الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تختار ما تقرأ؟

زهير إسماعيل عبدالواحد

2019 / 8 / 11
الادب والفن


سؤال وجيه فعلاً. ومن البديهي أن نهتم في إجابة من نراه جديراً بكونه قدوة على مثل هذا السؤال. لكن، لماذا قد يهتم أحدهم بالطريقة التي أختار فيها ما أقرأ ؟ من أكون أنا ؟ حقيقةً، لقد ترددتُ كثيراً حين طُلب مني كتابة هذا المقال. لأنني لم أجد ذاتي من الأهمية لدرجة أن يهتم أحدهم بالطريقة التي أختار فيها ما أقرأ. لكنني وجدتُ نفسي مضطراً لذلك كي أتخلص من الإلحاح الشديد للحصول على هذه المقالة. لربما أفادت أحدهم –بطريقة ما-.

في بدايات قراءاتي. كانت مكتبة أبي هي المصدر الوحيد للقراءة. وعليه لم أكن أملك الكثير من الخيارات. وكنتُ أقرأ ما هو موجود أمامي وحسب. وقبل سنوات، جرى تحول كبير في مجال عملي اضطرني لقضاء وقت طويل على جهاز الكومبيوتر يومياً. فأصبح من الطبيعي أن أنصرف للقراءة الإلكترونية حيث لا حدود لخيارات القراءة.

قمتُ بتقسيم مجالات إهتمامي لحوالي سبع مجالات؛ الأدب، الإنسانيات وتشمل: (الإقتصاد، التاريخ، السياسة وعلم الإجتماع)، الروايات والقصص، علم النفس، الفلسفة، العلوم، الشعر. وهناك مجموعتان إضافيتان متغيرتان حسب المواضيع التي أبحث فيها خلال فترة زمنية معينة. ثم اتبعتُ سياسة بسيطة للتداول بين هذه المجموعات في القراءة. وأقوم بإضافة الكتب إلى هذه المجموعات، كلٌ حسب تصنيفه. وقد ساعدني موقع "جودريدز" كثيراً في تسهيل مهمة تنظيم هذه الأمور وتنسيق لائحة قراءة يمكن إتباعها كوسيلة إرشادية لاختيار كتاب ما للقراءة.

عملية إختيار كتاب وإضافته إلى هذه اللائحة من خلال التصنيفات السابق ذكرها تعتمد على عدة أسباب. فقد يكون الكتاب منصوحاً به من شخص أثق برؤيته. ومن الممكن أن يثيرني مقال ما لقراءة كتاب مذكور فيها. وينطبق الأمر على الكتب. فهناك على سبيل المثال لا الحصر: كتاب الرواية العربية من تأليف روجر ألان.. وهو كتاب نقدي يتحدث عن تاريخ الرواية العربية ويقوم بتقديم رؤية نقدية لعدد من الروايات العربية وقد قرأتُ بسببه ما لا يقل عن عشر روايات عربية مذكورة فيه. وكذلك الأمر مع كتاب اللا منتمي لكولن ولسون والذي هو أشبه ما يكون بمراجعة كتب ضخمة.. ولا أذكر حقيقةً عدد الكتب الذي قرأتها بسببه.

لا يمكنني أن أغفل موضوع القراءة التحليلية وهي تلك القراءة التي تكون في عدة كتب تتحدث عن موضوع واحد. وأستخدمها بالعادة خلال أبحاث أقوم بها في مواضيع منتقاة. أقوم بالعادة، بتحديد الموضوع ثم تبدأ الرحلة مع عدة كتب أقرأها بشكل متسلسل. ثم أقوم بجمع ملاحظات تساعدني فيما بعد في كتابة الشكل النهائي الذي ستخرج به نتيجة البحث. قد تكون مقالة كهذه أو رواية. ففي روايتي الأولى إضطررت لقراءة عشرة كتب لكن في روايتي الثانية.. يمكنني القول بأنني قرأتُ ما بين 40 – 60 كتاب كي تخرج بالشكل الذي خرجت عليه. ومن المهم بالنسبة إليّ كتابة مراجعة لمعظم الكتب التي أقرأها وأحتفظ بها واعيد قراءة المراجعة كلما دعت الحاجة. والحاجة هنا قد تكون لربط الكتاب مع كتاب آخر في ذات الموضوع. أو لاستخلاص فكرة ما نسيتُ مصدرها.

من البديهي هنا أن تكون مراجعتي تشرح إنطباعاتي العامة عن الكتاب. ولربما تشتمل في بعض الأحيان تحليلاً أكثر توسعاً للكتاب والتعليق على بعض الأفكار المنتقاة من الكتاب. وهذا يسهل عليّ إستذكار ما تركه هذا الكتاب في نفسي بعد الإنتهاء منه.

وهناك أحد أهم النقاط التي يجب إثارتها عند التفكير لاختيار كتاب ما للقراءة. وهي ما هي غايتك من القراءة ؟ فلا يمكنك مثلاً أن تقرأ رواية شاعرية بينما أنت تهدف للبحث في موضوع تاريخي ! إن الغاية من القراءة هي دافع مهم لاختيار كتاب معين وتفضيله عن غيره. ولربما هنا أجد نفسي مضطراً للإشارة لكتاب مورتمير أدلر "كيف تقرأ كتاباً ؟" وفيه يتحدث أدلر عن غايات القراءة المختلفة ومستويات القراءة وغيرها.. وأعتقد أنه من الضروري لأي شخص مهتم في القراءة والكتب أن يقرأ أو يطلع على هذا الكتاب. فمن المرجح جداً أن يكون له ذا فائدة.

من المهم أن تنتقي من الكتب ما يثير إهتمامك، وحتماً ستشعر بالملل حين ترغم نفسك على قراءة ما لا يثير إهتمامك بل قد لا تتمكن من إنهائه أبداً. القراءة هي أحد أكثر الأشياء خصوصية وذاتوية. فأنت تقرأ من أجلك أنت. وتذكر أن كل كتاب ستقرأه سيضيف لشخصك شيئاً ما ولا يوجد كتاب خالٍ من أي فائدة.. وهذا ما يجعل القراءة عادة حميمية خاصة جداً. ولذلك فأنتَ لستَ مضطراً أن تقرأ ما يقرؤه الجمهور.. أو أن تعجب بما يعجب الجماهير. فشخصك مميز ورأيك هو عرض مجمل لإنطباعاتك عن الكتاب وهو في ذات الوقت يعطي الناس إنطباعاً عاماً عنكَ أنتَ أيضاً في ذات الوقت.

وقد يكون أهم شيء في الموضوع، هو أن تتذكر بأنك كائن أرضي يدرك مدى ضآلة وتواضع وجوده ومعرفته في هذه الدنيا مهما قرأ من الكتب. إن إدراك المرء بجهله هو معرفة قائمة بحد ذاتها. والقراءة التي تجعلك تعتقد غير ذلك إنما هي دليل على أنك قمتَ بخيارات قراءة فادحة السوء !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا