الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنه الوطن لا تعبثوا به مجدداً

فاضل فضة

2006 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن أن نستوعب السحاب القلق في سلة رمان، ولا يمكن ان نختصر مشاعية التفكير وتراكمات الثقافة في رغبة أو وصية أو شرح وافٍ. في بلادنا مازلت التجربة تأّن بصدئها وركودها وعفونتها لدى شرائح متعددة، تهيمن عليها نوازع اكبر من سموّ الأهداف لبناء وطن. إنها حكايتنا نحن أبناء ملتقى حضارات الأرض القديمة، همّشنا معرفتنا بتاريخنا البعيد في حصارنا وحصارها لنا ضمن دائرة مازالت تضجُّ في تناقضاتها اليومية والتاريخية، بدون حق لأي منا الإقتراب من مقدّساتها المعنوية أو الأرضية. إنها المرض لكنها ليست بالمرض الحقيقي، وأنهيار خلّبي للأعصاب من الأحباطات المتتالية، فأين نظرتنا إلى مستقبل مازال العديد يحلم به وكأن التجارب لم تكن، وكأن الواقع ملغي، نعود إلى السابق بدون لماذا، والحاضر، في صراع الديكة، وصغار يبحثون بين فتات هنا وهناك، وكأن الوطن لعبة للتسلية، وسوق للمارقين في كل زمن وكل عصر.

في هذه الوحشة الغريبة، وهذا الزمن المنحسر بعوامل خارجية، مازالت القضية في ثباتها ومسارها وخطابها، ومازال المشرفون على ثناياها يعالجون ماضيهم بحاضرهم، وحاضرهم بعقاب ماضيهم، وكأن الذاكرة لم يعد لها تجربة او تاريخ حياة، وكأن الرغبة مثقوبة أو أرملة تبحث عن عريسها الذي قتلته بإيديها بدون مراجعة أو حساب حقيقي.

إنه زمن حالك في عدم استيعاب الخطاب وحرثه بالأرض، ليولد زرعاً وحصاداً منصهراً مع رغبة حضارية في معانيها الإنسانية على مستوى الوطن. إنه زمن المتصارعين على أوهامٍ عرَّتهم في الماضي، وشرّدتهم في منافيهم في حسرة العيش الطيب والجذور المقطوعة على شواطئ أرضٍ جديدة ومناخ آخر. إنها عقدهم في تمنيات سرقها الزمن في لحظات تراكمه البعيدة عن كل شئ.

بين الإدعاء والممارسة، مسافات صحراوية كبيرة، لا يغطيها إلا من آمن بقضية مصيرية تصب في صالح الوطن استراتيجياً، وليس في صالح خطاب آني، أو مزاد مؤقت. هؤلاء الذين يدّعون الديموقراطية بإنتهازية لتحقيق مآرب صغيرة، أو منافع مادية اصغر، يمارسون الإغتصاب على كل ماهو مبدأ وحرية وديموقراطية، إنهم يجردون الوطن من قيمه وتاريخه وتجربته، يدّعون كما فعل غيرهم منذ اكثر من نصف قرن، يستخدمون اللغة والأساليب "المقهورة ذاتياً" نفسها.

في مهمة الإستفادة من التجربة والماضي، مازال الجميع يواجه مخاضاَ عسيراً في تجربة البحث عن اداء الحرية والديموقراطية. في إعادة شرعة القانون المستباح، وحق الحرية والديموقراطية احلام المستقبل للجميع. كيف تبني الأصعب في الإنسان، مصداقية الأداء، وإيمان حق الأخر، وواجب المسؤول بشفافية لا تساهل بها. قد تكون الحلول الصغيرة مرضاة للمرهقين، لكنها ان تكون مرحلة لحل إستراتيجي، مهمة كبيرة امام اصحاب الكلمة المحرّضة والدليل الأسمى لبناء وطن في الجذور.

أن تبنى ديموقراطية باهداف واضحة كالشمس، امراً ليس سهلاً في في تفاعله مع الواقع والإنسان. لكن ان تذكر بعدميته أو إعدامه في ادراج اصحاب ثقافة الفراغ الكبير، واجب مقدّس مطلوب. وهل نسمح في مخاض التجربة ان تستبيح الإنتهازية الحكاية ليفلت زمام الأمور ونعود لنقطة الصفر؟ إنه الوطن الذي يحبه أبناءه، وليس وطن الذين يتاجرون به برغبات فردية منمقة، وتكتيكاً نمطياً اكثر من معقد. إنه الوطن السوري الجميل ، وليس مزرعة مصالح الغرباء أواصحاب الجيوب الفارغة الباحثين عن الإرتزاق فقط. إنه الوطن لا تعبثوا به مجدداً !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يلقي مناشير في معسكر جباليا تطالب السكان بالإخلاء ا


.. مظاهرة في العاصمة الإسبانية مدريد تطالب الدول الأوروبية بالا




.. لحظة استهداف إسرائيلي بمنطقة جباليا في غزة أثناء تغطية صحفيي


.. مظاهرة لعشرات الإسرائيليين بالجليل تطالب بتنحي الحكومة لتخلي




.. أمريكا تعرض على إسرائيل معلومات استخباراتية لتحديد موقع قادة