الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يوقظ بيان رئاسة الجمهورية الضمائر المجازة ؟

جاسم هداد

2006 / 5 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


( 1091 )

الرقم المثبت اعلاه ليس فاتورة شراء مواد غذائية او منزلية ، وليست فاتورة مطعم او ....الخ ، بل هو عدد ضحايا الحرب الأهلية المستترة الذين اغتيلوا على الهوية خلال شهر نيسان وفي بغداد فقط ، ومصدر الرقم المذكور ليس من وكالات الأنباء ، او من مصادر صحفية ، والتي عادة ما تكذبه المصادر الرسمية وتطالب من اذاع الخبر بتوخي الدقة ، الخبر هذه المرة مصدره بيان صادر من اعلى جهة رسمية في الدولة العراقية وهي " رئاسة الجمهورية " ، وتناقلته وكالات الأنباء يوم الأربعاء الموافق 10مايس 2006 ، وبيان رئاسة الجمهورية استند لمعطيات دائرة رسمية موثقة معنية بهذا الشأن ، وهي تقارير معهد الطب العدلي .

والرقم اعلاه لم يتضمن " عدد الجثث التي لم يتم العثور عليها او الجرائم المماثلة المرتكبة في المحافظات " ويؤكد البيان على " خطورة الوضع " ، وان انتشار هذه الجرائم على هذا " النطاق الواسع " ، غدا " مثيرا للقلق العميق " .

رغم استمرار مسلسل القتل اليومي ، والذي لم يعد خافيا على احد من المواطن العادي الى رئيس الجمهورية ، والسياسيون العراقيون لا زالوا يتصارعون على الكراسي الوزارية ، اكثر من الف ضحية في شهر واحد وفي بغداد فقط ، ولازال بعض من ساهمت الظروف في طفوهم على السطح السياسي ، يعترض على ان الوزارة الفلانية لا يجوز ان يتبؤها كوردي ، معطيا تبريرا ساذجا كيف يكون رئيس الجمهورية ووزير الخارجية من قومية واحدة ؟ ، وكأن الأثنين ليسا بعراقيين .

وكأنهم لم يقرأو التاريخ فوزير المالية في اول وزارة عراقية عند تشكيل الدولة العراقية كان من الديانة اليهودية ، واشهر وزير داخلية في العهد الملكي كان من القومية الكردية .

وآخر يعترض على اسناد منصب نائب رئيس الوزراء لمواطن عراقي بحجة ان هذا المواطن علماني ووفق تفسيره الغريب فهو ليس شيعيا ولا سنيا ولا كرديا ، ويضيف لا فض فوه ، ان هذا المنصب مخصص للسنة العرب ، وبإعتبار قائمته هي الوحيدة التي تمثل السنة العرب ، فعليه ان هذا المنصب يجب ان يؤول اليه .

وآخر يصر وبعناد على ان وزارة النفط يجب ان تسند له ، وذلك لأدارته الناجحة لها خلال الفترة الماضية ، وكأنه لم بسمع او يقرأ تقرير المفتش العام في وزارة النفط والذي اشار فيه الى ان قيمة النفط الخام والمنتجات التي تهرب من موانئ جنوب العراق غير الشرعية تقدر مابين ( 400 ـ 800) مليون دولار وليس دينار سنويا ، وفضح فيه انغماس شرائح مهمة من الفئات السياسية والأجتماعية والدينية في عمليات التهريب والفساد الأداري بشكل او بأخر ، ولا تزال قريبة على الذاكرة فضيحة تهريب الف ومائتي صهريج نفط !!! " وليس 1200 غالون " مهرب بإتجاه احدى دول الجوار .

