الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة البحث عن المعنى (5)

محمد موجاني

2019 / 8 / 20
سيرة ذاتية


رحلة البحث عن المعنى (5)

توالتي الصدمات وبدأ عقلي يتحرر من العقد والقيود ، وبدأت مياه تلك البركة الآسنة تتحرك ، تخلصت من " التفكير المنوي الزراعي" الذي يقبل بكل المسلمات ، بدأت القطيعة الؤلمة إن لم أقل أنه بداية الوداع الطويل للحضارة، وأصبحت أتجرأ النقاش في أمور كانت من قبل بمثابة خطوط حمراء لا يمكن لي أن أفكر فيها من قبل حتى ولو كنت وحيدا وسط الصحراء. كانت قضايا الدين تشغل بالي وأقول هل فعلا ما قد تعشعش في عقولنا من أفكار حول الدين هي حقائق مطلقة أو مجرد أوهام من إسمنت؟
بدأت أفكر ، كيف لي أن أقول أني مسلم وأنا لا أصلي ؟ وكيف لي أن أومن باله يحب البشر ويخيفه في آن واحد ؟ وهل الحب والخوف يمكن أن يجتمعان في قلب واحد؟ بالفعل هي أمور غيبية ربما ثانوية ولا ينصح الخوض فيها ولا البحث في حيتتها ، لكنها قد تكبل العقول وتعطي نظرة تشاؤمية للحياة وتزمت الفرد وتدمر حياته عند كل جرعة زائدة وبالأخص عندما تكون ضد الفطرة والحس السليم .
لكن بالنسبة لي ، كانت نيتي خالصة ، وحدسي برئ ، و هدفي أن أدفع الشك باليقين وتحقيق إطمئنان روحي والتخلص من القلق الوجودي، والحيرة ، واللا جدوى، الذي يجعلني غير مرتاح البال. ومحبط المآل. كان هدفي كذلك أن أحسم في أمور العقيدة والمعتقد والتواب والعقاب و أن أكون إما عبدا حائرا أو إنسانا حرا..
بدأت بمتابعة برامج على اليوتوب وقراءة كتب لكتاب كتبوا ونتقدوا الدين بين مؤيدين ومعارضين .
صحيح، وجدت أمامي حزمة من الأفكار المتضاربة، والآراء والمواقف المتناقضة. ومن يملك القدرة على الغربلة ودقة الملاحظة ورغبة الفهم العميق ، بدون أدنى شك سيجد مكامن الخلل ومن المستحيل أن يصدق أن مصدر كل تلك التعاليم وحيدا، طالما نجد فكرة ونقيضها في الخطاب الديني الرائج ، وسيجد بدون أدنى شك ، رائحة الأسطورة والغرافة، وربما أيضا إشكاليات قد تحيره وقد يدفع به الأمر إلى أن يتمرد على الدين بمجمله ويفكر في قلب الطاولة، ويقرر أن يخرج منه بشكل نهائي، وهذا ما فعله أصدقاء آخرون، لكن ليس بذلك الخروج الآمن، إذ أصبحوا يروا الدين الإسلامي عدو للفطرة السليمة وللحياة ، و السبب الأول والأخير في تأزم وضعيتهم، ومهما كان الموضوع المطروح للناقش يقحم عنصر الدين فيه، ويكن عداوة للمتدينين ، وبه يصبح تطرف من نوع آخر.
ومنهم من يدفعه فضوله المعرفي إلى الغوص و البحث إلى أبعد الحدود ، وهذا ما كنت أود أن أفعله، حيت لم أكن أقصد أن أبني أفكاري انطلاقا من صور نمطية أو الأخد بأحكام مسبقة بل الوصول إلى حقيقية انطولوجية مقنعة .
كنت غير متسرع في الخروج باستنتاجات، بهدوء وخطوات تابتة، كل مرة اكتشف حقيقة أو معلومة صادمة، أحيانا ، تشفي غليان داخلي، أغير موقف ، وأحيانا أخرى، تساؤل يقودني إلى تساؤلات أكبر منها ، أبحت للتأكد، أحيانا أجد أجوبة، وأحيانا يجوز فيها الوجهين، وفي أمور أخرى لم يحسم في شأنها بل هي مجرد ما اتفق عليه الفقهاء . إنها رحلة مصغرة للبحث عن حقيقة، داخل رحلة البحث عن المعنى .
- مع الأدب الفرنسي وفلاسفته اكتشفت الكثير عن الدين المسيحي، وطوائفه المتعددة من الكثوليك البروتستانت، اليسوعيون ، والارتودوكس. وحتى على الملحديين وحول نظرتهم المختلفة للدين. منهم، من انتقد الفكر الديني انتقادا لاذعا ومنهم من أسر على أن الدين حاجة شخصية تخص الفرد عينه دون سواه ، واكتشف كذلك "رهان باسكال" الذي هو اختيار وموقف لا يحتمل أية خسارة .......
كما هو الشأن في الدين الإسلامي بطوائفه المتعددة والمتناحرة : السنة ، الشيعة، القرآنين، الأحمدية.... وأصبحت أقول لماذا كل هذا العنف الذي يمارس باسم الإله الذي يقال عنه أنه : عادل . وهل الخطأ من الأصل أو في طريقة فهمنا وتأويلنا للوحي الرباني؟ وهل فهمنا المعنى الحقيقي للتدين أم أن طريقة ممارستنا له جانبت الصواب ؟
هكذا لم أعد أملك الشجاعة لأقول أني مسلم وأفتخر كما يحب البعض ممن يظنون أنفسهم ينتمون إلى " لهوت التنزيه" أن يرددوا، وإن قلتها أقولها بخجل وتلعثم وأقول :
أنا مسلم ، ليس لأني على حق ، أو لأني أملك الحقيقة المطلقة ، أو لأني اتبجح بعنتريات الماضي ، لكن أنا مسلم - وفقط- لأعيش وسط تنوع يقنيات الوجود وليطمئن قلبي تجاه المجهول في هذه الحياة التي تعتبر تجربة شك مستمرة ويبقى فيها الإنسان كائن منفتح على كل رهان .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث