الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديوانُ السّبْعينيّاتِ/ 8

وديع العبيدي

2019 / 8 / 22
سيرة ذاتية


وديع العبيدي
ديوانُ السّبْعينيّاتِ/ 8
(قصيدَتان عن حالة عشق واحدة)..
[1]
(أشْهَدُ أنّي احْتَرَقْتُ)..
(1)
قولوا لَهَا: أنّي عَشَقْتُ
إنّي أضَأتُ أفْقَهَا حتّى احْتَرقْتُ
قولوا لَهَا: إنّي عَبّدْتُ نَجْمَهَا
حَلّلتُ أحْرُفَ إسْمِهَا
أبْحَرْتُ حتّى الْقَاعِ مِنْ عينيكِ
مِنْ ذاتِكِ..
لَمْ أعْثَرْ عَلى الّلؤلؤِ فيها
إنّي رَجَعْتُ..
ضَاعَتْ مَفَاهيمُ الشّهَادةِ.
(2)
مَا عُدْتُ أعْشَقُهَا
قولوا لَهَا: مَا عُدْتُ أعْشَقُهَا
وَلا أعْشَقُ صُورَتَهَا وَلا
أرْجوا بِعَنيها شُمُوساً أشْتهيهَا
مَرّتْ عَلَيّ بِلَحْظَةٍ
كَانَ الزّمَانُ وَاقِفاً
ضَاعَتْ بِقلبي..
بَعْدَمَا ضَيّعْتُ فيها
مِفْتاحَ قَلبي وَالدّمُوعَ
وَالشّبابيكَ الّتي انْهَارتْ عليهِ
وَالأغاني العَاشِقَاتِ..
كُلّهَا صَارَتْ رَمَاداً.. في يَدَيْها
قَلبي لَمْ يَعْشَقْ رَمَادا.. إنَّمَا
ضَاعَتْ مراسيمُ الْعِبادةِ.
(3)
السّورُ يقْطُنُهُ الْذُبَابُ
الْبَابُ يَحْرُسُهُ الصّدَأ
مَنْ يَفْتَحُ أبْوابَ قلبي الْمُصْدَأةَ
تَسّاقَطُ الدّمَعَاتُ مِنْ عَينيَّ
مِثْلَ الْمَاءِ في الْغِرْبَالِ
لا تَنْثُري الأحْزانَ وِسْطَ الرّيحِ
وَلا تُنَادي خَلْفَ رَكْبِ الرّيحِ
انّ الرّيحَ مَرّتْ..
الرّيحُ خَلْفَ الْبَابِ
الرّيحُ خَلْفَ القَلْبِ
خَلْفَ القلْبِ بَابٌ
ضَاعَتْ حكاياتُ الصّبَا
مِنْ أيْنَ يأتيهِ الشّبَابُ
مِنْ أيْنَ يأتي الْمَاءُ
لِلجّذرِ الّذي أغْفَى وَنَامَ.
(4)
السّيّدُ الأعْمَى وَموسيقى الظّلامِ
وَحِدَاءُ قلْيِكَ في الطّريقِ/
الْمَيِّتِ الْمُمْتَدِّ دَوْمَاً لِلأمَامِ
في الرّيحِ.. في هّذا الْمَسَاءِ
ظَعَنَتْ حِكَايَاتي وَمَرّتْ..
عَبْرَ سِلْكِ الْكَهْرَبَاءِ
وَبَقيتُ وَحْدِي
خَلْفَ هَذا الحَائِطِ الطّابوقِ
وَحْدي قَاطِنَاً
عَينَاكِ شَمْسٌ وَانْطَفَتْ
وَهَوَاكَ غَيْثٌ وَانْقَطَعَ
صَلّي عَلى النّبْعِ الّذي لَمْ يَنْقَطِعْ
صَلّي عَلى صَوْتِ الْعَذَابِ
أنّني أبْحَرْتُ حّتّى الْقَاعِ
مِنْ عَينيكِ.. مِنْ ذَاتِكِ
لَمْ أعْثَرْ عَلى اللّؤلُؤِ فيها
انّي رَجَعْتُ
وَ أشْهَدُ أنّي بَلَغْتُ!
(1978م)- بصرة/ العَشّار

[2]
(فوقَ الدّرجةِ الْحَرجةِ)..
(1)
قولوا لَهَا: أنّي عَشَقتُ
قَدّمْتُ أوْرَاقي.. وَعُدْتُ
قولو لَهَا: أنّي أتيتُ
صَلّيْتُ.. ضُمْتُ
أعْلَنْتُ أوْراقي وَتَصْريحَاتي.. مُتُّ
قولوا لَهَا: أنّي الشّهيدُ القَادِمُ الْمَفروضُ
أنْ يُقْتَلَ في وِسْطِ الطّريقِ
قولوا لَهَا: أنّي شَهِدْتُ
رَبّاه.. مَا أحْلَى الشّهَادةِ.
(2)
مَا كَانَ لي عِلْمٌ بِهَا
مَا كُنْتُ أعْرِفُهَا
وَلا أعْرِفُ صُورَتَهَا وَلَكِنْ
مِثلَمَا حَدَسٌ.. هَجَسٌ يَمُرُّ
وَجَدْتُهَا في الْبَابِ تَنْتَظِرُ
لا تُعْلِنُ شَيْئاً أمَامَ الذّاكِرَةِ
ألفَيْتُ بَابَ الْقلبِ مَسْدوداً
وَمِفْتَاحي لَدَيْها
قَرّرْتُ أنْ أمْشي إلَيْهَا
قَرّرْتُ أنْ أحْرقَ أيّامي عَلى عَتَبَاتِهَا
وَأقولَهَا حَقّاً بِدُونِ مُدَاوَرةٍ
وَجَدْتُهَا.. رَفَعَتْ ذِرَاعيهَا.. وَقَالَتْ
رَفَعَتْ ذِرَاعيهَا.. فَقُلْتُ
أشْهَدُ اللّهمَّ حُبّاً لِلْعِبَادَةِ.
(3)
السّيّدُ الأعْمَى وَأقْزَامُ الْمَدينَةِ
فَتَحُوا نَافِذَهُمْ وَمَدّوا رؤوسَهم بَيْنَ الشّوَارِعِ
وَاَناقَلُوا أخْبَارَ صَدْري الْمُعْرَقِ الْمَنْحُورِ
وَبَكوا.. وَزادوا الْهَمَّ في قلبي
وَأنّوا مَعَ السّكينةِ
السّيّدُ الأعْمَى وَموسيقى الظلامِ
وَحِدَاءُ قَلْبِكَ في الطريقِ/
الْمَيّتِ الْمُمْتَدّ دوماً لِلأمَامِ
كانتْ تُغَنّي وَكان قلبي رَاعِشاً
مثلَ الْحَمامةِ في الرّياحِ
مثلَ الْحَمَامةِ إذْ تَغَارُ مِنَ الْحَمَامِ
صَارَتْ تُناجيني شَوَارِعُ بَلْدَتي
وَالآنَ تسْألُني عَنِ الْخَمْرِ الْمُعَتّقِ
وَالْحُزْنِ وَالْكَلِمَاتِ
يَا مَولاتي
صَارَ الحُزْنُ عَادَةً.
(4)
قولوا لَهَا أنْ تَرْفَعَ مِصْبَاحَهَا
أنّي أتيتُ
أنْ لا تُزيحَ وَشاحَها.. فَلَرُبّمَا
لَنْ أنْظُرَ في وَجْهِها
أعْرِفُهَا.. إذْ أسْمَعُ خُطَواتِها
أنَا لا أراها بِالْعُيونِ
وَلا أخَاطِبُ بِاللّسانِ
وَإذا وَجدْتُ طَريقَهَا يَرْنو إليَّ
سَأكتُبُ شِعْرَاً إليها
الْقلبُ مَسْدودٌ وَمِفتاحي لَدَيها
لابُدّ أنّ مَغالِقَ الأضْلاعِ
صَارتْ في يَدَيْها
أحْكمتْ رَتّاجَهَا
فَهَلْ أنَا مِنْ خَارجِ الأسْوارِ
أوْ مِنْ دَاخِلِ الأسْوارِ
أوْ عَلَى السّورِ الّذي مَا بيْنَنا
يَفْصِلُ.
(5)
عُدْتُ.. جَلَسْتُ
أقولُهَا: أنّي عَشَقْتُ
وَذقْتُ في العُشْقِ
صُنُوفاً مَا حَسِبْتُ
مِحْرَابُها أصْبَحَ مَصْلاتي
وَديني حُبُّهَا
وَعُيُونُهَا فيهِ شُمُوعي
مُدَّتْ ذِراعانِ إليّ
كَأنّي طِفْلٌ ضَائِعٌ
مُدَّتْ ذِراعانِ إليّ مِنَ السّمَاءِ
ضِعْتُ أنَا مَا بينَ أحْزاني
ومَا بينَ أنْفَاسِ الْهَواءِ
الرّيحُ تأخُذُ عُنْفَهَا
وَالطّيرُ تأخُذُ صَوْتَهَا
وَالدّرْبُ يمضي مَعَ الحبيبِ
وَالنّارُ تَغْلي
الرّيحُ هَاجَتْهَا وَرَاحَتْ
وَأنَا مُلْقَى عَلى الرّطَبِ الجّريحِ
في الرّأسِ مِصْبَاحٌ صغيرٌ
وَعَلى الجّدارِ.. تَصْويرُهَا
قّدّمْتُ أوْرَاقي وَتَصْريحَاتي.. مُتُّ
هَذا أنَا المَفروضُ أنْ أقتَلَ في وِسْطِ الطّريقِ
مُتُّ.. وَعُدْتُ!
(5 مارس 1978م)
بصرة/ باب الزبير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