الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هي الدولة ؟..

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2019 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ما هي الدولة ؟ ..
الدولة هي حاجة النظم لفوضى المجتمع، سواء على أساس الحقوق المدنية أو التعاقد المجتمعي، أو البناء المؤسّسي أو غير ذلك .
ويعرّفها الأستاذ بونار Bonnar، بأنّها وحدة قانونية دائمة تتضمّن وجود هيئة اجتماعية لها حق ممارسة سلطات قانونية معيّنة في مواجهة أمّة مستقرّة على إقليم محدّد ، وتباشر الدولة حقوق السيادة بإرادتها المنفردة ، وعن طريق استخدام القوّة المادّية التي تحتكرها.
كما يعرّفها الأستاذ اسمان Esmein، بأنّها التشخيص القانوني لأمّة ما .
أنّ الأركان الأساسية للدولة هي :
1- الجماعة البشرية ــ الشعب.
2- الإقليم.
3- الهيئة الحاكمة ذات السلطة على الجماعة .
المصدر : منقول عن / الدولة المدنيّة والدولة العلمانيّة : دراسة في المفاهيم / جريدة الأخبار / شفيق جرادي .
الدولة المدنية كمفهوم مجرد ، تشترك في فهمه كل الفلسفات والمناهج ، ومضمون هذه الدلالة له جانبين :
أولا : جانب ايجابي مضمونه أن الدولة المدنية تقوم على إسناد السلطة السياسية للشعب، وبالتالي فان الحاكم فيها نائب ووكيل عنه ، لها حق تعيينه ومراقبته وعزله .
ويتصل بهذا الجانب الايجابي ، ان السلطة في هذه الدولة المدنية تتأسس على جمله من المفاهيم ، كالمواطنة وسيادة القانون والديموقراطيه…”مقومات الدولة المدنية “.
ثانيا: جانب سلبي مضمونه أن الدولة المدنية نقيض للدولة الثيوقراطيه “الدولة الدينية بالمعنى الغربي” التي ينفرد الحاكم فيها بالسلطة السياسية دون الشعب ، كنتيجة لازمه لانفراده بالسلطة الروحية ” الدينيه ” دونه .
تعريف الثيوقراطية :
الأصل اللغوي لمصطلح الثيوقراطيه مشتق من الكلمة اليونانية ( Theokratia) وتعني الحكم الالهى ، أما اصطلاحا فان الثيوقراطيه هي مذهب يسند إلى الحاكم سلطه دينيه “روحيه” : مطلقه” مظهرها الاساسى سلطه التحليل والتحريم بدون نص”، ومقيده “ من مظاهرها انفراده بسلطة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ” ، ويترتب على هذا أحقيته في الانفراد بالسلطة السياسية ”الزمنية ” .
أول صفه للثيوقراطيه هي إنها تسند إلى الحكام سلطه دينيه ( مطلقه ) .
مظهرها الأساس .. التحليل والتحريم بدون نص يقيني الورد قطعي الدلالة ، وهو ما نهت عنه النصوص– قال تعالى ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ.)(النحل:116).
2: الحكام لا ينفردون بسلطة دينيه مقيده” الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر “
: ثاني صفه للثيوقراطيه :
ثالث صفه للثيوقراطية :
أن الحكام ينفردون بالسلطة السياسية ، وهو ما يتعارض مع كون المنظور السياسي الإسلامي يسند السلطة السياسية – التي عبر عنها القران بمصطلح الأمر- إلى الجماعة- بموجب الإستخلاف العام – قال تعالى ﴿ وأمرهم شورى بينهم)، أما الحاكم فنائب ووكيل عن الجماعة، لها حق تعينه ومراقبته وعزله ، أي، يقول أبو يعلي (الخليفة وكيل للمسلمين ) (الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 7 )،ويقول الماوردي ( البيعة عقد مرضاة واختيار لا يدخله إكراه ولا إجبار) .
4 : طاعة الحكام مقيده وليست مطلقه :
ومن صفات الثيوقراطية وجوب طاعة الإمام طاعة مطلقه ،وهو ما يتعارض مع تحريم النصوص للطاعة المطلقة للحكام او غيرهم ، وإيجابها للطاعة المقيدة – المشروطة – أى الطاعة بالمعروف :
قال الرسول (صلى الله عليه وسلم ) (إنما الطاعة في المعروف لا طاعة في معصية) ، قال الماوردي ( إذا تكاملت فيه شروط العادلة ، تجوز بها شهادته وتصح ولايته ، فإذا انخرم منها وصف ، منع هذه الشهادة والولاية فلم يسمع له قول ولم ينفذ له حكم) .
الدولة المدنية ومشكله العلاقة بين الدين والدولة :
ويتصل مصطلح ” الدولة المدنية ” بمشكله علاقة الدين بالدولة والحلول التي قدمت لها :
أولا :
الثيوقراطية ( دينيه السلطة والتشريع) :
الحل الأول يقوم على الخلط بين الدين والدولة ، وجعل العلاقة بينهم علاقة تطابق” وليست علاقة وحده وارتباط” ، ومثال له الثيوقراطية “ الدولة الدينية بالمفهوم الغربي” ، التي مضمونها انفراد الحاكم بالسلطة السياسية دون الشعب ، كنتيجة لازمة لانفراده بالسلطة الروحية ( الدينية ) دونه .
وهذا الحل ينتهي إلى القول بدينيه السلطة والتشريع ، اى نفى مدنيه السلطة .
هذا الحل يودى إلى تحويل المطلق عن قيود الزمان والمكان(الدين) إلى محدود بالزمان والمكان (السلطة) أو العكس ، وبالتالي إضفاء قدسيه الدين واطلاقيته على البشر واجتهاداتهم المحدودة بالزمان والمكان ، و هو ما رفضه الإسلام حين ميز بين التشريع كوضع الهي ثابت والاجتهاد ككسب بشرى ، كما أن المنظور السياسي الإسلامي يرفض الثيوقراطية ، لأنه ينفى وجود سلطه دينيه مطلقه”التحليل والتحريم بدون نص”، كما ينفى انفراد الحاكم بالسلطة الدينية المقيدة ”الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر” دون الجماعة، فهذه السلطة مخوله بموجب الإستخلاف العام للجماعة ﴿ كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ﴾ .
ثانيا :
العلمانية(مدنيه السلطة والتشريع) :
الحل الثاني يقوم على فصل الدين عن الدولة، اى فصل السلطة الروحية (الدينية) عن السلطة السياسية ، واهم ممثل له العلمانية التي كانت في الأصل ركن من أركان الديانة المسيحية ، استنادا إلى قول المسيح (عليه السلام) “أعطوا ما قيصر لقيصر وما لله لله ” (متى 17: 21) ، وهو ركن لا يقوم على مجرد مقولة ” أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله” ، بل يقوم على هذا المبدأ وعلى تطبيقاته المتكررة في آيات الإنجيل (د. عصمت سيف الدولة ، عن العروبة والإسلام ، ص 198)، ثم تحولت العلمانية إلي تيار فكرى معين ، ظهر في مرحله معينه من مراحل التاريخ الأوربي ، تحول إلي ثوره ضد تدخل الكنيسة في الحكم ، انتهى إلي أقامه نظام علماني في موقفه من الدين ، فردى في موقفه من المجتمع ، رأسمالي في موقفه من الاقتصاد، ديمقراطي ليبرالي في موقفه من الدولة.
كان محصله عوامل ثقافية ونفسيه وتاريخية وحضارية ، سادت أوربا نحو سبعه قرون .
وهذا الحل يقول بمدنية السلطة والتشريع ، أي ينفى دينيه التشريع، وهنا نلاحظ انه بالإضافة إلى أن هذا الحل لا يعبر عن الحل الإسلامي للمشكلة، فان جوهر الدعوة إلى العلمانية في مجتمع إسلامي هو أن تستبدل المفاهيم والقيم والقواعد الإسلامية ،بالمفاهيم والقيم والقواعد الغربية لتحقيق قدر من الشعور المستقر بالانتماء إلى الحضارة الغربية وهو مضمون التغريب.
يقوم المنظور السياسي الإسلامي على دينية التشريع ”
المواطنة :
اقر الإسلام كدين مفهوم المواطنة ، الذي يشمل المسلمين وغير المسلمين، وهو ما يتضح من خلال وثيقة الصحيفة التي كانت بمثابة دستور لدولة المدينة ، وطبقا لها نشأت علاقة انتماء جديدة ،علاقة انتماء إلى ارض مشتركة (وطن)، فترقى العلاقة الجديدة بالناس جميعا (أهل الصحيفة) إلى ما فوق الطور القبلي ، ففي المدينة المنورة و في ظل الصحيفة تكون “شعب” تتعدد فيه علاقات الانتماء إلى الدين(لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم) ، ولكن يتوحد الناس فيه (مع اختلاف الدين) في علاقة انتماء إلى ارض مشتركه ( وطن)( وأنَّ يهود بني عوف أمَّة مع المؤمنين …).
السياسة الشرعية ما يحقق مصلحه الجماعة ولو لم يرد في نص (اتساق – وليس تطابق- مع النص) :
كما يتسق مع الدلالة العامة المشتركة لمصطلح الدولة المدنية تقرير علماء أهل السنة أن السياسة الشرعية هي كل ما يحقق مصلحة الجماعة ولو لم يرد فيه نص ( فهي اتساق –وليس تطابق -مع النص ) .
يقول ابْنُ عَقِيلٍ(السِّيَاسَةُ مَا كَانَ فِعْلاً يَكُونُ مَعَهُ النَّاسُ أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ، وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ.) .
ويعرف ابن نجيم الحنفي في تعريف السياسة الشرعية بأنها :
( فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي )(الأحكام السلطانية والسلوك في سياسة الملوك للإمام الماوردي) .
