الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال يدور في الأذهان ؟ ..

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2019 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


سؤال يدور في الأذهان ؟..
هل هناك إمكانية التغيير في ظل هذه التركيبة السياسية ، وهيمنة قوى الإسلام السياسي ؟ ..
لا يمكن التغيير في ظل تغييب دور القاعدة العريضة التي تساند النظام القائم ، وتغييب إرادتها ، ووجوم وسلبية الأغلبية الصامتة وتدني وعيها ، فهي صاحبة المصلحة الحقيقية في عملية التغيير ، ومن دونها يستحيل التقدم حتى خطوة واحدة نحو تحقيق هدف بناء دولة المواطنة .
وتحرص بعض القوى المستفيدة من بقاء هذا التخلف والشقاق والفساد ، وتعمل على الإبقاء على وضع البلد المدمر ، وخرابه وتخلفه وتمزقه ، فهي المستفيدة بغياب دولة قادرة على فرض إرادتها على كامل التراب العراقي .
ومن أمضى الأسلحة التي تستخدمها ، القوى الرجعية السلفية والظلامية ، والقوى الإرهابية بكل أشكالها ومسمياتها ، هو سلاح تجهيل وحجب الرؤيا عن قوى التغيير ، وتحاول وما تمتلك من وسائل لتغييب الوعي الجمعي وإضعافه الى حد بعيد ودفعه نحو الغيبيات والشعوذة والتوكل وانتظار المخلص والمعين الذي لن يأتي أبدا .
من خلال تسويق ثقافته المبنية على الجهل والامية والفقر والشعوذة والدجل مثلما يحدث اليوم في العراق ، وتغليب الغيبيات على منطق التفكر والتفكير والبحث والثقافة والمعرفة والعمل المنتج والمفيد .
وتحاول قوى الظلام والتخلف اقناع هذه الملايين بمشروعها الظلامي ، واستخدامهم الدين وعباءة الدين خدمة لمصالحهم الشريرة والظلامية القاتلة للإبداع والبحث والتنوير .
ويدعون زورا وكذبا ، بأنهم يأخذون على عاتقهم مسؤولية تحديد مسار ومستقبل وسعادة هذه الشرائح الفقيرة والمضطهدة البائسة ، باعتبارهم وكلاء وأوصياء من قبل الله على الأرض ، وجعلهم مقودين وتابعين كرعاع وعبيد لهذه القوى الباغية .
وقد تصدقهم الشرائح الدنيا من المجتمع وتسير خلفهم وتقتنع بما يدعون ، ولكن اللعبة لا يمكنها أن تستمر ، والناس يريدون شيء ملموس يساعدهم في حاضرهم ومستقبلهم وينتشلهم من الجوع والجهل والمرض والبطالة ، ولن ينتظروا طويلا مثلما حدث بعد 2011م ، حين خرج الناس يهتفون ضد هؤلاء الفاسدين والمفترين ومن قواعدهم المؤيدين لهم بالأمس ، حين هتفت هذه الجموع [ بسم الدين باكونه الحرامية ] .
الذين خرجوا أغلبهم من الطبقات المعدمة والفقيرة وبإسناد ودعم القوى المدنية والديمقراطية والوطنية ، ولن تتمكن قوى الظلام والتخلف رغم ما تمتلكه من إمكانات مادية وإعلامية والمؤسسة الدينية التي تساندهم ، لن يتمكنوا من استغفال وتظليل وأقناع هؤلاء على طول الوقت ، وانكشف زيف هؤلاء بأن هذه القوى الممسكة بالسلطة الدينية والدنيوية بيدها القرار والحل السحري !..
وقد افتضح معدنهم وزيفهم وبانت عورتهم ، وبأنهم ليسوا المخلص من واقعهم البائس ، وبدأت تدرك هذه الملايين بأن الخير والبؤس والنجاح والفشل بأيديهم وليس بأيدي هؤلاء الفاسدين ، ونجاتهم في الدنيا ليس بأيدي هؤلاء المارقين وأدعياء الدين والدين منهم براء ، وأن المخلص الحقيقي لهذا العيش البائس هو رهن أيديهم وبإرادتهم وبعزيمتهم وادراكهم للمهمات الواجب نهوضهم بها وليس بيد هؤلاء الأدعياء .
مصلحة البلاد والعباد تكمن في عدم استمرار هذه القوى الظالمة ، مهيمنة ومسيطرة وجاثمة على صدور هذه الجيوش المنكوبة بالبطالة والجهل وغياب الخدمات وبالفقر الشديد والظالم ، ويلفهم البؤس والخوف من المجهول ومن عقاب الأخرة كما تخوفهم به القوى الباغية !!!..
النظام القائم منذ سنوات مازال يستخدم هذه الأساليب من التظليل والدجل ، يخوفون البؤساء والمحرومين ، بيوم ( الحساب ! ) وبالعذاب الشديد في حال مخالفتهم لأوامر الدجالين الذين ( بيدهم مفاتيح الجنان كما يسوقون ! ) .
ونتيجة لتلك الوعود الكاذبة والخادعة ، فقد استمر البؤساء من الشرائح البسيطة والمتدنية الوعي والفقيرة ، تصديق أحابيل هؤلاء وأكاذيبهم ودجلهم حتى افتضح أمرهم وظهر فسادهم وسرقاتهم وفشلهم في توفير الخدمات حتى في حدودها الدنيا .
أمام قوى شعبنا الخيرة والتقدمية الوطنية مسؤولية قيادة وتوجيه هذه الشرائح والطبقات الدنيا والدفاع عن مصالحهم والتعبير عن معاناتهم .
هذه الشرائح الدنيا لا يمكنها الخروج من هوتها السحيقة التي وضعت فيها من قبل النظام القائم ، الا من خلال القوى التقدم والديمقراطية ، هي التي بيدها مفتاح الحل والتي يجب أن تسير بخطى ثابتة ، نحو بث الوعي والتعريف بالحقوق وما عليها من واجبات لتحسين واقعها البائس .
هذه القوى المتجبرة الفاسدة الممسكين بالسلطة ، لم يتمكنوا من الإمساك بها عبر وسائلهم الرخيصة والقديمة ابدا .
المعادلة والموازين تغيرت ولن تكون كما كانت عليه خلال السنوات الماضية ، وعي الناس قد تغير الى حد غير قليل لصالح قوى التغيير ، وهناك أخيار ومناضلون وناشطون ومفكرون من العلماء والمثقفين والادباء والقادة النقابيين والمهنيين ، ومن الأحزاب التقدمية والديمقراطية ، ومنظمات المجتمع المدني والمهتمين بحقوق المرأة والشبيبة والطلبة وحقوق الأنسان والطفولة وغيريهم ، هؤلاء تقع عليهم مسؤولية جسيمة في أخذ زمام المبادرة وتوحيد الصفوف وتجميع لقواهم وأنشطتهم ، وبذل كل الجهود وتظافرها ، وبعمل جمعي مشترك ، وكل حسب موقعه وقدراته وثقافته وتأثيره الاجتماعي وفي المجالات الأخرى .
يجب توفر الإرادة الصلبة ، على تصدر النضال ومقارعة هذه القوى الغاشمة والمعوقة لتحقيق هدف بناء الدولة العادلة والديمقراطية .
ستبدأ تتلاشى سطوة وهيمنة هذه القوى من خلال وحدة القوى الديمقراطية والوطنية التقدمية ، كلما تمكنا من ان نخطو خطوة نحو الديمقراطية وتعميق المواطنة كمنظومة قيمية وأخلاقية ووفق الدستور والقانون كلما تقدمنا خطوة الى الأمام .
الديمقراطية والنظام الديمقراطي هو السبيل القادر على الحد من انتهاك هؤلاء ومحاولاتهم لتغييب الوعي والثقافة الديمقراطية والحقوق والحريات .
الديمقراطية كشكل من أشكال بناء الدولة ، فهي تعني الدستور والقانون والمواطنة والحريات والحقوق والتعددية والمرأة والفنون والأداب .
وتعني العدل والمساواة والنظر الى الناس على أنهم ينتمون الى وطن واحد ، ويعاملون وفق القانون ولهم حقوق وعليهم واجبات وكل حسب قدراته ومؤهلاته وثقافته وتحصيله العلمي والمعرفي .
والدستور والقانون فوق الجميع ، ويخضع إليه الجميع ويحتكم إليه الجميع ، ولا شيء أخر سواه أبدا .
علينا شحذ همم الناس والانتصار للدولة المدنية الديمقراطية العادلة ، كلما شكلنا ثقلا جماهيريا وثقافيا وقاعدة عريضة لدعم وتأييد للنظام الديمقراطي ، سينعكس ذلك إيجابا وتأثيره ناجعا ومؤثرا في المشهد السياسي .
لابد من الإشارة الى أن العمل من أجل إخراج الناس من سلبيتهم وعن صمتهم والدفع بهم للمشاركة الفاعلة في عملية التغيير، كلما كان لتأثيره أكبر في المشهد السياسي ، وهي مهمة شاقة ومعقدة وتحتاج الى جهد وعمل نشيط ومتواصل ومن دون كلل .
هذا سيمكننا من وضع اقدامنا في المسار الديمقراطي الصحيح ، ونبدأ في الخطوة الأولى في الممارسة الديمقراطية ، وسنتمكن من انتزاع الحقوق من مغتصبيها والسير في الاتجاه الصحيح .
هذا يتوقف على العمل الجماعي المبرمج والهادف ، لتخطي كل العقبات التي تحول دون تحقيق الأهداف المراد تحقيقها ، من خلال تعميق العمل الجمعي .
والبحث عن المشتركات وترك كل ما يحول دون إيجاد القواسم المشتركة ، لمسيرة شعبنا نحو السلام والتقدم والرخاء والتعايش والتعاون ، والتي ستكون إحدى الركائز الأساسية في المسيرة الوطنية الظافرة .
وهنا يكمن سر واساس نجاحنا ، ويساهم بشكل فاعل في نجاح كل الأنشطة الاجتماعية وإدارة حركة المجتمع وبنائه وتطوره وتقدمه الى الأمام ووفق منظور سياسي ونهج واضح .
الجميع يعلم بأن النشاط الكمي والكيفي ، لابد وأن يكون عمل جماعي ، بمعنى أن كل أنواع الإنتاج وأشكاله المختلفة وأنشطته ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والأخلاقية وحتى الدينية ، جميعها أنشطة وممارسات وأعمال جماعية وبعقل جماعي ، ولا يمكن تحقيق أي نشاط ناجح ومفيد ، من دون أخذ هذا بنظر الاعتبار .
السبب الرئيس في فشل النظام السياسي القائم في العراق [ قوى وأحزاب الإسلام السياسي والمؤسسة الدينية كونها تمثل فكر وفلسفة هذه القوى ] سبب هذا الفشل ، تفرد هذا النظام في عملية البناء للدولة والمجتمع ، والذي يقوم على الرأي الواحد والفكر الواحد والطائفة والمنطقة والدين الواحد ، وإلغاء كل من يخالفهم ويختلف في رؤاهم مع فكرهم اللاغي للأخر وللتعددية وللمواطنة .
نستنتج من كل ما تقدم ، بأن أي نظام حكم لا يقوم على إشراك السواد الأعظم في بناء الدولة والتعددية في صنع القرار ، وعبر الهوية الوطنية والديمقراطية والمواطنة والحريات والحقوق ، لا يمكن أن يكتب لهذا النظام النجاح والبقاء وينال قبول واسناد وتأييد من الغالبية العظمى من الناس ، كون الشعب هو مالك الخيرات المادية ويمتلك الإرادة وهو صاحب السلطة والقرار .
صادق محمد عبد الكريم الدبش
8/8/2019 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتيجة غير حاسمة للانتخابات الرئاسية الإيرانية والانتقال للجو


.. جدل ونقاشات داخل الحزب الديمقراطي حول أهلية بايدن للتنافس ال




.. إلياس حنا: المقاومة لا تقاتل بفوضوية وإنما تستخدم أسلوب حرب


.. البرهان يزور جبهة القتال شرق السودان والدعم السريع يعلن سيطر




.. مستوطنون يعتدون على شاب فلسطيني في الخليل وإحراق سيارة مستوط