الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى(58) للنكبة والله وراجعلك يا دار

وليد العوض

2006 / 5 / 12
القضية الفلسطينية


في الخامس عشر من آيار كل عام يحيي شعبنا الفلسطيني في المدن والقرى والمخيمات داخل الوطن وفي الشتات ذكرى النكبة المؤلمة التي حلت به في الخامس عشر من أيار عام 1948 ، حين نجحت العصابات الصهيونية في تنفيذ مشروعها المستند للقوة العسكرية الغاشمة المتحالفة مع الإمبريالية العالمية وعلى رأسها بريطانيا الدولة المنتدبة على فلسطين آنذاك في تحقيق مشروعها الهادف إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وتشريده في المنافي البعيدة وإحلال المهاجرين اليهود القادمين من كل حدب وصوب على أنقاضه في كافة المدن والقرى الفلسطينية التي تعرض أصحابها للطرد والاقتلاع ، عملاً بالنظرية الصهيونية الشهيرة (ارض بلا شعب لشعب بلا ارض) تلك المقولة البائسة التي تدحضها كافة الوثائق والخرائط التي ما زالت محفوظة في أدراج بريطانيا تركيا كما تدحضها الحقائق والأدلة الدامغة التي توصل لها الباحث والخبير في شئون اللاجئين الدكتور سلمان أبو سته حين أصدر أطلس فلسطين الذي عكف على إعداده ما يزيد عن العشرين عاماً ، وقد عرض في أطلس فلسطين هذا عشرات الوثائق والخرائط بالإضافة إلى مئات الصور الجوية التي أخذت لأرض فلسطين قبل عام 1948 وتثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن فلسطين كان يعيش بها أهلها على مدار قرون وسنوات طويلة فيها مدارسها ومطاراتها وموانئها وخطوط مواصلاتها تتمتع بعلاقات تجارية مع جيرانها فيها بياراتها وتينها وزيتونها الشامخ .
وبكلمات أخرى يوضح أن الصهاينة استولوا على مؤسسات دولة كانت قائمة للشعب الفلسطيني يتمتع أهلها بكل معاني الحياة الهانئة الكريمة التي لم ينقصها آنذاك إلا الاستقلال الذي حالت دونه بريطانيا الدولة المنتدبة على فلسطين آنذاك ، ويذهب الباحث أبو ستة ليدعم بالأرقام والأسماء مبيناً أن الشعب الفلسطيني بقي متمسكاً بدياره ولم يخرج منها إلا تحت وطأة الإرهاب والبطش الصهيوني وأقدام العصابات الصهيونية المحتلة بالهاغانا والأرغون وشتيرن على تدمير هذه القرى البالغ عددها آنذاك 532 قرية ومدينة وارتكاب أكثر من اثنتين وخمسين مجزرة بحق السكان المدنيين الآمنين مما اضطر ما يزيد عن 850 ألف منهم إلى ترك منازلهم وقراهم وهاموا على وجوههم وتحولوا إلى لاجئين ليصل عددهم هذه الأيام أكثر من ستة ملايين لاجئ منتشرون في كافة بقاع الأرض يعيش غالبيتهم في المخيمات التي أقامتها وكالة الغوث ، ومنذ ذلك اليوم المشئوم يصر شعبنا بأجياله المتوارثة على إحياء هذه الذكرى وإبقاءها حية تتناقلها الأجيال جيل بعد جيل، وتتميز كل عام في أوساط أهلنا الذين بقوا صامدين في أرضهم في مناطق1948 وهم يترقبون هذه الذكرى من كل عام يصطحبون أطفالهم لتكتحل عيونهم بتلك الربوع الخضراء كما حدث هذا العام حين حددت قرية أم الزينات الرابضة في أحضان جبال حيفا مكانا لإحياء الذكرى هذا العام، وفي هذه الأيام حيث تمر الذكرى يتجمع الأحفاد في حلقات حول أجدادهم يسترقون السمع لرواياتهم التي يصرون على استحضارها كل عام يتحدثون عن ما أصابهم من ويلات ومآسي ، ويذكرون الإرهاب الصهيوني والمجازر البشعة التي تعرضوا لها وتدمع قلوب كل من يتحدث عن مجرزة الدوايمة والطنطورة والصفصاف والرأس الأحمر ، وعن حرق المدنين الآمنين وهم أحياء كما مع أهالي طيرة حيفا ومئات المجازر غيرها، يتحدثون عن لحظات التمسك بالأرض وأشكال المقاومة المختلفة بالوسائل المتواضعة التي كانت بين أيديهم يروون المشاهد الرهيبة والألم يعتصر قلوبهم لساعات الرحيل الإجباري حين غادروا مضطرين بيوتهم ومدنهم وقراهم ، يذكرون والدموع تنهمر طوابير النساء والشيوخ والأطفال وهم هائمين على وجوههم بحثاً عن مأوى ، وتلمع في ذاكرتهم خيام اللجوء الأولى التي كانت تقتلعها الرياح عند كل هبوب، تقودهم الذكراة المتقدة لاستحضار صور رائعة لجمال جبال فلسطين وسهولها وشواطئها ، لأشجارها ووديانها وربوعها الخضراء يرنون بأنظارهم إلى الحدود علهم يتنسمون رائحة أزهار اللوز وبرتقال يافا مع النسمات المختبئة في ثنايا الرياح التي لا تعرف الحدود والأسلاك الشائكة، يتحدثون عن خبز الطابون ومواسم الحصاد وحلقات الدبكة وأغاني الدلعونا ومواويل أبو الزلف وعتابات الميجنا، تتزاحم الذاكرة تستحضر تلك الأيام الهانئة ساعات العصر تحت ظلال أشجار الصفصاف ، يفاخرون أمام أحفادهم بما حفظته الذاكرة من أشعار الغزل لصبايا بلادنا وهن يتقاطرن كالزرافات إلي ينابيع المياه والعيون ليملآن جرارهن بالمياه العذبة التي تزخر بها بلادنا، و يتذكرون والدموع تنهمر بغزارة كيف كانوا يتراكضون خلف الفراشات بألوانها الزاهية وهي تنتقل من زهرة إلى أخرى، ولا ينسون أن يوصوا أحفادهم بالتمسك بحق العودة وهم يعرضون أمامهم كواشين الطابو ومفاتيح كساها الصدأ لبيوتهم التي هجروها عنوة حين اقتحم الغزاة الصهاينة عليهم هذه الحياة الهادئة وارتبكوا بحقهم عشرات المجازر إلى إن تمكنوا من الاستيلاء على تلك الخيرات وها هم يتنعمون بها حتى أيامنا هذه في شهادة لأبشع جريمة تاريخية ما زالت فصولها متواصلة حتى الآن ويوماً بعد يوم يتأكد بأن العدالة تنعدم أمام غطرسة القوة وستبقى ناقصة ما لم يعود الحق إلى أصحابه ولن يكون ذلك إلا برفع الظلم الذي لحق بشعبنا الفلسطيني عام 1948 وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها ، باعتبار ذلك حقا مقدساً كفلته كافة المواثيق والقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 194.
واليوم حيث يحي شعبنا ذكرى النكبة ويحيها عبر المسيرات التي ستنطلق يوم الخامس عشر من أيار وإقامة المهرجانات والندوات المؤتمرات ومعارض الصور في كافة المدن والقرى والمخيمات في الوطن والشتات ، يتعرض شعبنا الفلسطيني لمؤامرة جديدة لا تقل خطورتها عن النكبة الكبرى التي أصابته عام 1948حيث يتعرض شعبنا لعدوان اسرئيلي شامل وحصار تجويعي بهدف تركيع شعبنا وفرض التنازلات عليه ويتم ذلك في ظل اتساع دائرة الحصار والعزلة التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتوسيع دائرتها لتشمل دول الاتحاد الأوروبي والعديد من دول العالم ويجري ذلك في ظل صمت عربي وإسلامي مؤسف ومن الواضح أن حكومة اولمرت تسعى لاستغلال هذا الوضع من اجل استكمال ما بدأته الحكومات التي سبقتها من مسعى لتصفية القضية الفلسطينية وقطع الطريق على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مترابطة وكاملة السيادة ناهيك عن تصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين حيث تواصل بشكل محموم سياستها العدوانية القائمة على خلق حقائق جديدة على الأرض عبر بناء جدار الفصل العنصري وتوسيع المستوطنات واستمرارها في تهويد القدس والأغوار وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها علاوة على المضي قدما لتنفيذ خطة التجميع التي أعلن عنها اولمرت وما ستؤدي إليه من ترسيم للحدود من طرف واحد يجعل ما تبقى من الأراضي الفلسطيني معازل متناثرة يستحيل معها الحديث عن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.
ومن المؤسف أن يتم ذلك في ظل أوضاع داخلية صعبة تتزايد فيها حدة الخلافات الداخلية وتنازع الصلاحيات وترتفع فيها وتيرة التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات وما أدت له من اندلاع مؤسف للاشتباكات بين حركتي فتح وحماس الأمر الذي ينذر بحدوث المزيد إذا لم يتحرك العقلاء لوأد الفتنة وقطع دابرها، والتوجه الجاد نحو حوار وطني جاد ومسئول يقود إلى كسر حالة الحصار والعزلة والتقدم ببرنامج يتم التوافق عليه وطنيا بما يضمن تشكيل حكومة إنقاذ وطني تعيد للقضية الفلسطينية مكانتها على الأجندة الدولية كقضية تحرر وطني وشعب يرزح تحت الاحتلال يتطلع إلى حريته واستقلاله وفقا لما أقرته الشرعية الدولية، وبغير ذلك فإن استمرار الأوضاع على حالها كما سبق وذكرت سيشكل التربة الصالحة لتنفيذ مشروع اولمرت وحينها سوف لن ينفع الندم وسنكون أمام نكبة كبرى لا قدر الله .
12/5/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