الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَنِ اَلْمُسْتَفِيْد مِنْ إشْعَاْل اَلْشَرْق اَلْسُّوْدَاْني ؟!

فيصل عوض حسن

2019 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


تَنَاوَلتُ في مقالتي السابقة (اَلْسُّوْدَاْنُ وَتَحَدِّيَاْتُ اَلْبَقَاْء)، أخطر التحدِّيات (السِيادِيَّة/الاستراتيجيَّة) التي تُواجه السُّودان، وهي تحقيقُ السَّلامِ، وتَغَيُّر التركيبة السُكَّانِيَّة، وتَصاعُد التحشيد القَبَلي/الجَهَوِي، واحتلال أراضي ومُقدَّرات السُّودان، وتَرَاجُع/انهيار الاقتصاد. وحَذَّرتُ من التَرَاخي/التساهُل في مُواجهة هذه التحديَّات، وانعكاساتها الخطيرة على وحدة/استدامة البلاد والعباد.
فجأة، نَشَبَت اشتباكات قَبَلِيَّة دَّامِية بمدينة بورتسودان، أسفرت عن إصابة ومقتل العديدين، وهي (تطبيقٌ عمليٌّ) لبعض التحدِّيات أعلاه، حيث امتزج تَحَدِّي تَغَيُّر التركيبة السُكَّانِيَّة، مع التحشيد القَبَلي/الجَهَوِي، لمصلحة (المُحتلِّين). ولقد نَشَرَت الشروق في 24 سبتمبر 2019، اتِّهامات صريحة للحكومة الولائِيَّة بـ(التقصير)، في إيقاف القتال الدَّائر ببورتسودان. وفي المُقابل، استبدل ما يُسمَّى مجلس سِيادي الوالي بآخر، لحفظ (هيبة) السُّودان، والسلام الاجتماعي بمدينة بورتسودان، حسب زعمهم! وبعدها بيومين، نَشَرَت الانتباهة أون لاين (التَّابعة للمُتأسلمين) في 26 أغسطس 2019، تفاصيلاً خطيرةً عن الأحداث، ثَبَّتت فيها دخول أسلحة بكمياتٍ كبيرةٍ من (دولة مُجاوِرَة)، وأنَّ 80% من حالات الوفاة/الإصابات كانت بالرصاص، والأخطر (عِلْمَ) الولاية المُسْبَق بهذه الصدامات! وأشارت الصحيفة (صراحةً)، لتَورُّط شخصيات نَّافّذة في إشعال هذه الأزمة، بجانب قيادات الإدارة الأهلِيَّة الذين سافروا للحج بـ(دعمٍ) من الحكومة!
المُعطيات (المُوثَّقة) أعلاه، تُحتِّم (رَبط) أحداث بورتسودان وقبلها القضارف، بمُخطَّطات المُتأسلمين، المدعومة دولياً وإقليمياً لتمزيق السُّودان وإهدار سِيادته ومُقدَّراته، وهي مُخطَّطاتٌ لم تتوقَّف بـ(اختفاء) البشير ورُفقائه، ولا أقول (سقوطهم) كما يُحاولون إيهامنا، لأنَّهم (اختفوا) فقط عن الأنظار، وقَدَّموا أزلامهم من (المُرتزقة) وتُجَّار الحرب لاستكمال (الخِيانات). وهنا، أُذَكِّر مُجدَّداً بأخطر المُخطَّطات الإسْلَامَوِيَّة، المعروف بـ(مُثلَّث حمدي)، والذي حَصَرَ السُّودان في محور (دنقلا، سِنَّار والأُبَيِّضْ)، واستبعد جميع المناطق الواقعة خارج هذا المحور. وعقب انفصال الجنوب، سَعَى المُتأسلمن للتخلُّصِ من دارفور والمنطقتين بإشعال الصراع فيهما، وبتغيير التركيبة السُكَّانِيَّة (خاصةً دارفور)، ودَعَموا احتلال المصريين للأراضي النُوبِيَّة وحلايب، والإثيوبيين للفشقة وما حولها، وباعوا ما