ويقول ابن القيم(إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَرْسَلَ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَهُوَ الْعَدْلُ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ فَإِذَا ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الْعَدْلِ وَأَسْفَرَ وَجْهُهُ بِأَيْ طَرِيقٍ كَانَ، فَثَمَّ شَرْعُ اللهِ وَدِينُهُ، وَاَللهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَأَعْدَلُ أَنْ يَخُصَّ طُرُقَ الْعَدْلِ وَأَمَارَاتِهِ وَأَعْلَامَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يَنْفِي مَا هُوَ أَظْهَرُ مِنْهَا وَأَقْوَى دَلَالَةً، وَأَبْيَنُ أَمَارَةً. فَلَا يَجْعَلُهُ مِنْهَا، وَلَا يَحْكُمُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَقِيَامِهَا بِمُوجِبِهَا، بَلْ قَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الطُّرُقِ، أَنَّ مَقْصُودَهُ إقَامَةُ الْعَدْلِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَقِيَامُ النَّاسِ بِالْقِسْطِ، فَأَيُّ طَرِيقٍ اُسْتُخْرِجَ بِهَا الْعَدْلُ وَالْقِسْطُ فَهِيَ مِنْ الدِّينِ، وَلَيْسَتْ مُخَالِفَةً لَهُ.فَلَا يُقَالُ: إنَّ السِّيَاسَةَ الْعَادِلَةَ مُخَالِفَةٌ لِمَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ، بَلْ هِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا جَاءَ بِهِ، بَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَنَحْنُ نُسَمِّيهَا سِيَاسَةً تَبَعًا لِمُصْطَلَحِهِمْ، وَإِنَّمَا هِيَ عَدْلُ اللهِ وَرَسُولِهِ، ظَهَرَ بِهَذِهِ الْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ) .
المصدر : (الأحكام السلطانية،أبي يعلى الفراء).
الإمامة “السلطة” من فروع الدين وليست من أصوله :
ويتسق مع الدلالة العامة -المشتركة لمصطلح “الدولة المدنية” أن الإمامة – بمعنى السلطة – هي فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله ، يقول الآمدي ( واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات ، ولا من الأُمور اللابدِّيَّات ، بحيث لا يسع المكلَّف الإعراض عنها والجهل بها …) .
المصدر : (غاية المرام في علم الكلام : ص 363) .
ويقول الإيجي ( وهي عندنا من الفروع ، وإنّما ذكرناها في علم الكلام تأسيّاً بمن قبلنا ) .
المصدر : (المواقف : ص 395) .
ويقول الإمام الغزالي ( اعلم أنّ النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمات ، وليس أيضاً من فنّ المعقولات ، بل من الفقهيات …) .
المصدر : (الاقتصاد في الاعتقاد : ص 234) .
ويقول التفتازاني ( لا نزاع في أنّ مباحث الإمامة ، بعلم الفروع أَليق … )
المصدر : (شرح المقاصد : ج 2، ص 271).
مواقف أساسية من الدولة المدنية في المجتمعات المسلمة المعاصرة وهى :
الرفض المطلق (التقليد) :
وهو موقف يقوم على الرفض المطلق للدولة المدنية ، اى رفض كافه دلالات مصطلح “الدولة المدنية” ، فهو لا يميز بين الدلالات المتعددة له، الايجابية منها والسلبية.
وهذا الموقف يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة ، يكون بالعودة إلى الماضي، والعزلة عن المجتمعات المعاصرة ، وبمنظور علم أصول الفقه يقوم على الوقوف عند أصول الدين وفروعه ، فهو لا يميز بين الأصول النصية الثابتة ،والفروع الاجتهادية المتغيرة ، لأنه يقوم على التَّقْلِيدِ الذي ذمه القران الكريم (وإذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه إباءنا)(لقمان:21)، والذي نهى عنه الائمه : يقول الإمام احمد بن حنبل( لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعي ولا الثوري، وخذوا من حيث اخذوا) (ابن القيم أعلام الموقعين،ج2، ص302) .
صادق محمد عبد الكريم الدبش
7/8/2019 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتيجة غير حاسمة للانتخابات الرئاسية الإيرانية والانتقال للجو


.. جدل ونقاشات داخل الحزب الديمقراطي حول أهلية بايدن للتنافس ال




.. إلياس حنا: المقاومة لا تقاتل بفوضوية وإنما تستخدم أسلوب حرب


.. البرهان يزور جبهة القتال شرق السودان والدعم السريع يعلن سيطر




.. مستوطنون يعتدون على شاب فلسطيني في الخليل وإحراق سيارة مستوط