الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلمان المنكوب في المدى

محمد الذهبي

2019 / 8 / 10
الادب والفن



جاء ليتسلم المكافأة التي وضعها رئيس مؤسسة المدى فخري كريم للادباء والفنانين، واعتقد انها كانت ثلاثمئة دولار، كنت نزلت للتو الى صديقي سلمان لاشرب الشاي واتبادل الحديث معه فهو شاعر شعبي ممتاز، وكان مستودعا لاسراري وهمومي، كنت استخرج السيكارة وانا بعد على سلم الجريدة فالتدخين ممنوع، اشعلتها واتجهت باتجاه سلمان واذا بسلمان المنكوب وجها لوجه ، ابو داوود بلحمه ودمه، كنت صيفا اتابع الاصوات وانا صغير، فاذا سمعت صوت المنكوب تأتي به مكبرات الصوت من بعيد، خففت اليه وانا خائف اترقب من الظلام والمفاجآت التي من الممكن حدوثها، وحين اصل بعد جهد وتعب اتمتع بصوت المنكوب واترك شاغلي الاكبر وهو طريق العودة، ابحث في الوجوه عن احد اعرفه لأعود معه، ولكنني اقهر هذا الهاجس وانتبه للمنكوب وابيات اللغة العربية الفصيحة التي يبدأ بها دائما ثم يضيف الابوذية، فيكون تأكيدا بليغا لمعنى البيت، كنت اقطع مسافات طويلة مملوءا بالخوف والدهشة.
بقيت هكذا مع المنكوب ربما اجبرتني الحفلة ان ابقى للساعة الثانية بعد منتصف الليل، واكون قد خالفت جميع قواعد المنزل، لكنني كنت اقنع ابي بانني كنت مع المنكوب وهو كان من المتحيزين لهذا المطرب الجنوبي الجميل، المنكوب كان يحفظ حوادث كثيرة وربما أثار نعرة عشائرية، فقد حدثت مشاجرة كبيرة في نهاية مدينة الثورة بين بني لام وقبيلة كعب، فقد اورد المنكوب المراسلات التي جرت بين شيخ خزعل خان امير المحمرة من جهة وغضبان البنيه شيخ قبيلة بني لام من جهة اخرى، حيث بعث خزعل خان بيتاً من الميمر الى غضبان:
كصلك لحم من مدورك واشوالك.... نوم اللحود افوخ كلب واشوالك
هذرت علينه عكّرك واشوالك.......وثاري فحلكم من فحلنه عشّر
فكان جواب غضبان
ارسل سلام بكاغدن عشّرنه...... وارماحنه بسدر العدو عشّرنه
ان جان من خادم جعب عشّرنه... هذا افلتي واشبايته ماتثمر
بعدها امتلأت السماء بالكراسي وهربت باتجاه الاورفلي، وعدت وقد ضاعت (فرده) من نعالي، استقبلت ابا داوود وعرضت عليه شرب الشاي، كان متعبا ولكنني ذكرته ببيت قرأه منذ زمن بعيد ، البيت مؤثر جدا قلت له ابو داوود شنو سالفة :
من كلبي يميد الماي ينفار ... ومن عسري صديج اهناك ينفار
الدهر دولاب ياشمات ينفار... عليكم والشماته ذيج هيّه
جذب حسرة كبيرة وقال : هذا البيت قرأته في علي الغربي في جلسة خاصة، الصوت الذي جاء من بعيد جعلني اصيح على صديقنا عبد الزهرة المنشداوي ليرافق ابا دواوود وانسحبت انا مسرعا، ليتني لم انسحب وليتني جازفت بعملي في الجريدة للبقاء مع ابي داوود، هذا الرجل زرع الحزن بداخلي مبكرا ورحل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكايتي على العربية | ألمانية تعزف العود وتغني لأم كلثوم وفير


.. نشرة الرابعة | ترقب لتشكيل الحكومة في الكويت.. وفنان العرب ي




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيب: أول قصيدة غنتها أم كل


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أول من أطلق إسم سوما




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أغنية ياليلة العيد ال