تَبقَّى من أراضي أقصى الشمال والشرق السُّوداني، للإماراتيين والسعوديين والصينيين وغيرهم، بجانب تغيير التركيبة السُكَّانِيَّة بتجنيس وتوطين الأجانب، واستيعابهم في المناصب الرسميَّة بما فيها (الاسْتِوْزَار)، وتجدون تفاصيلاً أكثر في مقالة (اَلْمَشَاْهِدُ اَلْأَخِيْرَةُ لِمَخَطَّطِ تَمْزِيْقِ اَلْسُّوْدَاْنْ) يوم 21 أبريل 2019. والأخطر من ذلك، (المُرتزق) حِمِيْدِتي، وهو أشبهُ بحِصانِ طرْوادة الذي استخدمه الإغريق لضرب الطُرواديُّون من الدَّاخِل. ولقد اختار المُتأسلمون حِمِيْدْتِي بعنايةٍ فائقة، وجَّهزوه لأداء دوره بدعمٍ وتنسيقٍ دوليٍ وإقليميٍ كبير، فهو مُرتزقٌ/وَضِيع وقابلٌ للبيع والشراء، ومُثقلٌ بالجرائم (المُوثَّقة)، بما يُسهِّل ابتزازه وإخضاعه، وللمزيد من التفاصيل يُمكن مُراجعة مقالة (حِمِيْدْتِي: خَطَرٌ مَاْحِقٌ وَشَرٌّ مُسْتَطِيْر) بتاريخ 29 أبريل 2019، و(اَلْسُّوْدَاْنِي اَلْأصِيل وَاَلْجَنْجَوِيْدِي اَلْمُرْتَزِق) بتاريخ 5 يونيو 2019، و(السُّودان بين مليشيات المُتأسلمين والجَنْجَوِيْد) بتاريخ 14 يونيو 2019، وغيرها.
بدأ حِمِيْدْتِي باستكمال تدمير ما تَبَقَّى من الجيش/الشُرطة، وتجنيد المُرتزقة الخارجيين أو الأجانب المُجَنَّسين/المُوَطَّنين، وتحريضهم/شَحنهم ضد بقيَّة مُكوَّنات الشعب (الأصيلة)، وإخضاعهم جميعاً لسيطرة عائلته بشكلٍ تام، ليبيعوا بعضهم كـ(الخراف) للارتزاق خارجياً، ويستخدموا المُتبقِّي لتفتيت السُّودان ونهبه. وهذا ما فعلوه في ولايتي القضارف وكسلا بشرق السُّودان تماماً، وسط ابتهاج وكلاء نُظَّار بعض القبائل/الإثنيَّات بذلك، رغم علمهم باستباحة الجنجويد لدماء/أعراض السُّودانيين، سواء بدارفور والمنطقتين، أو ببقيَّة المُدُن/المناطق، بما فيها العاصمة كمَجْزَرة القيادة وما تلاها. مما اضطرَّني لكتابة مقالتي (الغَفْلَةُ السُّودانيَّة) بتاريخ 26 مايو 2019، نَّاصحاً أفراد تلك الإثنيات بعدم الانخداع بأكاذيب/فِتَن نُظَّارهم العُنصُريَّة والجَهَوِيَّة، ونَبَّهتهم للخراب/الدمار الذي سيطالهم، وضرورة إدانة هذه الخطوة والتَبَرُّؤِ منها، باعتبار الجنجويد أعداءٌ للسُّودان الذي يَدَّعون (انتماؤُهم إليه). كما حَذَّرتَ أُولئك النُظَّار/العُمَد من المُحاكمات (الجِنائِيَّة)، لتحريضهم على الانخراط في المليشيات الإجراميَّة، والتشجيع على العُنصريَّة والصراعات القَبَلِيَّة، ودَعَوتُ القانونيين لإعداد شَكاوي (دوليَّة وإقليميَّة ومحلِّيَّة)، لمُحاكمة قادة مليشيا الجنجويد وجميع المُتعاونين معهم، سواء كانوا مسئولين أو نُظَّار/عُمَد أو حتَّى مُواطنين، وللأسف عَمِيَت الأبصارُ والبصائر و(صُمَّت) الآذان، والنتيجة نحياها جميعاً الآن ببورتسودان، وستشتعل أكثر وتنتقل لغيرها من المناطق لو استمرَّت غفلتنا.
الواقع، أنَّ أطرافاً عديدة مُستفيدة مما يجري ببورتسودان والشرق السُّوداني عموماً، أوَّلهم المُتأسلمين الذين عملوا لتمزيق السُّودان ونهب/إهدار مُقدَّراته، فقاموا بترسيخ (التجهيل) والانحلال، وصنَعوا الحصار بالتنسيق مع الأمريكان، ونهبوا ودَمَّروا مُقدَّراتنا السيادِيَّة/الاقتصادِيَّة، وغَيَّروا تركيبتنا السُكَّانِيَّة بتجنيس وتوطين الأجانب وتمكينهم من مفاصل البلد، وقتلوا وشرَّدوا وقمعوا أهل السُّودان (الأصيلين)، وغيرها من الكوارث التي ارتكبوها باسم الدِّين وهو منهم بُراء، ويُوجد مزيد من التفاصيل في مقالة (اَلْتَدْمِيْرُ اَلْإِسْلَاْمَوِيُّ لِلْتَعْلِيْمِ فِيْ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 28 مارس 2018، و(رَّاْفِدُ اَلْشُذُوْذِ اَلْجِنْسِيِّ فِيْ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 26 نوفمبر 2018، و(خَفَاْيَاْ اَلْعُقُوْبَاْتِ اَلْأَمْرِيِكِيَّةِ عَلَىْ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 22 يوليو 2017، و(مَنِ اَلْمُسْتَفِيْد مِنْ رَفْعِ اَلْعُقُوْبَاْتِ عَنِ اَلْسُّوْدَاْنْ)، و(اَلْتَحَاْلُفُ اَلْإِسْلَاْمَوِيُّ اَلْصَهْيُوْنِيّ: مِنَ اَلْخَفَاْءِ إِلَى اَلْعَلَنْ) بتاريخ 6 ديسمبر 2018، وغيرها. هناك بعض الدول المُجاوِرَة والموصوفة بالصديقة، وهؤلاء (أزلام) لدولٍ كُبرى (أمريكا وحُلفائها)، حيث سَخَّرَ (الأزلام) إمكانياتهم لإرضاء (سَّادتهم)، بما في ذلك تدمير وتحطيم البلاد التي يتظاهرون بصداقتها، ولقد نِلْنَا نصيباً وافراً من أضرارهم، والأمثلة عديدة كمقالتي (إثيوبيا والتهام السودان) بتاريخ 4 يناير 2016، و(اَلْسُّوْدَاْنُ بَيْنَ اَنْحِطَاْطِ اَلْبَشِيْرِ وَغَدْرْ اَلْأَشِقَّاْءْ) بتاريخ 10 أبريل 2016، و(اَلْتَرَبُّصُ اَلْإِمَاْرَاْتِيُّ بِاْلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 11 فبراير 2017، و(اَلخَنَاْجِرُ اَلْمَسْمُوْمَةْ) بتاريخ 18 مارس 2017، و(تَحَاْلُفُ اَلْشَرْ نَاْلَ مِنَ اَلْسُّوْدَاْنِ قَبْلَ اَلْيَمَنْ) بتاريخ 3 ديسمبر 2017، و(مَتَىْ يَسْتَعِيْدْ اَلْسُّوْدَاْنْ بَنِيْ شُنْقُوُلْ) بتاريخ 17 ديسمبر 2017، و(اَلْبَشِيْرُ وَتَعْمِيْقِ اَلْاِحْتِلَاْلِ اَلْمِصْرِيّ لِلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 19 أغسطس 2017، و(تَسْلِيْمْ وَتَسَلُّمِ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 17 أكتوبر 2017، و(اَلْاِلْتِقَاْءُ اَلْإِثْيُوْبْيُّ اَلْإِرِيْتْرِيْ: قِرَاْءَةٌ مُغَاْيِرَة) بتاريخ 23 يوليو 2018، و(اَلْسُّوْدَاْنُ مَسْرَحُ اَلْدُّمِي) بتاريخ 5 أغسطس 2018، و(لِأَجْلِ هَذَاْ يُرِيْدُوْنَ اَلْبَشِيْرَ وَعِصَاْبَتِه) بتاريخ 15 يناير 2019. وهناك الدول الكُبرى ذات المَطَامِع الاستعمارِيَّة (السياسِيَّة/الاقتصادِيَّة)، كالصين التي عملت على التهام مُقدَّراتنا بالتنسيق مع المُتأسلمين، وكذلك تناولتها كثيراً كمقالة (اَلْجَزِيْرَةُ هَدَفٌ إسْلَاْمَوِيٌ قَاْدِمْ) بتاريخ 17 أبريل 2016، و(مَتَىْ نُدْرِكْ خُطُوْرَةُ اَلْاِنْقِضَاْضُ اَلْصِّيْنِيُّ عَلَىْ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 22 سبتمبر 2016، و(اَلْصِّيْنُ تَلْتَهِمُ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 5 سبتمبر 2017، ومقالة (اَلْدَّاْئِنُوْنَ اَلْخَطَرُ اَلْأَكْبَرُ عَلَى اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 22 أبريل 2018، وغيرها الكثير الذي لا يسع المجال لذكره.
ستُواصل هذه الأطراف ضرباتها وتَدَخُّلاتها في الشرق السُّوداني، خصوصاً الإمارات ومصر والسعوديَّة وإثيوبيا وإريتريا والصين إلى حدٍ ما، تبعاً لـ(نصيب) كلٍ منهم، وسيكون (المُرتزق) حميدتي هو (أداة التنفيذ)، عبر (انفراده) بعلاقاتٍ/اتصالاتٍ خارجِيَّةٍ مُريبة، كزيارته الأخيرة للإمارات وفق التيَّار يوم 5 أغسطس 2019، ونَفي مليشياته السريع للزيارة مع (اختفائه) بنحوٍ غير مألوف، ثُمَّ الإفتتاح (المُفاجئ وغير المُبَرَّر) للمُلحَقِيَّة العسكريَّة الإماراتيَّة بالخرطوم، في تكرارٍ خبيثٍ لفكرة الحزام الأمني بـ(عَدَنْ)! ولو قرأنا هذه المُعطيات، وما رَشَح عن زيارة إماراتيين برفقة أفورقي لقاعدة (ساوا) العسكريَّة على الحدود السُّودانِيَّة، وغياب الإريتريين والإماراتيين عن توقيع ما يُسمَّى اتفاق الوثيقة الدستوريَّة، والإعلان (المُفاجئ) عن إلغاء عقد الميناء بواسطة شخصيَّة عامَّة من داخل قصر الرئاسة (عبر مقطع فيديو تمَّ نشره قبل اندلاع أحداث بورتسودان بيومين)، وربطنا كل هذا بخبر الانتباهة عن الأسلحة الواردة من (دولة مُجاورة)، ورغبة الإمارات المحمومة لالتهام ميناء بورتسودان، يتأكَّد لنا تماماً تنسيق المُرتزق حميدتي مع الإماراتيين والإريتريين، في الأحداث الدَّامية ببورتسودان، والتي قد تنتقل لأماكن أُخرى من الشرق لو لم نَحسمهم بسرعةٍ وقُوَّةٍ و(صدق).
ليتنا نَسْمُوا بأنفسنا ونترك (التَهافُت) المرحلي/الإلهائي على المناصب، وننتبه لِمَا يُحاكُ لنا ولبلادنا قبل القضاء على ما تَبَقَّى مِنَّا، لأنَّ حِمِيْدْتِي سينقلب على الجميع بمُجرَّد إشارة من سادته الإماراتيين وغيرهم. وبدلاً من التَنَاحُرِ والتحشيد القَبَلِي/الجَهَوِي، علينا الاتِّحاد بِقُوَّة، لتحجيم المُرتزق حِمِيْدْتِي ومليشياته وسادتهم الطَّامعين بالخارج، بذات الطريقة التي أجبرنا بها البشير (على الاختفاء)، وابن عوف على التَنَحِّي والبُرهان و(مقاطيعه) على الاتفاق. وتركيزي على هذا المُرتزق لأنَّه (خائنٌ) بالميلاد وله استعدادٌ فطريٌ للغدر، حتَّى أفراد مليشياته لم يسلموا من غدره ومُتاجرته، بخلاف عدم ارتباطه بالسُّودان وأهله. وليعلم المُتهافتون على حِمِيْدْتِي ومليشياته، بأنَّه سينقلب عليهم فور بلوغ غاياته ومراميه، فليتَّعظوا بما فعله مع أهله وعشيرته، والحل الأمثلُ لنا جميعاً هو الإسراع بالاتحاد الحقيقي/الصادق، لمُجابهة أخطار هذا المُرتزق وسادته بالعالم الخارجي، قبل فوات الأوان.. وللحديث بقيَّة.



مُلاحظة: عقب فراغي من هذه المقالة، قرأتُ خبراً عن انتشارٍ لمليشيا الجنجويد ببورتسودان، وأُجزم بأنَّنا مُقدمون على مرحلةٍ جديدة من الغدر الإريتري/الإماراتي.. ولنا عودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا