الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسلحة حماس في الأردن والخطاب السياسي للحركة

حسين عبدالله نورالدين

2006 / 5 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ اليوم الأول للإعلان عن اكتشاف الأسلحة الحمساوية في الأردن أنكرت الحركة وبشدة بل واتهمت الحكومة الأردنية بأنها فبركت الموضوع. وتبارى الحمساويون في الداخل والخارج للإنكار وتوزيع الاتهامات وتحليل وتبرير مواقف الحركة في الوقت الذي كانت فيه قنوات فضائية تصب الزيت على النار وتستضيف من يشكك في الرواية الرسمية الأردنية ويتباهى مذيعوها في التحليل والتقييم.
بطبيعة الحال فان منطق حركة حماس الداخل وحماس الخارج في إنكار الأمر والتهويش ضد الحكومة الأردنية اظهر تناقضات الجانبين واهتزاز موقفيهما. فكل الذين ظهروا على الشاشات من الحركة وأنصارها لا يدرون الحقائق ولا يعرفون التفاصيل. والعارف بالموضوع بتفاصيله بالتأكيد لن يظهر على الشاشة ليؤكد ويعترف بجريمته. فالحكومة الأردنية كانت واضحة عندما قالت ان أحد قادة حماس الموجود على الأراضي السورية هو المسؤول عن عملية تهريب الأسلحة والمؤامرة التي تستهدف امن الأردن واستقراره. أي أنها لم تتهم حماس الداخل ولم تتهم الحكومة الحمساوية.
لكن موقف حماس تركز على أنها لا يمكن ان تستهدف الأردن، هذا صحيح فلم يعرف عن الحركة أنها استهدف أيا من الساحات العربية. وركزت حماس ثانيا على ان الأمر لا يعدو كونه فبركة ضمن إطار مؤامرة لتفادي استقبال وزير الخارجية الفلسطيني الذي ينتمي لحركة حماس. هنا وقعت حماس في الغلط. فالأردن لن يخجل من شيء ان أراد عدم استقبال الوزير الفلسطيني وكان يمكن ان كان هناك أي خجل ان يرسل وزير الخارجية الأردني في مهمة عاجلة إلى أي دولة ولا يستقبل نظيره الفلسطيني كما قيل في مصر. بشأن مصر لم يقل ان موقفها في عدم اجتماع الوزير المصري بالوزير الفلسطيني بأنه مؤامرة وذلك لان جبن الناطقين باسم الحركة يمنعهم من توجيه مثل هذا الاتهام لمصر. أما بالنسبة للأردن فهول المفاجأة أطلقت ألسنتهم لأنهم مطمئنين إلى ان الأردن لن ينتقم منهم ولن يمنع منهم أحدا أو يعتقله ان جاء إلى عمان للقاء أهله وأحبته. ولو أراد الأردن ان يفبرك قصة أسلحة لكان اختلق قصة بسيطة إذ يكفي في هذه الحالة ان يظهر سيارة مفخخة أو سيارة محملة بأسلحة مهربة ويكتفي بها. أما وان الأردن أصر على موقفه وكشف كل هذه الأسلحة واعتقل المشبوهين واتصل بالسلطة الفلسطينية فهذا أمر لا يمكن ان يكون مجرد لعبة ولا يمكن لأي دولة مهما كانت ان تلعب هذه اللعبة. فكيف بالأردن الدولة التي تحترم نفسها وتعي حجم مسؤولياتها. ولأن الأمر كذلك أوقع في يد حماس وتخبط رد فعلها وارتفع صوت جناحها الخارجي إذ تعرت المواقف وبانت النوايا.
على أي حال، يجب ان لا ننسى ان قيادة حماس في الخارج وقعت في الفخ الإيراني إذ طاب لها الإغراء الساذج من حكومة طهران والوعود الفارغة لإملاء الخزائن الخاوية للحكومة. ووقوعها في الفخ الإيراني لم يأت بين ليلة وضحاها بل ان إيران تلعب على الحبل الفلسطيني منذ زمن بعيد. فالغزل الإيراني للحركات الإسلامية الفلسطينية أوقع حركة الجهاد في السابق ومن ثم وقعت حركة حماس. لاحظوا كيف ان مسؤولي حماس كما مسؤولي الجهاد تخلوا عن ربطة العنق التي كانت تلازمهم في السابق تشبها بالإخوان المسلمين.
المهم الآن ان موقف حماس المنكر لموضوع الأسلحة قد يكون صادقا وصحيحا إذ ان حماس الداخل لا تعلم بما تقوم به حماس الخارج لكن الحركة لا تعترف بهذا الأمر وبالتالي قد يكون هذا الموقف مقبولا. أما الأمر غير المقبول والمرفوض تماما فهو التنطع للدفاع عن حماس الخارج واتهام الأردن بفبركة الموضوع ومن ثم الاصطفاف مع حماس الخارج في وهم المؤامرة.
ربما لاحظ الكثيرون اضطراب خطاب حماس في هذا المجال وتلعثم المفردات في أفواه الناطقين باسمها. ولم نسمع شيئا مباشرا من رئيس الحكومة الفلسطينية الذي يبدو لي انه اعقل قادة حماس في الداخل. ويذكر موقف حماس بشكل عام بموقف الحكومة الأردنية عندما كانت دمشق تتهمها بتشجيع وتدريب عصابات الإخوان المسلمين للقيام بأعمال إرهابية في سورية والجميع ينكر إلى ان تدخل الملك حسين وكشف الحقائق في رسالة إلى رئيس الوزراء آنذاك زيد الرفاعي. من يذكر ماذا قال الملك حسين في تلك الرسالة التاريخية. لمن لا يذكر اذكره وان كنت لا اقصد ان افتح جراحات قديمة:
وتبين لنا ان هذه القلة كانت تخفي أعمالها التي استهدفت هدم ما يبنى وتمزيق ما ينسج بخبث ودهاء كبيرين تحت غطاء تقوى الله....
وتحدث الحسين في رسالته تلك عن خدعة انطلت عليه وعلى الغالبية العظمى من أبناء الوطن... (الرسالة كانت بتاريخ 10 /11/1985)
القصد من التذكير بهذه الرسالة هو القول ان حركة حماس في غزة قد تكون فعلا لا تدري بموضوع الأسلحة ولا بالخطة الإرهابية التي كانت حماس الخارج تريد تنفيذها في الأردن بالوكالة عن إيران وحزب الله وسورية. فالأردن كشف اللعبة مبكرا عندما حذر الملك عبدالله الثاني من هلال شيعي يستهدف استقرار المنطقة. فهذا المثلث الإرهابي يلعب لعبة خطرة شعارها المراوغة مع المجتمع الدولة وتكتيكها المحلي التأجيل ونقل المعارك إلى ساحات الغير.
ولذا كان الأجدر بحركة حماس الداخل ان تتروى قبل ان تسقط في اللعبة إياها وتنفي وتنكر وتتهم الأردن وتضع نفسها في موضع ستعتذر عنه في المستقبل ان قيد الله لها زعيما بجرأة الملك حسين. فأين للحركة الآن من شخصية مثل شخصية الملك الحسين؟
الجهة الأخرى التي وقعت في الفخ نفسه هي الحركة الإسلامية في الأردن وحزب جبهة العمل الإسلامي الذي اخذ يردد مقولة حماس في الإنكار والتهويش والاتهام والوقوع في وهم المؤامرة. ظهر إسلاميون على الشاشات ينكرون ويشككون ويوزعون الاتهامات. والسؤال هنا ما مصلحة حزب جبهة العمل الإسلامي في تأييد مواقف غير مؤكدة. ليس المطلوب منها التصفيق للحكومة الأردنية ولكن لا يفترض فيها أيضا ان تصفق لحماس بسبب وبدون سبب. ولكن يبدو ان الحركة الإسلامية في الأردن وخاصة الإخوان المسلمون وهم الفرشة الأساسية للإرهاب الإسلامي سقطت في الإغواء الإيراني أيضا وهذا ليس جديدا علي أي حال. فزيارات أعضاء الحركة والحزب إلى طهران معروفة ومكشوفة.
لن يفيد حماس الداخل ان تظل مرتبطة بحماس الخارج التي يبدو أنها باعت نفسها لإيران وطفق زعيمها خالد مشعل يبشر بعهد جديد يحلم به. عهد يجلب الخراب والدمار للمنطقة ويقضي على آخر الآمال الممكنة لحل القضية الفلسطينية وإحلال السلام وإنهاء مأساة الشعب الفلسطيني الذي أضحى بأمس الحاجة إلى السلام الذي يعيد إليه حياته التي اختطفها الإرهابيون.


حسين عبدالله نورالدين
كاتب صحفي
عمان الأردن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً