الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانيون كالاسلاميين جزء من أزمة الديموقراطية في عالمنا العربي!

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2019 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يحاول البعض تحميل الاسلاميين الأصوليين وحدهم مسؤولية فشل التجارب الديموقراطية في عالمنا العربي وهذا أمر غير موضوعي وغير دقيق لأنه يمثل نصف الحقيقة فقط، فالنصف الآخر من الحقيقة يتمثل في أن العلمانيين الأصوليين العرب وغير العرب والمسلمين وغير المسلميين من سكان منطقتنا العربية هم جزء من المشكلة أيضًا!!. فالعلمانيون بتعنتهم وتشددهم وطوباويتهم والاسلاميون بتعنتهم وتشددهم وطوباويتهم جميعًا هم المسؤولون عن تشويه (الديموقراطية الليبرالية) في حس الشعوب العربية وبالتالي جعل شعوبنا تزهد في الديموقراطية ولا تعرف قيمتها وأهميتها الاستراتيجية بعيدة المدى!!.
ولا شك عندي أن الاغلبية الرافضة لحكم الاخوان والجماعات الاسلامية في مجتمعاتنا العربية والمسلمة، خصوصًا بعد هذه التجربة المريرة، هي ذاتها الاغلبية التي ترفض مشروع العلمانيين خصوصًا في بلد مثل ليبيا وما يشبه ليبيا، أما (الليبرالية) كفلسفة وفكرة تقوم على تعظيم الحرية الشخصية والملكية الخاصة والخصوصيات الفردية والعائلية في مواجهة سلطان وتدخل وتغول الآخرين المعتدين والمتطفلين، فسبب رفضها هو العرض العلماني والاسلامي الخاطيء لها، فالعلمانيون والاسلاميون على السواء يعرضونها على انها ((حرية مطلقة)) تسمح للافراد بفعل ما يشتهون بلا قيود ولا حدود اجتماعية وأخلاقية وقانونية كما لو أن الفرد يعيش وحده في الفضاء!!! ، وهذا عرض خاطيء لليبرالية يخالف الليبرالية من حيث الفكر ومن حيث التطبيق في الغرب!... فلكل مجتمع ليبرالي (غربي او شرقي) حدود وقيود اجتماعية على حريات الافراد يجب عليهم الالتزام بها ، وهذه القيود والحدود تنبع من ثقافة واخلاقيات المجتمع ... لهذا اذا عرضنا الليبرالية والديموقراطية كما هي في الفكر وكما هي في التطبيق من جهة ومن جهة ركزنا على التعاليم الدينية التي في الاسلام والتي تصب في اتجاه نصرة التوجه الليبرالي والديموقراطي والموازنة بين تعظيم حقوق ومصالح الافراد وحقوق ومصالح المجتمع، فلن نجد كل هذا العداء للديموقراطية الليبرالية القابلة بطبيعتها للتكيف مع ثوابت وقيم كل مجتمع وطني ، ففي بداية النهضة العربية اواخر القرن التاسع عشر كان العرض في الفكر العربي والاسلامي الليبرالي للديموقراطية الليبرالية بهذا الشكل الذي نعرضه الآن فمقالاتنا والتأكيد عن عدم وجود تضارب بين الاسلام والليبرالية والديموقراطية بعيدًا عن القراءة الأصولية والسلفية والمذهبية والطائفية للنص الديني، وهو العرض الموافق لحقيقة وواقع الديموقراطية والليبرالية، ولكن مع ظهور التيارات العربية العلمانية والدينية المتطرفة تم تشويه الديموقراطية الليبرالية في اذهان ووجدان مجتمعاتنا!!، وبلا شك أن الحكام العرب المستبدين ساهموا في ذلك واستعملوا كل من العلمانيين والاسلاميين في تنفير الشعوب العربية المسلمة والمتدينة من الديموقراطية الليبرالية لأن بقاء الوضع الشمولي والديكتاتوري والكفر بالديموقراطية الليبرالية هو ما يخدم مصلحتهم!!.
بالاضافة إلى ما ذكرنا في خلق أزمة العداء للديموقراطية الليبرالية في مجتمعاتنا العربية من خلال عرض الاسلاميين الأصوليين والعلمانيين الأصوليين على السواء كما لو أنها على النقيض التام مع الاسلام (دين المجتمع أو دين الأغلبية) فإن وصول (القوميين الاشتراكيين العرب) بكل أصنافهم (البعثيين والناصريين...الخ) شكل معضلة أخرى إذ أن هؤلاء اتخذوا موقفًا معاديًا من الديموقراطية والليبرالية واعتبروها جزءًا من الرأسمالية والأمبريالية وبالتالي دخلوا في حرب ايديولوجية وفكرية شرسة ضدها!!، وانحازوا إلى ما يُسمى بالديموقراطيات الشعبية التي لم تكن في حقيقتها سوى جلباب شعبوي فضفاض لتمرير الحكم المطلق باسم الشعب !! وهكذا استمرت و تستمر الأزمة وستستمر!! ... ولهذا لا حل الا بعودة الفكر العربي والاسلامي الليبرالي المستنير بعيدًا عن التطرف الديني والتطرف العلماني والتطرف القومي جميعًا، العودة للخط النهضوي العربي الاسلامي الذي انطلق قبل ظهور هذه الاصولية الدينية والاصولية القومية والاصولية العلمانية ، ذلك الخط العربي والاسلامي الليبرالي العقلاني المنفتح الذي نتجت عنه مثلًا دولة (استقلال ليبيا المملكة الليبية المتحدة عام 1951) بدستورها الليبرالي المنسجم مع القيم الاسلامية، هذا هو منطلقي ومشروعي في مواجهة الاصولية الاسلاماوية والأصولية العلمانوية على السواء فكلاهما مشروع طوباوي غير واقعي وغير قابل للبقاء والارتقاء، مع خالص تحياتي.
سليم نصر الرقعي
(*) هناك الكثير من النصوص في القرآن الكريم مثلًا تصب في اتجاه القيم الليبرالية التحررية سواء في مواجهة التغول والتطفل على حريات وحقوق الأفراد الاساسية أو في مواجهة التفرعن والطغيان السياسي وهي ما ينبغي التركيز عليها في مواجهة التطرف الديني والعلماني على السواء لبيان واستخلاص (ليبرالية الاسلام) من بين انقاض القراءات الأصولية والسلفية والمذهبية والطائفية المرتبط بتجارب التاريخ، منها قوله تعالى في القرآن: (( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) وقوله مخاطبًا النبي : (( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ؟؟!!)) وقوله له: (( لست عليهم بمسيطر)) و((لست عليهم بجبار)) وقوله (( قل... لكم دينكم ولي دين)) .. وقوله تعالى في التسامح الديني: ((لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) ... وغير ذلك من النصوص التي تعزز حرية العقيدة والعبادة والتسامح التي هي أساس الحريات الشخصية (الليبرالية) وأما فيما يعزز التوجه الديموقراطي فمثل قوله في وصف المجتمع المسلم: (( وأمرهم شورى بينهم)) وقوله للنبي كقائد وحاكم سياسي: ((وشاورهم في الأمر)) فهذه التعاليم وغيرها تصب في اتجاه ازالة التناقض الموهوم والمرسوم الذي يصر كل من الاسلاميين والعلمانيين على توطيده بين الاسلام والديموقراطية والليبرالية ، فالاسلاميون هدفهم ابعاد الديموقراطية الليبرالية بدعوى أنها متناقضة مع الدين الاسلامي ، والعلمانيون هدفهم ابعاد الدين الاسلامي عن الشأن العام للشعب المسلم بدعوى أن الاسلام يتناقض جوهريًا مع الديموقراطسة والليبرالية !!... وهكذا وبدلًا من الدخول في صدام مع دين المجتمع أو دين الاغلبية المسلمة في منطقتنا فإن الصحيح هو البحث عن القيم الليبرالية والتحررية الموجودة في الاسلام واستخلاصها من بين انقاض الفهم المذهبي والسلفي المحافظ والمنغلق والمحتكر لقراءة النص الديني، فهذا هو الطريق الصحيح لنشر الديموقراطية الليبرالية في مجتمعاتنا المسلمة أو ذات الاغلبية المسلمة وليست مصادمة الدين ومعادته مما يعني تهييج الاتجاه الديني المحافظ وتوسيع رقعته وهو ما يخدم اجندة الاسلاميين في السيطرة على الحكم والدولة بشكل مباشر أو بالتحالف مع (ولاة الأمر)!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس صحيح
امين الحق ( 2019 / 8 / 30 - 06:54 )
العلمانية هي الحل ، انظر لو خارطة الدول الاسلامية ماذا تجد ؟ لن تجد سوى القتال والدمار والخراب والتهجير والجوع والمرض ، الدول الاسلامية شاطرة و مهتمة بالدرجة الاولى في صنع المتفجرات و الأحزمة الناسفة ، وصواريخ العابرة للقارات والطائرات المسيرة ، بينما أطفال اليمن يموتون من الجوع و المرض ، وحتى في بلدك الحبيب ليبيا سبب الحرب دينية ، صدق من قال : الدين أفيون الشعوب .


