الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة العاملة : من طبقة في ذاتها ، الى طبقة لذاتها

ابو منصور حرب

2019 / 8 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


" إن الغرض الوحيد للبروليتاريا من معرفة العالم هو تغييره " ماوتسي تونغ

تعتبر الطبقة العاملة ، أكثر طبقات المجتمع تعرضا للاستغلال و الاضطهاد ، لكن من جهة اخرى تعتبر أكثر طبقات المجتمع انتاجا للثروة ، لذلك يحرص الرأسماليون وأصحاب القرار على مستوى كل بلد ، الى ابقاء هذه الطبقة بعيدة عن أي عمل السياسي جاد إذ يتحكمون في عملها النقابي ويشوهونه ولا يدخرون جهدا لشق صفوفها وبعثرت قواها ذرء لأي تطور قد يحصل في وعي العمال لواقعهم ودورهم في المجتمع، لأن شيء كهذا لن تكون عواقبه حميدة بالنسبة للرأسماليين .
إن جماهير العمال اليوم يخوضون نضالات بطولية ويقدمون خلالها تضحيات جسام ، لكن بجرد حساب هذه النضالات لا يبدو أنه ينعكس على الواقع الملموس للعمال سواء في تحسين ظروف عملهم أو ضمان حقهم في التعبير و الاحتجاج وخوض الصراع الطبقي في كل مستوياته . لكن ماذا ينقص الطبقة العاملة حتى تصير فعلا سيدة المجتمع ؟ إن الرأسماليين وخدامهم من يخترقون صفوف العمال ويجعلونهم شيع لا حول ولا قوة لهم ، يرتعدون حتى الموت حينما يبصرون نهوض جماهير العمال الى تنظيم أنفسهم والمطالبة بحقوقهم السياسية والمدنية ، لكن توحيد العمال كطبقة يحتاج الى اسلحة فتاكة لا تقل فتكا عن الاسلحة التي يحارب بها الرأسماليون العمال . إنها بحاجة الى امتلاك وعيها الطبقي لكي تقاتل كطبقة لذاتها .
لكن ، هل الطبقة العاملة اليوم ورغم كل التضحيات التي تقدمها لا تعمل كطبقة لذاتها ؟ وما معنى أن تعمل كطبقة لذاتها ؟
منذ ظهور الطبقة العاملة - وقبل بروز الفكر الاشتراكي نفسه - وعلى اثر الاوضاع المهينة والقاسية التي كانت تعمل خلالها منذ أن " جمعها " تطور الرأسمالية داخل المصانع الكبرى والضيعات ، خاض العمال جملة من الاضرابات البدائية و شنوا حملة من الانقطاعات عن العمل وتكسير للالات واتلاف للبضائع ، من أجل تحسين ظروف اشتغالهم داخل الافران و المعامل وعلى السكك الحديدية، وعلى اثر هذه الحركة العظيمة التي اجتاحت أوروبا ( و العالم فيما بعد ) خلال النصف الاول من القرن 19 ظهرت الاشكال التنظيمية الاولية كالجمعيات المهنية وصناديق التضامن العمالي ، ومع هذه الاشكال بدأ العمال يتلمسون طريقهم لتطوير نضالهم وتنظيماتهم البدائية حيث برز أول سلاح في عتاد الطبقة العاملة وهو النقابة .
إن بروز النقابة كشكل أولي في تنظيم الطبقة العاملة كان له الاثر البليغ في جلب مكتسبات لصالح العمال ، وتطوير وعيهم بواقعهم المعاش ، حيث رفعت النقابة شعارا تاريخيا مفاده " ما دام العمال يبيعون قوة عملهم ويستغلون ، فواجب النقابة هو تحسين شروط بيع تلك القوة وتلطيف استغلالها " لكن ألا يستطيع العمل النقابي نقل الطبقة العاملة الى مستوى أن تناضل كطبقة لذاتها ؟ الجواب لا كذلك ، صحيح أن النضال المطلبي و السياسي الذي تقوم به النقابة ينظم اكثر العمال ويصقل تجربتهم ويعتبر المدرسة الاولى لخوص الصراع الطبقي ، غير أنه غير كافي لإدراك جوهر المجتمع الرأسمالي وعلاقات الاستغلال بين الطبقات الاجتماعية ومهمة البروليتاريا التاريخية ، غير كافي لمحدودية النضال المطلبي، فأفقه هو تحسين وضع العمال وليس القضاء على الاستغلال عبر " قبر" الظروف التي تدفع العمال الى بيع قوة عملهم ، غير كافي لأن حدود معرفته تبقى في اطار المعرفة العفوية المباشرة لواقع العمال في المعمل أو الضيعة الفلاحية في هذا المكان أو ذلك ، ولا يستطيع أن يضع تكتيكا أو استراتيجية للقضاء على الاستغلال الذي يولده النظام الرأسمالي .وإن نقلناه الى مجال نظرية المعرفة فهو لا يغدو أن يكون ملقنا لمعرفة طبقية " عفوية " لا تشمل كل مناحي وأسباب الاستغلال وجوهر النظام الرأسمالي .
ألا تسطيع الطبقة العاملة عبر ممارستها العملية أن تكتسبا وعيا طبقيا بجوهر استغلالها ؟ لا طبعا ، ومن يضمن لها تلك النقلة النوعية في تفكيرها وممارستها حتى تصير طبقة لذاتها تناضل من أجل القضاء على الاستغلال ؟ إنه الحزب المستقل للطبقة العاملة الذي يتشكل من الطلائع العمالية التي أفرزتها مجموع النضالات اليومية ، هذه الطلائع تنصهر مع المثقفين العضويين المعتنقين للفكر الماركسي و " المنتحرين طبقيا " أي الذين و اللاوتي كرسوا عملهم خدمة للطبقة العاملة من أجل تنظيمها و مساعدتها على توجيه معاركها الحاسمة فاندماج هؤلاء بحركية الطبقة العاملة يمكن هذه الاخيرة من مراكمة الخبرة ونقل ممارستها ومعرفتها بقوانين تطور المجتمع الى مستوى الممارسة الثورية و المعرفة العقلية الهادفة الى " الاستيلاء على السلطة السياسية " .
لقد صرخ ماركس يوما بأن " تحرير العمال هو من صنع العمال أنفسهم“ لكن هذه الوصية العظيمة لماركس لا يجب ان تفهم أن الطبقة العاملة كطبقة في ذاتها تستطيع أن تنتج لنا معرفة عقلية لقوانين تطور النظام الرأسمالي وتناقضاته الطبقية دون تدخل " جرثومة " المثقفين – على حد تعبير لينين – إن هذا التدخل الواعي و المنظم للمثقفين الثوريين عبر الاداوت و الادرع الحزبية يمكن الطبقة العاملة من امتلاك الثقة في نفسها وتعليمها و التعلم منها في خضم الممارسة العملية لتجود عليه بأمهر وأصلب طلائعها هذا الحزب الذي يتحرك كهيئة أركان حرب يجمع الافكار المشتتة و المشوشة للعمال ويصقلها ويدرسها وينظمها ويعيدها مرة أخرى الى صفوف العمال لتمتحن في الممارسة العملية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع