الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة الرمل / تواري الصوت في الرسم على الماء

حميد الشيخ فرج

2019 / 8 / 7
الادب والفن


ذاكرة الرمل أو تواري الصوت في الرسم على الماء ( مع عناية بنص هلوسة ) / حميد الشيخ فرج
تهب بعض النصوص جسدها عاريا لعيون التلقي ، سواء اكان النشط منه ام غير النشط ، وهي تنفتح على عوالم القراءة ، بهدف الايصال السريع والمستعجل في تشكيل صورة الواقع في ذهن المنشيء ، بدءا من العتبة الى جملة الخاتمة ، التقريري والمباشر سمتها حين تنهض بفعل البث والارسالل . وهي نصوص لاشك في انها تمارس فعل الطرح المعرفي بابسط صوره واكثرها سذاجة اذا ماقيست بالنصوص الملغمة ... في حين تتشكل بعض النصوص عبر انجازها فعل القراءة في اطار منظومة معرفية ونسيج من العلاقات المتشابكة في لنص ذاته ونصوص اخر ذات علاقة تتشكل في اللاوعي ساعة انشاء النص ، فليس ثمة نص يقف بذاته ، ومن هنا فان الحافز المعرفي ينشط لاكتشاف العلاقات ومستوى ارتكازهافي النص لتحقيق غرض البث ، بصرف النظر عن مستوى توسل البث بالواقع او خلافه ، فللنصوص خبالالمجانين وعبث الشيطنة ، فالتعامل يكون بالضبط مع مستوى تحقق فعل اللحظة .
شبكة العلاقات لك عالم من الانا والاخر الحاضر والغائب والمصرح به المكبوت والمؤجل والمندفع وانا وما علق بذاكرتي ليندرج كل ذلك فيما بعد بعنوان الرؤية الكلية للمنتج .
الرسم على الماء / ثلاث مسرحيات / عنوان منجز ( محمد حسين عبد الرزاق ) * ... تتشكل صورة لنص الكلي للرسم على الماء في العتبة / العنوان الكتابي الرئيس ، اذ تحقق الجملة الاسمية للعنونة عبر غور المفارقة وختل الانشاء ثبات الفعل وديمومته ، بعيدا عن التجدد والحركة التي تمارسها الجملة الفعلية / ارسم / يرسم / رسمنا / رسمت / على الماء ، الفعل الثابت يحمل معه خيبى الانجاز بوصف الرسم على الماء فعل لايمكث طويلا وهو فيما بعد عرضة للتلاشي في اللحظة ، مع التصور القار ان الرسم على الماء في اقصى حدود التاويل هو صورى البحر او النهر الذي انعزل فيه المنشيء لممارسة فعل الرسم ، مما يحققق في فعل القراءة الاول خيبة امل الناص في تثبيت حدود الانجاز المعرفي التحريضي ( بالطبع مع ملاحظة بنية النصوص الداخلية ) وبذا فان محاولة للدفع باتجاه فضح النص الداخلي تمت عبر تقنية العنونة . غير ان القراءة هذه يمكن ان تتم في ضوء تلمس البنية السطحية لنص العنونة ، اذ ان البناء المعجمي لمفردة الرسم يشير الى الفعالية الفنية المعروفة ،ويشير لفظ الماء الى السائل المعروف ، فيما يمكن ملاحقة فعل البث الى طبقات البنية العميقة ومحاولة اكتشاف المخبوء تحت فعل الاستعمال الاخر للالفاظ ، لانجتز قراءة اخرى تتلاءم ومقصديات النص الداخلي الذي تكور على نفسه للحظة الاخيرة بوساطة العبارة الملغمة ، ليكون الرسم هو التحايل كما هو معروف في الاستعمال الشعبي / رسم عليه = تحايل عليه وغشه ، وليكون الماء الشيء الذي لايمكن القبض عليه ، الرقيق المنساب من بين الاصابع ، ليكون المعنى فيما بعد : التحايل على الزئبقي واللا ثابت ، هنا يمكن للذائقة ان تتبع شبكة العنونة في علاقتها الامتدادية في النصوص لترى ان البنية اللغوية التي استعملها الناص تذهب بهذا الاتجاه .
تتسرب العنونة في النص الاول لنصوص الكناب ( هلوسة ) اذ يلح الناص على انجاز فعل التعمية في الافصاح عن القصدية للوهلة الاولى ويصر عل تاجيل المعنى للحظة الاخيرة عبر المفارقة التي تمت في ضوء بنية اللغة ذات الاشارات المتلاحقة لفعل الانجاز المعرفي .. ههلوسة ذيلها الناص هكذا ( في زمن ما .. وتاريخ قديم .. في ارض ما يعاني اهلها التسلط والسطوة ومن حكاية عبر بطون التاريخ نقلها لنا الشاعر المبدع احمد مطر .) ص 5 .. ينتمي نص هلوسة الى السري والمغيب من القول ، اذ ان شخوص النص المسرحي / الملك وهو في السبعين من العمر ، متسلط وفاسد ، وحارسان وعارفه ، وطباخ وابو عبد الله قطيع اللسان . بدءا يتسرب العنوان الرئيس / الرسم على الماء في عنوان النص الداخلي /هلوسه / فالرسم على الماء والهلوسة يحققان فعل التلاشي ، لايمكن القبض على اي منهم ، هذه العلاقة الامتدادية للعنونة في النص اضافت طبقة اخرى من طبقات التعمبة عل الجاد والصريح في انجاز البث للقاريء ، وكان الناص يخبرنا انه في لعبة .. فيما يذهب المتن الحكائي للنص الى العنونة نفسها ، اذ العارف الذي اراد ان يخلص الشعب من الملك المريض الفاسد عبر ايهامه بالعلاج ، غير ان هذا العلاج هو وهم ، اذ يطلب العارف من الملك ان يجلس على نشز مرتفع امام النس / الشعب / ويبدا العرف بالبصق على جبهته ومن ثم ينهال الشعب عليه بالضرب واغتياله ، غير ان الشعب راح يهتف للملك ( بالروح نحميك .. نفديك يامليك ) مما يصقط في ايدي العارفة وتذهب خطته ادراج الرياح ، فلم يفلح العارف فيى تثبيت فعل الاغتيال كما لم يفلح الراسم على الماء في تثببيت رسمه ، بل لم يفلح العارف في تثبيت حيلته والرسم / الاحتيال على الملك ، ليتلاشى فيما بعد كل ماكان يصبو اليه .
في اللغة :
تنجز اللغة فعلها في ايصال المعنى عبر اليومي الشعبي في ان واحد ، فنص هلوسة يباشر فعلعه اللغوي في اطار المتن المعجمي الواضح ، بعيدا عن التلون اللفظي او الاستعمال للالفاظ ، بل ان البنية المعجمية اثبتت انها في متناول الفهم في ادنى مستوياتها ، لتحقق فيما بعد فعل البراءة من السري المعلن او اي محاولة للتشفير الكلي عبر شبطة العلاقات اللغوية فيه ، اللغة هنا باتت في طبقتها السطحية وهي تتنازل عن العلامي والاشاري في انجاز سيميائية القصد ، مما اغوى التلقي بسرعة انجاز فعل القراءة عبر متوالية الحوار ، كما انها - اللغة - لم تخل من الالفاظ التي تتاص مع هكذا اعمال وهي تستعمل الفاظا مثل / كلب / ذيل / ص 9 و مجنونه ص 23 وغيرها من الالفاظ في مستواها الشعبي .. قدر من اللغة يمار الغواية لانتاج فعل المفارقة الذي رسمته العنونة ونص هلوسة معا ، فالبسيط الدارج من اللغة اغوى التلقي بسرعة انجاز الفعل القرائي ، لحيلة العراف الذي رسم على ابملك ، ولتظهر اللغة عبر مطاوعتها للقراءة مطاوعة الشعب للعارف ، الا ان خيبة التلقي اثيتت ان اللغة والرسم كانا فعل غواية لاظهار الفصد النهائي : شعب يهتف للملك الفاسد .
* الرسم على الماء ( ثلاث مسرحيات ) محمد حسين عبد الرزاق ، اصدارات اتحاد الادباء والكتاب في العراق ، مطبعة احمد المالكي ، يغداد العراق ، ط1 ، 2019 م









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا