الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغبي... قصة قصيرة.

عامر حميو

2019 / 8 / 17
الادب والفن


صاحبي غبي إذْ تركني دون أن يودّعني، كان عليه أن يدرك أنني ربما أفهم( وهذا ما قد حدث فعلاً) أنّ تركه لي دون وداع إعلان خصام لي دون الالتفات لعواقب ردّة فعلي، وعواقب ردّة فعلي ها قد بانت، فبمجرد أنني أتحدث إليكم الآن هذا يعني أن ردّة فعلي فهمت سلوكه خصاماً من جهته لا رجعة فيه.
غباء صاحبي يكمن بالدرجة الأساس أنه كان عليه أن يفهم صلب العلاقة بين الطرفين بأن عليهما أن يدركا:
(أن الخصام قد يتولّد عنه كشف المستور، لو أن ماهية ما عاشه الطرفان تكتنفها الأسرار) وارتباطي بصاحبي ما من سر بين طرفين يمكن له أن يحدث إن لم يحدث بيننا، ونحن شهود على مجرياته!.
بتواجدي لصيقاً له لحق بها إلى مرعى أغنامها، سلّم عليها وردت عليه باستحياء يضمر ادراكها أن يوم الحسم بينهما قد أزفّت لحظته! وأنها لن تردّه عن تذوّق القبلة الأولى له، وربما لها( هكذا خمّنا من تورّد خديها، وتهدّل شفتها السفلى، والجفنين اللذان ما عاد بوسعهما أن يرتفعا لحالهما الطبيعي، مهما جاهدت أن تفعل ذلك) وكان له ما أراد حالما احتضنها تحت ذاك المرج المتيبّس ( هذا لو تذكّر صاحبي الآن وفتش زوايا ذاكرته المعطوبة بفعل الزمن وتوالي القبلات من بعدها!).
وبصفير همس الحروف جانبي سمعت أسراره مديحاً وذميمة. وما من عراك كظم غيظه فيه إن لم أتحمّل قوة فكّيه مطبقاً عليّ، وأنا صابر محتسب.
شتائمه المقذعة! وفحيح دعارته في علاقاته الحميمية كنت مراقباً لها قبل أن ترتخي عضلاته ويفك الضغط عني!.
حلمه على من يعتدى عليه!. غضبه على أهل بيته!. حزنه وقت شدائده تذوّقت ملح دموعه قبل أن ينشّفها منديله!. ابتسامة الفرح على وجنتيه لم تكن له القدرة على رسمها لو لم أمد له يد العون وأساعده على صنعها!.
نفاقه!. تزلّفه!. تفاؤله!. تشاؤمه!. هدؤه!. أمله!. تكبّره!. تواضعه!. ضعة نفسه!. عزّتها!. ابتذاله وترفّعه! كُلها نقائض فيها أخطر الأسرار عن رجل صاحبته منذ سنته الأولى وحتى أن تجاوز الخمسين من عمره، وفي نهاية المطاف لا يكلّف نفسه هذا الوضيع، المتكبّر، الأناني، المتعجرف، المتعالي أن يلتفت ناحيتي ويودّعني( مجرد التفاتة بسيطة، لا أن يُقلّبني بين أصابعه ويشكرني على صحبتي وجميل صنعي معه)!.
غبي صاحبي.
فهو بعد أن نهض من كرسي طبيبة الأسنان لم يلق نظرة وداع أخيرة على آخر ضرس لديه، الضرس الذي عاش كل ذاك المخاض معه. هكذا بكل بساطة في النهاية يرميني بسلة مهملات طبيبة أسنان؟ كأي شيء لا حاجة لنا فيه بعد!.
غبي. وحقكم غبي من يتنكّر لمن صان العهد ولم يفش أسراره!.

العراق/ مدينة القاسم
2019/8/17










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب