الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى نصف صديق سابق

غسان صابور

2019 / 8 / 16
سيرة ذاتية


رسالة إلى نصف صديق سابق...
بـــدايـــة...
مشينا معا أكثر من عشرين سنة... وكم احترمت معرفتك ومظاهرات ثقافتك السياسية وتهذيبك وأناقتك الخارجية.. وذات مساء اختلفنا.. اختلفنا برأي... لم أنهب مالك.. ولم أظهر عداء على أي من أهلك وعائلتك.. ولم أشهر بك.. لا برأي ولا حديث ولا كتابة.. ولكننا مشينا كل على رصيف آخر من دروب الحياة.. حتى نسيت وجودك بهذا البلد.. ومحيت كل ذكرياتي معك... ومرت سنة أو سنتين... ولم تسأل عني رغم مرارة الأيام ومقاومة مرور الكهولة... ولكني كنت أطمان عن سلامتك وسلامة أهلك هناك.. حيث ولدنا انت وأنا... ومن شهرين مات هنا أخي مروان.. بعد مقاومة مرض قاتل مرير.. كتبت عنها بالفرنسية والعربية.. اضطلع عليها مئات ومئات من القراء.. وجاءتني مئات ومئات التعازي من الأصدقاء ومن جاليات سورية لا أعرفها.. من هنا وهناك.. بعديد من وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل والمكالمات الهاتفية الشخصية.. حتى من بشر لم أشارك معهم أية مناسبة أو كلمة أو رأي... من بشر لم أعرفهم بأي يوم من الأيام... ولكنهم كانوا يقرؤون كتاباتي.. أو يسمعون خلافاتي مع آرائهم... ولكنهم رغم ارتباطاتهم ومعتقداتهم التي حاربتها ـ فولتيريا ـ بقوة كلماتي.. لم يقابلوني بأي حقد... أما أنت أيها الإنسان الجامعي الصالوني المهذب... لم تأتني منك أية كلمة تعزية بوفاة أخي مروان... فتأكدت أن حقدك المدفون ـ بلا سبب ـ والذي يأخذ اشكال كبرياء مزورة... يغرق كل مظاهر كبريائك وتظاهرات تعنتك وثقافتك... بحقد مدفون مجنزر مخبأ باطني .. وخاصة بلا أي مسبب أو سبب... حالة بسيكولوجية لم أستطع تمييزها.. بالعشرين سنة التي مشيناها معا.. هنا.. بهذا البلد... وشاركتك فيها وتبنيتك كصديق... مع مزيد أسفي وحزني.. رغم تجربتي ومعرفتي واهتمامي بخفايا الباطن والظاهر لدى الإنسان العادي.. خاصة وغير العادي..والتي غـلـفـت وهيمنت على عاداتنا وتقاليدنا وطبائعنا المشرقية... لأن لقاءنا الأول.. جرى بظروف سريعة خاصة أيام خلق رابطة سورية بهذا البلد... كنت أعتقد فيها... أن كل منا لديه إمكانيات خاصة لتطوير مستقبل جاليتنا السورية... دوما نحو الأفضل... تجربة دامت سنوات معدودة... ثم انطفأت... وماتت... ولكننا تابعنا مسيرتنا ولقاءاتنا.. أنت وأنا... وكانت لنا أذواق وميول مشتركة... ولكن... ولكن تبين لي مع مرور الأيام... أن هذه الميول وهذه الأذواق.. كانت ظاهرية... ظاهرية جدا... ولم يكن لدينا أي شيء هام.. مشترك.. وخاصة الحقد.. حقد الأخر.. متى اختلف الراي... واكتمل اعتقادي بعاهة حقدك.. عندما مات أخي مروان من شهرين.. ولم تأتني منك أية وأبسط كلمة تعزية عادية....
أنا لا أعاتبك.. ولكنني صمتت شهرين عن نتيجة تحليل حقدك المدفون... وهذا بنظري.. خطأ إنساني ظاهر... وكما تعرفني أنا لا أصمت أبدا عن أي خطأ لكائن من كان... من مبدأ : الصمت عن الخطأ.. مهما كان.. ومن أي كان... مشاركة بالخطأ...
بقيت البحصة.. بعد شهرين... وارتاح خاطري... وخاصة ارتاح ضميري!!!...........
وحتى أثبت لك أنني لا أعرف الحقد.. ولا أتركه يجتاحني.. حتى بأعقد المناسبات والحالات والخلافات... لن أضيف اسمك للائحة من لا أرغب على الإطلاق أن يحضروا جنازتي.. لدى وفاتي.. والتي أودعتها كوصية لأحد أحفادي... ولكنني أشــك أنك سوف تحضر أو تشارك... أنت الذي لم نحاول تعزيتي بوفاة أخي الصغير... على الأقل احتراما للسنين التي عشناها معا... نظرا لضخامة وغباء وشراسة حقدك الباطني...
آملا لـك ــ صــادقــا ــ أن تعيش بعدي سنينا طويلة.. لاكتشاف مدارس الحياة الحقيقية الإيجابية... من يدري؟؟؟... من يـــدري؟؟؟.......
نـــهـــايـــة.......
غـسـان صـــابـــور ــ لـيـون فـــرنـــســـا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 10 سنوات من الحرب.. أطفال اليمن، أجيال مهددة بالضياع!


.. ماكرون يقامر بانتخابات مبكرة... هل يتكرر سيناريو ديغول أم شي




.. فرنسا: متى حُلّت الجمعية الوطنية في تاريخ الجمهورية الخامسة


.. مجلس الحرب الإسرائيلي.. دوره ومهماته | #الظهيرة




.. هزة داخلية إسرائيلية.. وحراك أميركي لتحقيق الهدنة | #الظهيرة