الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة لن تصل ... إلى عبد شاكر ...

كريم عامر

2006 / 5 / 12
الادب والفن


لم أكن أتصور أن يأتى يوم أقرأ فيه إسمك ضمن عنوان يعلن رحيلك عن هذه الحياة ... فى هذه الأيام بالذات ....
فلم أكن قد تعرفت إليك بصورة كبيرة ... كما أننى لا أعرف عنك الكثير ...
لا أعرف عنك شيئا سوى أنك إنسان تحاول الهرب من جحيم الحياة المادى بخلق عالمك الخاص ... عالم من كلمات ...
أفزعنى رحيلك يا أخى !!.
هل كانت مصادفة أن يجهزوا عليك فى ذات اليوم الذى إستطعت أن أنقذ فيه نفسى من بين أيادىِّ من حاولوا أن يغتالونى بدمنهور ؟؟!!...
هل إستبدلوك بى ؟؟!!!
ترى .... هل كان لأصابع القدر - التى لا أؤمن بوجودها - دور فى تغيير هدفهم فى اللحظات الأخيرة ؟؟!!!..
لن أنس رسالتك الأولى التى كنت تلومنى فيها على تشاؤمى وقلقى مما يحدث ....
رسالتك التى ليتك ما أرسلتها ... لكى لا تدع هذا الجرح الذى سببه ما حدث لك بعدها بأقل من شهر يتوغل فى قلبى ممزقا له بقسوة لا يمكن مقاومتها ....
وقبل كل هذا ... كلماتك التى سطرتها عندما كنت معتقلا فى سجن النظام المصرى لأننى إمتلكت قلما يكتب ما يمليه علىَّ عقلى ....
كلماتك التى قرأتها ضمن نصوص كثيرة كتبت عنى .... وشعرت بأنها نابعة من قلب إنسان يتألم لألم الآخرين ... دون أن يراهم أو يعرفهم ....
مالذى يدفعنى إلى الكتابة عنك ... وأنا لا أعرفك ... ولم أراك ... ولا أدرى عنك شيئا سوى أنك ... رجل من كلمات !! .
لا أعرف ... إن كنت شابا عشرينيا مثلى ... او كهلا خمسينيا فى عمر أبى ... أم شيخا هرما .... أنا فى عمر حفيده ...
لا أعرف ... إن كنت أعزباً ... أم متزوجاً ... أم مطلقاً ... أم عاشقاً ... أم أرملاً ...
لا أعرف عنك سوى إسمك ... ولقب عائلتك الذى لم يتسنى لى معرفته سوى بعد رحيلك فى الخبر الذى أعلنوا فيه ذالك ...
فقد كان إسمك الذى أعرفه هو الذى توقع به كتاباتك .... عبد شاكر ...
الدليمى ... لقب عائلتك الذى قرأته فى نبأ مصرعك .....
تخيفنى برحيلك المفاجىء ... على حين غرة ...
وتجعلنى أهاب أن يجعلونى هدفهم القادم ....
هل يمكنهم أن يفعلوا هذا بى هنا ... فى مصر ....
ربما ! ......
أخدع نفسى دائما بأن لبلادك ظروف خاصة .... وأن مصر لا يمكن أن تمر بمثل ما تمر بها ....
تسكرنى هذه الخديعة الذاتية إلى حد أن أنسى تماما أن حياتى قد تكون مستهدفة من قبل من يتخذون الكلمة الحرة الجريئة عدوا لدودا لهم !! ...
تنسينى هذه الخديعة أننا نعيش فوق رماد قابل للإشتعال فى أى لحظة من اللحظات ... كما حدث عندكم ....
لن أنس ما كتبته عنى ... فهو وسام أحمله على صدرى وأباهى الجميع به ...
مقالك الرائع الذى تدين فيه عملية إعتقالى وتدعو إلى الديمقراطية والحرية .....:-
((((( اعتقال الكاتب عبد الكريم نبيل سليمان .. أطلاق رصاصة الرحمة على رأس النظام المصري .. تعتبر عملية أعتقال الكاتب , هي اعلى مراحل السقوط والهمجيه , وستؤكد بما لايقبل الشك , حقيقة هذا النظام الدكتاتوري القمعي , المتسلط على مقدرات وكرامة الشعب المصري , لربع قرن , اعادت مصر الى عصر استعماري غبي .. وقد ثبتت التهمة الواضحة على كل ما قيل وسيقال , عن هذا التسلط الارعن , ومعاداة المفكرين والعلماء ( ليس الاسلاموين ) هو من ديدن هذا النظام السفاح ماذا فعل هذا الشاب العشريني , انه يحمل قلما , وليس بندقيه , يناضل بفكره , الذي لايتعدى , النقد الموضوعي واسداء النصح لكم ياساده , انه لو لم يكن يقل الحقيقة لما كنتم قد اعتقلتموه , أم انكم تخشون أن يكبر بعمره وفكره , هل من يناصر المرأه ويوجه النقد لبعض السياسات الخاطئه في مجالات الحياة الفكريه والسياسيه يتعرض للاعتقال ؟ في بلد يدعي الحريه والديمقراطيه .. انه الرأي الآخر ياساده ! أين هي اذن التعدديه وحرية الفكر ووووو..؟ كان جل همه , ان يحظى شعبه بهامش كم الحرية والرفاهية والعدالة الاجتماعية .. وأن يأخذ المواطن المصري حقه في الحياة ظل قيادة وطنية ! وليست عميلة ! نتساءل : ماهو الجرم الذي أرتكبه ؟ هل لانه قال : لانريد حكما وراثيا ؟ ولانريد حكام مستبدين مرتبطين بأمريكا ؟ ولايخونوا شعبهم وتاريخه ؟ هل لانه خرج في تظاهرة سلميه كانت ترفض تجديد ولاية السلطان للمرة الخامسة والعشرين ؟ انها الساعة الخامسة والعشرون ! ام لانه كشف حقيقة مايجري في الازهر ؟ وحقيقة التحالفات المشبوهة مع الاسلاميين ؟ ام لانه قال ان المرأة مهمشة في مجتمع , تشكل فيه نسبة 60 بالمائة من الشعب , ولم تزل تخدم سي السيد .. ولم ترتقي الى مستوى انسانيتها ؟ أود ان اتساءل هنا : هل قام بواجباتهما السيدين - البابا شنوده ومحمد سيد طنطاوي - في الانتخابات المهزلة .. الم يكن ذلك التحالف هو مصادرة لرأي الشعب المصري واستغلال رجال الدين الذي يسعون وراء مكاسبهم في امور السياسة والديمقراطية ؟ هل اعترض الامراء السعوديون - خدام امريكا - على كتاباته عن الحركة الوهابية وأمراؤها .. وامروا بأعتقاله ؟ حتى لايرفعوا أيديهم عنك , ويقولوا لبوش ان الرئيس , يعمل وفق ما تتطلبه السياسة ( الامريك - اسرائيلية ) .. انا أقول هنا صراحة .. لقد فضح النظام البائس في مصر العروبة , كل الاعيبه الخبيثه .. بأعتقاله لهذا الشاب اليافع ! الذي نزهو ونفخر به ايما فخر .. لقد قلدتموه وساما رفيعا .. ولااعتقد ان اي من شرفاء مصر من الجنسين رجال ونساء خصوصا طلبة وطالبات الجامعات المصريه لايشاركني هذا التقليد .. هذا العمل الاجرامي الذي يتنافى مع كل القوانين والاعراف الانسانيه والاخلاقيه , سوف يرد لكم .. بأن تقف مصر كلها , خلف الشاعر والكاتب .. وهنيئا لك يا ( كريم عامر ) أسرك هذا .. وتحيا مصر رمزا للحرية .. )))))
كلمات قليلة ... ولكنى سأحملها ككنز لا يقدر بثمن ....
عندما ذكر إسمى ضمن المهددين بالقتل فى القائمة التى لم يضار من المذكورين بها أحد حتى الآن ... أعددت نفسى للذهاب الى النهاية ...
فى اليوم الذى كان من المفترض أن تنتهى المهلة التى أعطوها لنا لكى نعلن رضانا بالقيود على كواهلنا ... كنت أشاهد فيلما عن المناضلة الألمانية الشابة صوفيا شول ....
تخيلت نفسى أننى هذه الفتاة أو أحد أصدقائها ... وهم يضعون أعناقهم تحت المقصلة جزاءا لطلبهم للحرية ...
شعرت بأنهم سعداء بمصيرهم .... وخرجت من القاعة التى عرض فيها هذا الفيلم ولسانى يكاد يصرخ ... إقتلونى إن شئتم !!....
تراك كنت سعيدا مثل صوفيا وهانز شول ... وكريستوف بروبست عندما هوى أعوان هتلر بالمقصلة فوق رقابهم ؟؟!!....
لقد تركتَ أثرا عميقا علىَّ ... وجعلتنى أؤمن أن الحياة لا تزال بخير ... وأنها على الرغم من بؤسها وقساوتها ... تحمل الأمل ...
عندما أخبرتك بنبأ فصلى من الجامعة ... أرسلت إلى تعزينى بمثال شقيقك الكاتب فلاح شاكر ...وتقول :-
(((( الاستاذ عبد الكريم

تحياتي وارجو ان تكون بخير

شكرا للتواصل .. لايهم إن لم تواصل الدراسة , رغم أهميتها .. أخي فلاح شاكر الكاتب المسرحي المعروف .. فصلوه من جامعة بغداد - قسم الفلسفة - لمجرد انه نقد بعض كتابات أستاذ المادة في الصحف .. وها هو - الكاتب المسرحي العربي الوحيد الذي تترجم اعماله الى خمس لغات .. ويواصل ..

قلبي معك ومع كل شرفاء مصر العروبة .. آمل أن لا توقف قلمك كل تلك ( المعرقلات) وأنا هنا رغم المحنة - مستعد لتقديم اية دعم تحتاج - لك محبتي وتقديري .. سيدي )))) ....
منحتنى كلماتك فيضا من الأمل ... ولكنك سلبته عندما قررت الرحيل قبل أن تقرأ ردى - الذى لم أسطره حتى الآن - على رسالتك أو تتحدث معى مرة أخرى ...
أذكر أنك أضفتنى على حسابك فى برنامج الياهو مسينجر منذ حوالى أسبوعين فقط ... وكانت ظروفى لا تسمح لى بالتواصل المباشر معك من خلاله ....
ووجدتك تترك لى بعض الرسائل وانا غير موجود تطلب منى أن أحدد الوقت المناسب للحديث معك ...
ولكن من إغتالوك تعمدوا أن يمنعونى من فرصة لقائك ... ولو إفتراضيا ... تبا لهم ! .
مسافة كبيرة تفصل بين البصرة ... ودمنهور .. حيث قتلت أنت ... وكدت أن الحق بك لولا أننى جبنت وهربت ...
ومسافة أكبر .. بين الفالوجة .. والإسكندرية ... حيث تعيش أنت ... وأقيم أنا ...
ولكن ... لا مسافة تفصل بين روحينا المرفرفتان معا فى سماء الحرية ... دون أن تستطيع طلقة رصاص أو ضربة سيف أن تفصلهما أو تقدر قذيفة مضادة لكل من يطير ... أن تسقطهما ...
تبا لمن قتلوك .... قتلوا الكلمة لأنها تخيفهم أكثر مما يخيفهم سيف الحاكم و سوط الجلاد ...
قتلوا الكلمة الحرة ... لأنهم يدركون أن آثارها أكثر شدة من إنفجار قنبلة ذرية ...
قتلوا عبد شاكر ... لأنه رفض أن يكون عبدا ... وسعى أن يغير إسمه ليكون حرا ....
أرادوه أن يبقى مدى حياته عبدا ... ورفض أن يجيب طلبهم ... لأنه يعشق إمرأة من لا مادة ... تدعى الحرية ...
حر الدليمى ...هو إسمك الجديد الذى إخترته لك دون إرادتك ... سامحنى على ذالك ! ....
أعجز عن انهى هذه الأسطر ... وأجد فى ذالك خيانة لإنسان تضامن معى دون أن يرانى أو أن أراه ...
رجل من كلمات وحروف ...
لا يمكن أن أنساه ...
سامحنى إن كان هذا السطر هوالأخير فى هذه المرثية التى أتمنى أن تكون الأخيرة التى أكتبها عن عزيز علىَّ ... يرحل عن هذه الحياة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-