2 - العلمانية ليست الالحاد ولا الارتداد عن الدين
nasha ( 2019 / 8 / 30 - 10:31 )
العلمانية هي مبدأ فصل السلطات ولا علاقة لها بأي عقيدة.
العلمانيين الذين تصفهم بالمتطرفين ليسو علمانيين بالتعريف الحقيقي للعلمانية.
العلمانيين العرب المتطرفين هم أصحاب العقائد الأخرى اللااسلامية وخصوصا الملحدين.
الملحدين في العالم الاسلامي في هذا العصر هم الفئة الفكرية الثانية أو ربما إلا ولى ى من حيث العدد بين الفئات الفكرية السائدة في المجتمعات الإسلامية ولا زالو في طور النمو والازدياد عددا.
زيادة عدد الملحدين والمرتدين عن الاسلام بين المسلمين هو سبب العداء الذي يبدو لك عداء علماني.

وسبب عدائهم ليس اختياريا وإنما اضطراريا لأن الفكر الإسلامي لا يعترف بالعلمانية ويرفضها لأن هدفه الأول والأخير هو السيطرة على السلطة بأي طريقة لأن السلطة في صلب الإسلام وجزء مهم من عقيدة الإسلام.
الإسلام لا يعيش ولا يستمر إلا بحماية السلطة.اذا عزل الإسلام عن السلطة لن يكون اسلام حقيقي كما يعهده الجميع.
تحياتي

اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا