الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مريم البحايري في رحلة الى فضاء الكون عبر الالوان)

سيروان شاكر

2019 / 8 / 26
الادب والفن


رحلة الى عالم الخيال والتأمل
(مريم البحايري في رحلة الى فضاء الكون عبر الالوان)
ليس للحياة من هدف الا العمل المستمر في عالم يكفل الاحاسيس بالسعادة لها والاخرين.
ابحاث جديدة تدخل عالم البحايري في سايكلوجية شعورية لتعبر عنها بالاعمال الابداعية بان الحياة تقتضي ان ندرك الاشياء على فهمها فالحياة هي الاحساس وهي الا تستقبل من الاشياء الواقعية في الطبيعة الحية الا الاحساس الصادق- وهكذا بدات مريم في الدخول الى خوض هذه المواجهة كي لا تستقر عن نقطة محددة فاعمالها شاهدة عما توصلت الى هذا الحس الابداعي- انها موهوبة بنشاطها العملي والفكري والانساني، حدود المعرفة عندها لاتنتهي والهدف تحقيق غايات انسانية، فكل عمل فني من اعمالها هي فلسفة حية ومضامين شعورية تصور لنا بمراحل متعددة مرة باحرف تعبر عن ذاتيتها لتكمل مسيرتها في الحياة واخرى باشكالها الرقيقة الوجدانية لترمز لعالم تتغلب المشاعر والعاطفة على صلابة الواقع وجمودها، فتتخيل لغة اخرى تصحح اذهاننا ومفاهيمنا في الواقع، لغة نستطيع نتواصل بين بناء وعي حقيقي بعالم الفن وتشيد هذا الصرح لخلق نظام تنطلق باللفظ الصوري في رؤية حاسمة وواضحة شمولية لغرض اكمال هذه العملية الابداعية.
ان الفن عند هذه الفنانة البارزة في الفن التشكيلي يؤكد على القيم التشكيلية من وجهة نظر فلسفة الجمال حيث انها تسعى الى ابراز المادة الجمالية التي هي رمز من رموز الانسانية كما يقول النحات هنري مور (ليس قهر المادة حتى نحاكي بعض الموضوعات دائمابل هو البحث عن الشكل الذي يتحقق في تلك المادة تبعا لاستعداداتها الخاصة.....
ان مهمة البحايري هي البحث عن تغيير نمط المادة المتكون من عملها الفني الى حقيقة غير مرئية بافكار تقليدية وانما مرئية بافكار جميلة منطقية لانها تسعى دائما للكشف عن قيمة جمالية يمكن توصيفها ونرى ايضا في اعمال هذه المبدعة المتالقة في عالم الفن التشكيلي مجال تنظيم الافكار عمل نفسي يحمل قيمة ايجابية، فبناء كل عمل فني يتطلب عدة نقاط هامة لاكمال هذا الصرح الانساني- فشفافية العمل عند البحايري تعكس روح وشكل مفهوم هذه الفنانة فلديها من الالوان تختلف ما تختلف عن الاعمال التي رايناها في الاعمال الفنية الاخرى فلسفتها واضحة في وضع ضربات الفرشاة فضلا عن التقنية المنظمة حسيا في كل عمل فني فهي تواجه صعوبات تقنية بكل سهولة فتخرج بها وكانها تراجيديا في افلام من الخيال العلمي.
تقنية بارزة تتوزع بين فضاءات اللوحة في كون مملوء بالاشكال الغريبة، فضاءات تملئها الاحاسيس والمشاعر استعدادا لخوض معركة انسانية في عالم الخيال وهدفها تحقيق اقصى درجات النمو الذاتي والوعي الحسي لايقاظ ما تبقى من الحس الجمالي لدى المشاهد لغرض اكمال مهمتها اللاوعية والحسية في هذا العالم المادي، تصورات ذاتية تحققها المبدعة مريم كي يدرك المتابع الفني بمدلولاتها انها انجزت موضوعا جماليا محسوسا في عالم الواقع مثل ما امكنها ان تخلق تعبيرا عن افكارها الذهنية بكل شفافية لتضع مشاهدا في رؤية مادية مصدرها المكان والزمان المحددان برؤيته الخاصة فالمتذوق الذي يقف امام هذه الاعمال يعترف ويفصح عن عواطفه وافكاره، كل جزء من العمل الفني او لوحات البحايري انما هي اسطورة من اساطير الحياة تحاكي ضمير الانسانية فايا كان المشاهد سيتاثر بهذه الاعمال اما بالوانها الوردية والبنفسجية المغطاة في بعض الاحيان باللون الاصفر المائل الى البني المنسقة بشكل حساس في غاية الدقة او باشكالها الرنانة الموسيقية وكانها فعلا سمفونيات موسيقية باحرف مبعثرة في فضاءات كل جزء من هذا العمل الابداعي، ظاهرة لاتتكرر الا عند اصحاب الاذواق الرفيعة في عالم الجمال والخيال.
ان انتشار مثل هذه الاعمال الفنية هو بحد ذاته مقياس للاصالة وهويته، فعندما يقتصر هذا على عالم موحد من الاسلوبية المحترفة دليل على نمط الابداع التي تسلكه هذه الفنانة في البحث عن الهوية الانسانية فكل عمل فني قد انجزته لايحتاج لتفسير ممنهج من الناحية العقلية فهو واضح حسيا بقدر ما يتاثر به المشاهد المبدع فهو يكمل هذه الصورة الحية رغم جمودها وثبوتها في حالة معينة الا انها تحاكي وجدان الانسان بكل معانيها الصادقة فيسهل تفسيره حسيا فضلا عن ذلك يمكن ان يكون حالة معينة عند المتذوق وهو تغيير مسار فكره الى حالة منظورة، تتميز هذه الفنانة حالة انهاءها من العمل بين سيكلوجيتها الابداعية وسيكلوجية المتذوق، فالاحساس الفعال او التامل الايجابي التي تتحرك فيه ذات المشاهد المشاركة تقابل الاحساس المنفعل الصادق الذي غاب عنه المشاهد في فترات طويلة من حياة الفن، فلا يشعر المتذوق بالعمل الفني الا بوجود شعور حقيقي في هذا العمل الفني فهذه الفنانة المبدعة تعطي لكل حيز فضائي معاني ورموز يصعب فهمها فهي رموز قد تكون ادمية او حيوانية او رموز غير معرفة او قد تكون حسية ولكن الاهم من هذا كله هي علامة مميزة في عالم الجمال توحد النفوس البشرية في نقطة معينة رغم عدم وضوحيتها من الناحية الرؤيوية الا انها تعطي لك الامل في الحياة حيث يفتقد الكثيرون هذا الامل لان اعمالها تدل على مدى طموحات هذه الفنانة – ان الاثار العظيمة التي تظهر في كل عمل فني انها هي اندماج واضح بين ماهو مأخوذ من ذاكرتها في وقت مبكر من حياتها الى ان وصلت الى حقيقة الزمن بان شعورها الاستاطيقي لاينبع الا معها، فهي ابداعية بمشاعرها وؤريتها والوانها الصادقة في لحظة حدس تنفجر الحقيقة لتتدفق هذه الالوان وكانها نهر من العطاء فكريا كان او حسيا او ثقافيا، فالذي يختلف في كل عمل فني ليست هي الرؤية وانما الاحساس الصادق لتتوزع بكل موازنة بين لوحة واخرى وكانها تقسيم الهي بين تلك الاحاسيس تعطي لكل لوحة حقها في الحياة كما تقول سوزان لانجر قد يكون العمل الفني ليس شيئا متحركا او شيئا حيا ولكن كانه وحدة عضوية حية رغم جموده وبقاءه في مكان واحد كل الزمن، هذه هي اعمال المبدعة البحايري حالات تصورية في خيالات الطبيعة مؤثرات حسية ورموز صوتية تندفق في اعماق الاشكال الابداعية.
انها عبارات صوفية في تعابيرها مفتقدة لواقعيتها لانها تبحث عن جوهرة المواضيع بجمالياتها وتدرك الاشكال ذاتيا رغم صعوبة اختراق هذه المنطقة الحرة انها حرة بمعانيها ومقيدة حسيا ليس مجرد موقف ذاتي ينطوي على استجابة شخصية فحسب وانما هو ايضا موقف وجداني يجعلنا ان نرتبط بهذه المواضيع الجميلة بالحساسية لا بالتصور العقلي مواضيعا او مظهرا وجدانيا يتجلى بوضوح فتعيدنا الى حالات بدائية من حالات الوعي او الشعور، انما رموز وجدانية حين نحاكي ضمائرنا في فترة من فترات التلقائية لفهم العمل او فقدان الوعي والدخول الى متاهات ذاتية بها تظهر جماليات الواقع المفقود في لحظة الادراك.
فالقدرة التي تمتلكها هذه الفنانة مريم البحايري انما هي طاقة لايمتلكها كل شخص او حتى فنان، طاقة تقوم على تنظيم الادراكات التي من الصعب معرفتها في كل زمان الا انها تدرك في نقطة التقاء الوعي بالجمال لتحملنا الى سماء الميتافيزقيا فتحير النقاد للاجابة على اسئلتها فيكون التذوق في صورته الجديدة هي الاجابة الحقيقية ليستقبل المشاهد ثورة من المشاعر تصدر من داخل وعلى مشارف هذه الاعمال تعبيرات ازلية قادرة انطلاقة جديدة لعهد مفقود تحت اطلال الزمن، لتحول البحايري اي لحظة مرة في حياتها الى خلق صورة جديدة تصل الى مرحلة الامتلاك للعمل الفني من رؤية المتلقي- اعمال فنية وتجارب ابداعية قلما نشاهد هذه الافكار وهي تخرج منطلقة نحو المجهول في عالم الخيال لتبحث عن روح الانسانية الصادقة فنرى في بعض الاعمال عن امل بمساحة معينة من اللوحة الا ان هذا طاغ حسيا على مجاميع الاجزاء فتشكل رموزا غامضة واعمال اخرى طاغية الالوان القاتمة رغم شفافيتها وكانها ضوء خافت في دجى الليل تظهر خيالات مرة باحرف مفقودة ومرة برموز قصدتها هذه الفنانة كي تخفي عنا الحقيقة وهذه هي حقيقة الفنان الصادق ولكن الامل طاغ رغم كل الرموز او الصور الخيالية فما تقوم به هذه التشكيلية المبدعة هي ترابط نغمي وجمالي بين الماضي والحاضر لتغطي الوعي بالقيمة الجمالية وبدلالاتها الانسانية ففي ذكرياتها تظل توثق كل لحظة من لحظات السعادة لتحولها الى حقيقة ذهنية وتترجمها بفلسفة مبهمة فيكون للتامل الميتافيزيقي صفقة مع الزمن هكذا انتهت مسيرتها في كل عمل فني فتصنع تاريخا جديدا لعالم الانسانية وتضع لغة جديدة بين عالم المرئيات كدلالة تعبيرية لمكنونات الذات وبين الدلالة اللفظية كمحتوى افتراضي في تفسير هذا العمل- ان الصدق الموضوعي في هذه الاعمال يتجه فيه الفكر والخيالات الى موقف اعتقادي اننا في عالم مستقل من كل ما يتمثل به الحياة التقليدية، فهذه الفنانة ترفض كل المكونات المرئية الخالية من الانفعالات فلهذا خلقت مكونا جديدا يختلف في حقيقته التصويرية لتصنع فلسفة جديدة في عالمها اللوني فلسفة الارادة في تغيير الواقع وفلسفة العاطفة في تغيير مفهوم الانسانية وفلسفة الايمان في الثبات والاستقرار والتغيير والتجديد هكذا عرفناه في هذه الفنانة المبدعة في فلسفتها الروحية.
الكاتب
سيروان شاكر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جوني ديب قبل عرض تجربته الإخراجية الثانية في السينما : الشب


.. منح نجمة الأوسكار فيولا ديفيس والهندية بريانكا شوبرا جائزة ا




.. قطيفان: لن أتصالح مع فنانين دعموا الأسد


.. خارج الصندوق | الممثل السوري بشار إسماعيل يروي مأساته خلال ن




.. بريطانيا تبحث عن فنانين لتصميم نصب تذكاري للملكة إليزابيث ال