الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسيرات الشعبية كشكل من اشكال الاحتجاج الجماهيري

خالد جلال

2006 / 5 / 15
الحركة العمالية والنقابية


إن المتتبع للمشهد الاحتجاجي ببلادنا لن يندهش من ازدياد وثيرة الاحتجاجات الشعبية وتوسع رقعتها الجغرافية وتنوع دواعيها ومسبباتها وكذا بتطور وتصعيد أشكالها التي أصبحت تأخذ منعطفا خطيرا يعكس بصفة حتمية مدى تدني الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لفئات عريضة من الشعب المغربي. لقد أدى الاستمرار في نهج السياسات اللاشعبية المكرسة لمختلف أشكال التفقير والتهميش والإقصاء وضرب القدرة الشرائية للمواطنين وسوء تدبير الملفات الاجتماعية الكبرى، كالتشغيل، السكن، التعليم وتوفير ضروريات الحياة...، إلى تنامي الحركات الاحتجاجية وتضاعف الإضرابات الوطنية التي عرفتها معظم القطاعات وازدياد عدد الوقفات الاحتجاجية وبروز شكل احتجاجي شعبي جديد يتمثل في المسيرات الشعبية التي عرفتها مؤخرا بعض المناطق بالبلاد.
لقد ذاقت أغلبية شرائح المجتمع المغربي ذرعا بالشعارات المزيفة والخطابات المنومة ومسلسل الحوار الاجتماعي المغشوش وبدأت ترفض جملة وتفصيلا نتائج السلم الاجتماعي الذي زاد من تأزيم أوضاعهم وتدني مستوى معيشتهم وعدم استفادتهم من ثروات بلادهم، الشيء الذي أدى بهم إلى الخروج للشارع، سواء بشكل مؤطر أو عفوي، للتظاهر الحضاري والسلمي وللتعبيرعن احتجاجهم لما آلت إليه أوضاعهم الاجتماعية التي أضحت تسوء يوما بعد يوم.
فبالإضافة إلى المسلسل الطويل من الإضرابات القطاعية والوقفات الاحتجاجية المنددة بسياسة التفقير والتهميش وبأسلوب المماطلة في تلبية بعض المطالب العادلة للأجراء وبتنامي ظاهرة التضييق على الحريات النقابية، عرف المشهد الاحتجاجي تنتظيم مسيرات احتجاجية ببعض المناطق كتلك التي شهدتها مدينة جرادة بشرق المغرب حيث تحركت عائلات ضحايا سوء تدبير ملف مناجم جرادة مشيا على الأقدام في اتجاه العاصمة الرباط. ويأتي تنظيم هذه المسيرة، والذي سماها البعض بمسيرة البحث عن الخبز والكرامة، نتيجة تجاهل المسؤولين لمطالبهم العادلة والمتمثلة في تسوية أوضاعهم إسوة بالعمال الذين شملهم بروتوكول الاتفاقية المبرمة بين إدارة الشركة والنقابات.
كما نظم المواطنون وفعاليات المجتمع المدني المدني بأوزيوة (إقليم تارودانت) بجنوب المغرب "مسيرة حمراء" يوم 7 ماي من أجل المطالبة بالحق في الأرض والماء الصالح للري والشرب والكهرباء واستغلال الثروات الغابوية والبنيات التحتية وكذا احتجاجا على عدم تقديم السلطات المحلية للإغاثة الضرورية والمساعدات اللازمة نتيجة الفياضانات التي ضربت المنطقة والتي خلفت خسائر مادية كبيرة شملت البنايات والمحاصيل الزراعية والأغراس والمواشي.
كما انتفض المواطنون بالجماعة القروية لتانشرفي ـ عمالة تاوريرت ـ المغرب الشرقي حيث تجمعت قبائل " بني يعلى ـ تاغيلاست ـ الشرفا الدراوش ـ تينزارت "، ليبدؤوا مسيرتهم مع إشراقة شمس الخميـــس الماضي 11 ماي 2006، مطالبين بإصلاح وتعبيد المسلك الرابط بين دواويرهم والطريق المعبد ـ العيون اجرادة ـ مسافته 14 كلم . هذا المسلك الذي ما فتؤوا يطالبون بإصلاحه منذ أزيد من أربعين سنة لكن دون جدوى. وقد عقد المواطنون بالمنطقة سلسلة من الاجتماعات المرطونية مع كل المسئولين المحليين والإقليميين حول إصلاح المسلك، لكن قوبلت جميعها بالتماطل والتجاهل والوعود الكاذبة لتبقى الأوضاع الكارثية وأشكال التهميش على حالها، ناهيك على الغياب التام للمشاريع الاجتماعية والاقتصادية التنموية بالمنطقة.
إن تزايد الاحتقان الاجتماعي لم يكن ليحصل ويتنامى وهذه الحركات الاحتجاجية لم تكن لتزداد وتنتشر وتعم مختلف أنحاء البلاد وهذه الإضرابات والوقفات والاعتصامات لم تكن لتنفجر لولا سوء تدبير للملفات الاجتماعية الكبرى وعدم إيلائها الاهتمام الذي تستحق في قوانين الميزانيات ولولا تجاهل الحكومة تلبية مطالب العديد من القطاعات ومقابلتها غالبا بعقد اجتماعات تفاوضية مارطونية صورية دون أن تفضي لأية نتائج ملموسة. لقد أفرزت هذه الأوضاع حالة من السخط والغضب والتذمر والتشاؤم عكسها بشكل منطقي وحتمي تنامي الحركات الاجتماعية وركوب قوارب الموت. ويتم غالبا تسجيل التعامل القمعي والتدخل العنيف وغير المبرر للأجهزة الأمنية الذي تواجه به هذه الاحتجاجات ذات الطابع السلمي، إذ بدل أن ينكب المسؤولون الحكوميون، كل من موقعه، على التعاطي الإيجابي واقتراح حلول جدية وناجعة للمشاكل الآنية والرئيسية لمختلف شرائح المجتمع أو حتى محاولتهم التقليص والحد نسبيا من مظاهر التهميش والإقصاء والتفقير والبطالة، يختارون الهروب إلى الأمام والمماطلة والتسويف والقمع وتغليب الهاجس الأمني ومواصلة ما يسمى بـ "الحوار الاجتماعي من أجل فرض "سلم اجتماعي" بهدف امتصاص غضب الجماهير المتضررة ولجم الحركات النضالية الشعبية.
فمن المتوقع أن يستمر هذا الاحتقان الاجتماعي الذي قد يأخذ منعطفا خطيرا وانعكاسات سلبية لا تحمد عقباها، ومن المنتظرأن تزداد وثيرة الحركات الاحتجاجية ما دامت دواعي ومسببات الأزمة قائمة خصوصا وأن هذه الاحتجاجات الشعبية والجماهيرية أصبحت تأخذ أشكالا أخرى جد متطورة وتستقطب أعدادا أكبر وتستغل الفضاء العمومي للتظاهر وتعرف ردود فعل جد إيجابية لدى عموم المواطنين، ما دامت تلامس بشكل مباشر وأكثر واقعية القضايا الأساسية للمعيش اليومي للفرد المغربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصوات من غزة| في يومهم العالمي.. العمال يعانون البطالة وقسوة


.. لمن ستذهب أصوات العمال الأميركيين في الانتخابات المقبلة؟




.. كل يوم -د. أحمد غنيم لـ خالد أبو بكر: قانون التأمين الصحي ال


.. الشرطة في جورجيا تفرق محتجين حاولوا اقتحام البرلمان احتجاجا




.. العالم الليلة | عنف الجامعات يثير انقساماً في أميركا.. وجورج