وسياسي يلح هو الآخر على ان وزارة الداخلية يجب ان تكون من حصة قائمته ، رغم ان الوضع الأمني شهد تدهورا حادا منذ تولي وزير الداخلية الحالي لمنصبه ، وصار الساكن لمدينة بغداد لا يأمن على نفسه حتى ولو كان في بيته ، واشاعت " فرق الموت " الرعب بين المواطنين ، ومنظر الجثث الملقاة في الشوارع والطرقات صار من المناظر اليومية التي يتصابح بها البغداديون ، في الوقت الذي تنقل لنا بيانات وزارة الداخلية اخبار القاء القبض على مساعدي وطباخي وسائقي الزرقاوي ، لابل صرح احد قادة قوات الأحتلال بأنهم اصبحوا قريبا من " زرقاويهم " ، ويبدو انهم لا يريدون القاء القبض عليه في الوقت الحاضر فثمة مخططات لم تنجز لغاية الآن .

ورئيس مجلس النواب يجند بلطجية في حمايته ، يعتدون على زميل لهم في حماية احدى النائبات ، لمجرد ان رنة الهاتف النقال ازعجته ، وعندما تطرح هذه السيدة الموضوع في مجلس النواب ، ينزعج " ممثل الشعب "، ويستغل سلطته النيابية وبقرار انفعالي يرفع الجلسة ، غير عابئ ولا معط أي احترام لزملائه المائة والأربعة والسبعين الحاضرين لجلسة المجلس .

السيد رئيس الجمهورية مشكورا دق جرس الأنذار لممثلي مجلس النواب والأحزاب والقوى السياسية والمراجع الدينية بكافة طوائفها وابناء الشعب كافة وجميع اجهزة الدولة للتحرك والعمل من اجل وقف نزيف الدم ، وهي بحق مبادرة جيدة من رأس الدولة العراقية وغير مسبوقة من قبل رؤساء الدول ، بينما يلاحظ ان الوزراء ومستشاريهم ومساعديهم ومعاونيهم ومدراء مكاتبهم والناطقين بأسمهم يعرضون للرأي العام في مؤتمراتهم الصحفية ومقابلاتهم المسموعة والمقروءة والمرئية ان " الدنيا ربيع والجو بديع " ، ويشاركهم في ذلك ابناء عمومتهم واصدقاؤهم وحتى جيرانهم .

ما وصل اليه حال العراق لا يتحمل مسؤوليته عصابات الأرهاب التكفيرية الأجرامية وايتام النظام البعثي الفاشي وقوات الأحتلال فقط ، فهذا الأمر مفروغ منه ، ولكن كذلك يشاركهم بعض السياسيين العراقيين اللاهثين وراء المكاسب الحزبية الضيقة ، والمؤججين لنزعة الطائفية والتعصب القومي .

ونعتقد ان ما جاء في بيان رئاسة الجمهورية لا يتطلب ادانة الأحزاب السياسية لهذه الجرائم البشعة فقط ، بل يتطلب تنوير الرأي العام العراقي بكل من يساهم في عرقلة العملية السياسية من اجل منافعه الحزبية الضيقة ، وكشف كل من ساهم ويساهم في تغذية داء الطائفية ، وان خطورة الوضع تتطلب " تحركا سريعا وحازما من اجهزة الدولة خاصة للتصدي لهذه الجرائم وكشف الظروف التي اتاحت انتشارها على هذا النطاق الواسع والقبض على الزمر المرتكبة لها وإحالتها الى القضاء "

ومع الأسف تم التستر على الكثير من الجرائم ولم تعلن نتائج تحقيقاتها بالرغم من رئاسة مسؤولين كبار للجانها ، والأمثلة كثيرة واشهرها تفجير المرقد العسكري في سامراء ومعتقل الجادرية وكتيبة الموت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح وما موقف القاهرة ؟| المس


.. أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا




.. انتفاضة الطلبة ضد الحرب الإسرائيلية في غزة تتمدد في أوروبا


.. ضغوط أمريكية على إسرائيل لإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات




.. قطع الرباط الصليبي الأمامي وعلاجه | #برنامج_التشخيص