الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنان - دادفان محمد شريف وعاصفة الالوان

سيروان شاكر

2019 / 8 / 15
الادب والفن



(( عاصفة الالوان تخترق الاذهان ))
الفنان - دادفان محمد شريف وعاصفة الالوان
نلمس في عصرنا تعديدة الاساليب الفنية التي اثبتت جدواها بوصفها غزت الانشطة الانسانية من جميع النواحي وباتت اقرب في تنظيم اساليب فيها المعارف الوجدانية ولكن دادفان لم يكن صامتا في هذا الغزو الانساني، لقد وجب عليه ان يستعمل عاطفته للتعبير عن طموحاته المنتصبة فوق قوس قزح بعد هبوب العواصف، واعماله ايضا كانها عواصف رعدية تكتسح فضاء الكون بهيجان من الانفعالات- ازرق يخترق الاحمر بكل جرأة واصفر يخترق الاخضر دون هوادة وكانه شيء ينفجر داخل دادفان لا تعرف ما مصيره، فهو يستغل تلك الطاقات المتفجرة في فن خلاب وجمال قلما نراه في الاعمال الفنية الابداعية، له تقنيته الخاصة في اداء مهامه الخلقية بحيث تعجز الرؤية عن تحليل عناصره الا اذا كان المشاهد او المتذوق الحقيقي صاحب المام كبير بعالم الفن الحديث والمعاصر بذلك يستطيع فك رموز اعمال دادفان ولكن ايضا ليس بالشكل المطلوب او النهائي، فـ (دادفان) له نظريته السرية في معالجة اجواء الحقيقة الذاتية وجعلها صورة حية موزونة وكانها ميزان للذهب- مصدرها حياته الخاصة غير مستمدة من اية نظرية اخرى، فكل ما يصدر من اعماله هو تعبير عن التحرر او تحرير عالمه من القيود الذاتية او الاجتماعية فثورة دادفان عاطفية لا يسلك طريقا واحدا بل يتجه الى حتى الكائنات الحية ايا كان صنفها ثورة تبدأ عند لمس الفرشاة في ضربتها الاولى وهو لايدرك مصير هذه اللوحة حتى ينتهي من كامل مشاعره ويضعها اسيرة لهذا العمل المملوء بالانفعالات الصادقة الحقيقية – انفعالات لايمكن وصفها بالكلمات الا اذا تمعنت في كل جزء من اجزاء اللوحة او حتى كل ضربة من ضربات الفرشاة فهي اعمال تتسم بالدقة الحسية واللونية معا في انسجام تام تظهر اشكال غريبة لا تعرف ماهي هذه الاشكال، تارة توحي لك انها اشكال ادمية في صراع مع الذات وتارة اخرى ترى انها مجرد احساسات مرهفة تخرج من هذا الفنان المبدع الناضج فكريا وحسيا، بالاضافة الى تشكيلة الالوان التي لايمكن للشخص العادي ان يفسرها بسهولة او يتصور ماهيتها، فهي اداة تعبير لهذا الفنان الذي اراد ان يؤلف قصة جديدة في عالمه الخيالي المملوء بالعاطفة البشرية فاستعمل ادواته الفنية بكل عفوية وكل جرآة وفي النهاية غير راض على ما ابداه فينتقل من طرف في اللوحة الى طرف اخر ليكمل مسيرته في انجاز هذا العمل الابداعي ففي الاخير ينهض وهو فاقد للرؤية الحقيقية حيث غلب عليه الاحساس لانه لم يرسم برؤيته بل باحاسيسيه الصادقة، فبذلك يصوغ تاريخا مغايرا لفكرته التي التي تراوده هل هذا المطلوب او وصل الى صدق الاحاسيس وحقيقته. لقد الف قصيدة بالوانه التي رسم هو اطارها الجديد ضروب المعرفة الاستقلالية، وعليه وصف كل عمل فني بالحالة الرمزية وهي الحاصلة من مجردات فكرية ومعرفة باطنية، وتتخذ هذه الاعمال سبيلها الى انقاذ العقل الباطن او الاحاسيس والوصول الى الحقيقة المطلقة الميتافيزيقية التي ندرك فيها الاشياء ادراكا مستقلا عن اي تعبير او ترجمة ذاتية لانها تتيح ان نرى الواقع بحدس، فيدعو حواسه لامتلاك هذا العالم وتحويله الى تصورات خالية من الوعي المبرمج تصورات وهمية في حقيقتها وواقعية في ادائها الانفعالي فتستحيل المعرفة السطحية من الاختراق الى اجواء (دادفان)، فهو مدرك بقضيته الذهنية كل الادراك وكل هذا شرط في جعل احكام الجمال لهذه الاعمال صورة روحية ازلية يسرد بها لعالمه الخيالي الجميل والنظيف فتتضح الحقيقة النهائية.
فلسفة دادفان في اظهار الحقيقة واضحة فهي ترتبط بمعايير روحية وجسدية وفكرية فكل ما يبغيه هذا الفنان المتألق بتقنياته الخاصة طرح نظرية في الصراع الجمالي فاعماله رغم الجمالية الفائقة في كل عمل على حدى الا انه لكل عمل ميزته الخاصة وخصوصا مضامين هذه اللوحات المعبرة بالصراعات شكلا ومضمونا عن طريق خصوصيته فاستعمال هذه الالوان والتوافق بين ميوله واحداثه وخلق توازن بين كل جزء من عمله الابداعي- صلاحية يعطيها شريف لعالمه الانتقال بين خفايا عالم الالوان بكل استقلالية ولكن يعطي لكل جزء معناه ويتمثل في اذهاننا جدلا لامتناهيا بين المجرد والمحسوس، فيعبر عن علاقة ازلية لوقائع الحركة الفنية والتشكيلية بالاخص ثم العلاقة داخل العمل الفني الواحد فيؤدي الخيال مهامه في اتمام العملية الفنية ويعطي شريف دورا فعالا للانفعال في تركيب هذه الكتل اللونية لتكون قابلة للعين بحيث يستوعبها المشاهد حسيا في الخوض او الرجوع الى المدركات العقلية بحيث تكون اللحظة الاولى هي اللحظة الحاسمة في اثبات جدارة هذا الفنان وخاصة عندما ترى شعاع الالوان والضوء القوي في بعض الاعمال ليخترق كل لون من اللوحة ويخرج عنوة من بين اطلال الذاكرة التي عاشها هذا المبدع فيستعين بذاكرته ليكمل عمله ولكن هذه المرة دون ان يدرك ماذا يفعل سوى تحريك اصابعه الذهبية لتكملة ما تبقى من المنطقة البيضاء فتظهر في الاخير شكلا خرافيا لايمكن تفسيره بسهولة وذلك لخوض عدة مراحل من الذاكرة الانسانية او الذاتية فيحتل مكانة لايمكن الاستغناء عنها خصوصا اعماله الاخيرة.
كل عمل فني من اعمال هذا المبدع انها هي صرخة ذاتية ومعيار حقيقي لممارسة النشاط العاطفي فضلا عن ارتباطه العاطفي الوجداني ورؤيته الجمالية للعالم والعالم الفني- وصف اعماله بانها صرخة الالوان في واقع مسجون لايخرج الا عفوية ودون دراسات مسبقة فهو ينهرم في محيط القضايا الانسانية لترتبط حياته باشكال مادية فينقلب على مادته ليتوحد مع صور الطبيعة الذاتية فتظهر نتائج العمل حرة بلذة جمالية ساحرة وحرة بتعابير حقيقية تسبب شعورا او عاطفة يمكن ان يطلق عليها عبير الطبيعة الساحرة- هذا هو دادفان عندما يغرق في بحر الالوان ويقسى على اللون لدرجة يفقد سيطرته على مادته بشكل كامل فيترك يداه تعمل دون ارادة ذاتية او فعل عقلي، هذا هو الفن عندما يندمج الواقع مع الذات والخيال مع الحقيقة ليظهر الاحساس العميق والتلقائية يقيمه الدلالات المنطقية لهذه المعركة التي اعلنها دادفان على نفسه- رموز الوجدان عادت الى تشكيلاتها الفنية تتمثل في الخبرة الجمالية بفعلها الابداعي كونها تتحرك دوما نحو اغناء اعماله بنتائج محسوسة تقوم على البحث والخلق، لان نتاج هذا الفنان لايتحدد بقيمته حسب انما بمقدرته على التفكير المجازي لمواضيعه واشكاله، فهو يحملنا على تكوين نظرة جديدة او اتخاذ موقف محدد نحو ظروف الخبرة المعادية، فهو يجعل من اي متذوق ان يتاثر بما تحمله اشكاله من معاني مباشرة رغم اخفاءه للحقيقة فهو يبني ذاته لخبرات انسانية جمالية وحسية.
هكذا صنع دادفان الصورة الختامية لمنطقته في الخيال الابداعي واعطى لهذا الفضاء جوهرة الشيء برؤية فنية ومعرفية ولينقلها بكل شفافية وصدق من خلال عملية التعبير وتخطي حاجز الفردية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع