الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة البحث عن المعنى (3)

محمد موجاني

2019 / 8 / 17
سيرة ذاتية



أما عن سر حبي لهذه اللغة، فلم يولد من
فراغ، بل هو ثمرة تأثيرات وتشجيعات أساتذتنا خاصة في السنة الأخيرة للبكالوريا، ومن منا لم يتأثر بخطاب أساتذته و معلميه؟ وأنا أتذكر جيدا ، منذ أيام المدرسة ، إذ يكفي أن يسألنا أحدهم : ماذا نريد أن نكون في المستقبل؟ فتجيب الأغلبية منا بلا ترردد بأنه يريد أن يكون معلما أو أستاذا ، لأننا، وفقط ، كنا نرى في معلمينا و أساتذتنا القدوة ونريد أن نكون مكانهم، و لأنه كنا نتأثر بهم كثيرا ، ويثأثروا بسهولة في طريقة تفكيرنا، بإستثناء بعض أطفال الموظفين وحدهم كانوا يملكون طموحات أخرى لا نعرف عنها إلا الاسم.
ربما هنا يكمن دور الأستاذ الناجح إذ من مهامه الأساسية هو جعل تلاميذه يحبون المادة التي يدرسها وهذا كان سببا مباشرا في نشوب هذا الميول بل هو مبرر مقنع ومشجع وكافي. حيث بقدر ما تزرع إرادة حقيقة وقوية في نفس أي إنسان بقدر ما يكون على أتم الإستعداد لتخطي كل العقبات.....
ومن الأسباب الأخرى التي جعلتني أختار هذه اللغة هو ضعفي في التعبير باللغة العربية في السنوات الأولى ، خاصة وأن كانت لا تعجبني، ليست أدري لماذا بالضبط، لكن كما يمكن للأستاذ أن يجعل تلميذ يحب مادة معينة، فالعكس قد يكون صحيح ، إذ يمكن أن يجعله ينفر منها، وهذا ما وقع لي مع أساتذة اللغة العربية، في المرحلة الثانوية، فغالبا ما يخرجون عن الموضوع للخوض في قضايا جانبية، و يجعلون القومية والنهضة واللغة العربية والقضية الفلسطينية قضايا ذات أهمية قصوى لا يعذر أحد بجهلها أو يغفل تفاصيلها، رغم أن لكل لغة، عند أهلها ، لها جماليتها وإيقاعها الخاص .....
وحتى محتوى الكتب المدرسية التي كانت تدرس لنا غير مشجع ، بل ليس مجرد نتفات من هنا وهناك ، هدفها إيديولوجي محض أكثر مما هو تثقيفي، ولا تهدف لجعل التلميذ يملك معرفة صلبة بالأدب وتنمية الحس والتفكير النقدي لديه، بل هي لتزوير الحقائق في عقله والرجوع به للماضي وتأجيل فشله .......
إضافة إلى دور الحركة التلاميذية الامازيغية - وهو الأهم- وأفكارها التي كانت وقتها رائجة وبشكل واسع في ثانوية بومالن دادس ، وما لها من تأثير على عقول الشباب، وهذا كله كان كافيا أن يجعلني أرغب أن أقطع الصلة جملة وتفصيلا مع هذه اللغة. وهذا ما فعلت، وبدأت أعثر على الطريق الآمن الذي قد يؤدي به إلى التعرف على هويتي وثقافتي بأقل ممكن من الأكاذيب والأوهام والقادر أن يوصلني إلى حقيقة ماهيتي .
في الجامعة، لم تكن الأمور تسير في صالحي كما تمنيته من قبل ، ربما الإنطباع الذي كنت أرسمه في مخيلتي عن أسوار الجامعة ليس في محله ، كل شيء ضدي، كنت أحس أني كضيف ثقيل ينظر منه صاحب المنزل أن ينصرف في كل ثانية ، مما جعلني أشك في إختياري وأقول ربما قد أخطأت الخطوة ، ربما قد تسرعت .... ربما لو إستشرت لكان أحسن .... لكن لابد علي أن أتحمل عواقب خياراتي لأني لم أكن مرغما منذ البداية .و وراء كل إخفاق، وخيبة أمل تتبادر إلى ذهني فكرة الإنسحاب، لكن ، هنالك أمور في الحياة لا تقبل التسرع و التراجع بل التخطيط الجيد والاستماتة ومثلها مثل أضحية تم نحرها وما علي إلا استكمال كل المراحل من نفخ و سلخ . بل هي كمراسم الدفن أحيانا الانسحاب وقتها بمثابة جريمة. كان أخف الضررين لي في هذه الحالة، هو الصبر والصمود لأنه حتى ولو خسرنا بعض الشيء لا يجب أن نخسر كل شيء.
إكتشفت في الاخير أنه من الصعب أن نواجه أجواء الجامعة بعقلية التلميذ بل يجب أن يضعف الإنسان من مجهوداته ويخرج من قوقعته ويكون طالب علم وباحث عن المعرفة كلما إستطاع إلى ذلك سبيلا، وبالأخص إن كان يتمنى ألا يباغته شبح الفشل الذريع ويضيع سنوات من عمره، كان الأجدر منه أن يتعلم ويستفيد منها الكثير، إن لم نقل أنها قد تساعده أن يحسن تفكيره ويواجه الواقع بخيال جديد، ويرى بعدسات أكثر وضوحا واقعا قد يصدمه بدون أدنى شك ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا