الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورتاج لوطن------

سلطان الرفاعي

2006 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


حقيقة الأمر: يبدوأنها لا تتعلق لا بالمعارضة ولا بالموالاة. ولا بالداخل ولا بالخارج. الحقيقة المرة، هي أن الشخصية السورية قد تحطمت، عبر سنين من القهر والقمع والتسييس ولتدجين والتهميش. الشخصية السورية الحقيقية. الخلاقة، المبدعة، الحرة، الآبية، الكريمة، الشهمة، المفكرة، الحضارية، الإنسانية، المتفوقة.

الحقيقة اليوم: هي كيف ستنجح هذه الشخصية في أن تكون على طبيعتها، وهي التي أصبحت تجهل تلك الطبيعة.

سوريا تحولت إلى غابة. وفي الغابة يُصبح من السهل جدا، أن يضل الشخص طريقه.

من كان عمره خمس سنوات في عام 1963، شارف اليوم على الخمسين. من طلائع البعث، إلى شبيبة الثورة، إلى العضوية العاملة، إلى الجامعة، إلى الاتحاد الوطني لطلبة سوريا.كلها معا رج ، وطرقات وعرة، تحطمت على أرضيتها الشخصية السورية. في كل منعرج وطريق ومحطة، كانت الشخصية السورية، مسلوبة الارادة. فالمطلوب: في كل محطة ليس أقله تمجيد السلطة والقائد، زرع الفتنة بين المواطن والمواطن، نثر بذور الفرقة بين الجميع، تطاول الطلاب على معلميهم، رفع شعار ((خبرني يا طير)). ومكافأتك، قد تكون مالية، أو بعثة، أو ترقية في الوظيفة. (أعرف رئيس اتحاد إحدى النقابات والذي لا يملك الابتدائية، ولكنه نشيط على صعيد الشعار (خبرني يا طير).

وتتراكم الضغوط والطلبات على الشخصية السورية، والتي تُحاول إرضاء الجميع، وتلبية طلباتهم إلى حد بذل الغالي والنفيس من أجل إرضاء المعلم؟؟. وفي سعيهم هذا، يفقدون أنفسهم، وهم يحاولون أن يتقمصوا، أو يتحولوا، إلى الشخصية التي يريد المعلم أن يكونوها. وتمضي الأيام والسنين، في سعيهم لإرضاء المعلم، ولكن على حساب، نقمتهم على أنفسهم، وعدم شعورهم بالرضا عن ذاتهم، بسبب المواقف، والتصرفات، التي أُجبروا بطريقة ما على سلكها.

الشخصية السورية، وخلال سنين طويلة، كانت تتمنى أن تكون على طبيعتها، تتمنى أن تكون أكثر إنسانية، وأكثر تلاحما، وأكثر استقرارا. وأكثر عنفوانا، وأكثر محبة للأخر. ولكنها أبدا، لم تستطع أن تكون ولا حتى واحدة منها، فعاشت في حيرة عظيمة، ضياع أبدي، انفصام شخصي، كره، حقد، عنف، العمل على إيذاء الغير. ولعلها اليوم تعي تلك الحقيقة المرة، فهي في سعيها المحموم، لإرضاء السلطة، وتنفيذ مخططاتها، ضاعت منها شخصيتها. وكان عليها من زمن أطول، أن تتوقف عن اللف والدوران، وتسأل نفسها بعض الأسئلة الهامة. لصالح من أختلف مع أخي وجاري وقريبي وابن وطني؟ لماذا أفعل كل هذه الحقارات؟ هل أصبح رضا السلطة محور حياتي؟ هل تُسيرني حقا وطنيتي؟ أم مصالحي وبهيميتي؟



الشخصية السورية اليوم، تريد أن تقول لا لكل هذا، ولكنها نتيجة القمع والخوف والاستبداد المتراكم لسنين طويلة ، تقول: سأحاول ، في الوقت الذي تصرخ هذه الشخصية في داخل أعماقها قائلة: لا لا أستطيع، وكفى.

الشخصية السورية ونتيجة عدم شعورها بالأمان .عندما تقول ((نعم)) وهو في الحقيقة يعني ((لا)).(با لمناسبة، عندما نقرأ عن حفلات التعذيب التي كان يتعرض لها السوريون، في السجون والمعتقلات، تقشعر الأبدان، وترتجف القلوب، ولكنه يبدو سلاح ذو حدين، صحيح أنه يكشف حقيقة التعذيب، والسجون، والمعتقلات، ولكنه من جهة أخرى أمر مرعب، فالخوف من شعار (عادت حليمة لعادتها القديمة) أشد مضاضة)).

ولكن ماذا عن الذين قالوا لا، ودفعوا ثمنها؟ إننا لا نستطيع أن نحمل السلطة كل أخطاءنا، فنحن أيضا مسئولين عن إدارة شخصيتنا بالطريقة التي نراها مناسبة، لذلك نحتاج أن نعرف من نكون؟ والى أين سنمضي في هذا الوطن؟ وما لذي يطلبه الوطن منا في هذه اللحظات الحاسمة؟ يجب أن نختار اليوم مواصلة التقدم للأمام نحو بناء سوريا عصرية لا طائفية، لا مستبدة، لا قمعية، لا أخونجية، لا قومية، لا بعثية.



حتى ننجح في استعادة الشخصية السورية الحقيقية، يجب أن نتحلى بالثقة، ليس الثقة بالنفس، وهي مهمة أيضا، ولكن الثقة بسوريا، الثقة بالوطن.

نتحلى بالثقة في وطننا، ونتحرر من الخوف من القمع والإرهاب الأصولي، وننجح في أن نكون الأشخاص، الذين يريدهم الوطن، إننا صراحة لا نستطيع أن نتقدم، إذا كنا نخشى القمع والإرهاب الأصولي والفشل. إن شعورنا بعدم الآمان، يقف حاجزا منيعا في وجه نجاحنا وتقدمنا، لقد استطاعت مشاعر الخوف والاستبداد والقمع والإرهاب الأصولي، أن تُقيد الشخصية السورية، فبالرغم من عظمتها، وقوتها، وكبريائها، وشهامتها، وبسالتها. فهي تُفضل الراحة ولسكينة (والنوم في البصل) على الإقدام والمغامرة.

الشخصية السورية، بسبب شعورها بعدم الآمان. أصبحت ترغب في أن تبقى في حدود ما هو آمن ومألوف ونمطي عن أن تخاطر وتجازف، لئلا تفشل.

لا مشكلة في شعورنا بعدم استعدادنا لأخذ الخطوة التالية ، وإنما المشكلة هي في خوفنا من المستقبل والبديل، الخوف من البديل وشعورنا بأننا مستعدون دون أن نكون مستعدين في الواقع.(اتجاه السلطة اليوم نحو كسب ود الحركات الأصولية ، أكبر دليل على تأكدها ، بأن المعارضة السورية الوطنية غير مستعدة).

الثقة بالوطن، الثقة بسوريا، هو الطريق الوحيد الذي يقودنا إلى النجاح. الثقة بأن هذا الوطن الحضاري، قد مرت عليه أيام أشد سوادا، وخرج منها، وانتصر وعاد إلى طبيعته الحقيقية.

إن القمع والخوف والشك في بعضنا البعض، كلها أمور تُعطل تحقيقنا لما نصبو إليه، ولكن مرة أخرى، إن وضعنا ثقتنا، في هذا الوطن، وفي خلاصه الدائم من جلاديه، فسنستطيع تنمية وتطوير امكاناتنا لأننا سبق وتحررنا من الخوف والفشل.

يُعرف القاموس الأمريكي للغة الإنكليزية لنوح ويستر لعام 1828 كلمة ((امكانات)) بأنها(( كل ما يحتمل وجوده ولكنه ليس كائنا)).

عندما توجد إمكانية، فهذا يعني توافر كل عناصر النجاح إلا أنه لم يتم توظيفها بعد، فهي لا زالت بحاجة لشيء يحرضها، يدفعها إلى الأمام ويُعطيها القوة اللازمة. وعادة ما تكون هذه العناصر في حالة عدم نضوج وفي حاجة للتطوير.

امكانات الشعب السوري، أكبر، وأعظم، وأقوى، مما يتصور البعض.

امكانات المعارضة السورية في الداخل والخارج، أعظم، وأقوى، وأكبر، مما يتصور البعض.

امكانات الشرفاء في السلطة(الأقلية)، أكبر، وأعظم، وأقوى، مما يتصور البعض.



إن الوقت المهدر في عدم التقدم، وأخذ زمام المبادرة، والخطوة الأولى. شيء محزن ومؤلم، ولأن الوطن غالي، فلا يوجد أمر مستحيل يمكن عمله.

وحدة الشعب، والمعارضة في الداخل والخارج، والشرفاء في السلطة، وحدها قادرة على بعث الشخصية السورية من تحت الرماد، التي دفنتها بها قوى الاستبداد والقمع والإرهاب الأصولي.



إن الخطوة الأولى لن تكون بهذه السهولة، بل ستكون كالولادة. خطوة تُشبه الطريقة التي يتطور بها الجنين داخل رحم (أمه) وطنه. لكن لا بد من القيام ببعض التضحيات بطريقة معينة حتى يتمكن الوطن من ولادة طفل صحيح، فانتظار اللحظة المناسبة ضروري، فالطفل المولود قبل موعده عادة يكون مريضا أو ضعيفا. ولا ننسى أوجاع الولادة، فعلينا أن نتحملها، ولكن في النهاية، سيخرج إلى النور، الأمل والشخصية السورية المنشودة.

عمار يا سوريا

---------------------------------------------------------------------------------------------

قال أبو عبدو: وهؤلاء الذين ضربوا وعذبوا واستباحوا وانتهكوا حقوق المواطن ، من يُحاسبهم؟

قال أبو عطا: هناك في أمريكا، عندما يعقر كلب أحد المواطنين، فان المسؤولية تقع على صاحبه؛لأنك تستطيع أن تدرب كلبك على الحراسة ، مرافقة الأطفال، قيادة العميان، التفتيش عن الممنوعات ، أو على القتل؟؟

دمشق 11-5-006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 59.39%.. نسبة المشاركة الأعلى منذ الدورة الأولى من انتخابات


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: لماذا الإقبال -القياسي- على ص




.. الانتخابات التشريعية في فرنسا.. ما دور الجمعية العامة؟


.. أميركا.. بايدن يجتمع مع عائلته اليوم لمناقشة مستقبل حملته ال




.. 3 قتلى من حزب الله في قصف إسرائيلي على بلدة -حولا- جنوبي لبن