياسية ولم تواجهها عسكريا ً كروسيا والصين وكوريا الشمالية وفنزويلا وايران وغيرهما .
المستقبل القريب يوحي ببزوغ نجم قوى كبرى تصلّح خلل الموازنة الدولية وتنهي سيطرة أمريكا على مقاليد الأمور في العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا