الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الجالية الفلسطينية بامريكا اللاتينية مغيبة؟

جادالله صفا

2019 / 9 / 1
القضية الفلسطينية


اُفتتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في شهر أيلول عام 1979 في البرازيل، ويعتبر أول تمثيل رسمي للمنظمة بالقارة اللاتينية الجنوبية، مما شكّل مرحلة جديدة في تاريخ الجالية الفلسطينية ليس على مستوى البرازيل وإنما على مستوى القارة اللاتينية، وبادر الدكتور فريد صوان ممثل المنظمة بزيارة التجمعات الفلسطينية بدول القارة كفنزويلا، كولومبيا وتشيلي وغيرها، مطالباً التجمعات بضرورة بناء مؤسسات خاصة بها، وتمكنت الجالية الفلسطينية بالبرازيل من بناء أكثر من عشرين جمعية خلال عامين، ومن عقد مؤتمرها الأول عام 1981 والذي انبثق عنه الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية، وعام 1984 عُقد مؤتمر الكونفدرالية الفلسطينية بأمريكا اللاتينية والكاريبي – كوبلاك – بساوبولو، بمشاركة وفود من التجمعات الفلسطينية من كافة دول القارة، وأشرفت منظمة التحرير الفلسطينية التي أرسلت وفداً بإسمها كمراقبين على هذا المؤتمر، حيث تم تثبيت هذه المؤسسات بصفتها ممثلة للجالية الفلسطينية وتم تسجيلها بالسجل المدني.
لقد جاء تشكيل هذه المؤسسات بالقارة بقرار سياسي ولأهداف وطنية أهمها إبراز الشخصية الفلسطينية المستقلة وتنظيمها وربطها بالقضية الفلسطينية التي لا تختلف أهدافها عن أهداف منظمة التحرير الفلسطينية، وشكّلت هذه المؤسسات بدول القارة حالة نهضوية وتعبوية، ولكنها شهدت هذه المؤسسات صراعاً بين التيارات الفلسطينية المتواجدة بين أوساط الجالية، ومن إيجابياتها أنها عبّرت عن حق الجميع بطرح موقفه والدعوة إلى تطوير المؤسسة والحق بالمشاركة رغم سياسة الإقصاء والهيمنة والتفرد بها، وهي سياسة ممارسة بكافة مؤسسات المنظمة من القمة حتى القاعدة.
لم تخلو مؤسسة فلسطينية واحدة بدول القارة من الخلافات السياسية والصراعات والتنافس الداخلي من أجل الهيمنة والسيطرة وحرية التعبير والرأي والترشيح والانتخاب، والنضال من أجل تثبيت التمثيل النسبي، والخلافات على اختيار أعضاء المجلس الوطني والموقف من السياسة المتبعة من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وما يحصل بهذه المؤسسات هو نفسه الذي يحصل بالاتحادات الفلسطينية الأخرى العمالية والطلابية والمرأة التي تًعتبر جزءاً أساسياً من مكونات منظمة التحرير الفلسطينية، وعُرف الكوبلاك بالاتحاد الذي يمثل الجالية الفلسطينية بأمريكا اللاتينية والكاريبي ومن خلاله يتم رفع أسماء 16 عضواً للمجلس الوطني يمثلون الجالية الفلسطينية بدولهم.
وقد أخذت البرازيل الصدارة بالعمل السياسي الفلسطيني في القارة للأسباب التالية:
1 افتتاح أول تمثيل فلسطيني رسمي بالقارة فيها.
2 الجالية الفلسطينية في البرازيل أكثر تنظيماً من أي جالية فلسطينية أخرى، وأكثر التزاماً بمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.
3 حجم ومكانة البرازيل كدولة وقراراتها الخاصة بالقضية لها انعكاساتها على باقي الدول اللاتينية.
قد يسأل سائل: هل الجاليات الأخرى بدول أمريكا اللاتينية لديها حالة تنظيمية كما هو الحال في البرازيل؟ ونشير هنا إلى أن الفيدرالية الفلسطينية بتشيلي لا تضم أي مؤسسات وإنما أفراد وتأسست عام 1990، ومشاركة الجالية الفلسطينية بمؤتمرات القارة كانت انتقائية من قبل السفارة الفلسطينية بالبرازيل، فمثلاً النادي الفلسطيني ومؤسسة بيت لحم 2000 والمؤسسات الاخرى لم يتم تأسيسها على هذه القاعدة والمبادئ التي حصلت بالبرازيل، وليسوا جزءاً من الفيدرالية هناك، وهذا الحالة تنسحب أيضاً على الدول الأخرى، ولهذا اعتبرت البرازيل والجالية الفلسطينية فيها هي عصب القضية الفلسطينية بالقارة، وإن استمرار الحالة التنظيمية من خلال المؤسسات القائمة رغم كل الخلافات هو حماية للقضية الفلسطينية والحضور الفلسطيني بالقارة وتعتبر مؤسسات البرازيل صاحبة القرار.
ما يجري الآن بالقارة، ليس بعيداً عن الخلافات السياسية الماثلة بالساحة الفلسطينية، وأن الوجود الفصائلي والسلطة حاضر وبقوة، قبل أوسلو وبعدها، ومن يحاول إخفاء هذه الحقيقة كالذي يحاول تغطية الشمس بغربال، فالتنافس على كسب الجالية واستقطابها قائم، والانقسام بأمريكا اللاتينية قائم، وهو امتداد للانقسام السياسي الحاصل نتيجة استمرار سياسة الاقصاء والهيمنة التي تمارسها قيادة المنظمة والسلطة والتي تنخرط بها حركة فتح وبقوة، وتداول فكرة استبدال اسم الفيدرالية الفلسطينية بتشيلي الى اسم الجالية الفلسطينية تصب بهذا الاتجاه.

تفاعلت التيارات السياسية بالبرازيل منذ انتفاضة الأقصى، ورغم التفاوت بالمواقف داخل حركة فتح والسفارة والتيارات الأخرى، إلا أن المؤتمر الثامن لاتحاد المؤسسات انعقد عام 2004، والتاسع عام 2007 والعاشر عام 2019، وهذه المؤتمرات لم تكن خارج التأثير والتدخل السياسي سواء من طرف السلطة أو الفصائل المشاركة أو المعارضة، رغم المقاطعة بالمؤتمرين الآخرين.
وبالاتجاه الآخر بدأت تنشط حركة جاليوية بتشيلي دعت إلى عدة لقاءات، أقلقت أصحاب القرار بالبرازيل، ففي اللقاء الأول عام 2014 والذي باركته دائرة شؤون المغتربين، تم مقاطعته من قبل فيدرالية البرازيل، وقد علقت فيدرالية البرازيل وقتها بأنها "ترفض أن تكون طرفاً مدعواً وإنما مشاركاً باتخاذ القرار".
الأمور بدأت بالوضوح والأوراق تتكشف أكثر، باعتبار ما يحصل من حركة جماهيرية وتحرك لم يكن عفوياً، وإنما هناك أطراف أخرى، تقف وراء ما يجري بتشيلي، مما جعل السفارات والسلطة تعلن حالة الاستنفار، وهذا ما أخذ السلطة الفلسطينية وحركة فتح إلى حشد خيرة كوادرها إلى جانب السلطة من أجل احتواء ما يجري، ومنع الخصوم السياسيين والتيارات الأخرى من تحقيق أهدافهم، مما اضطرهم إلى اتخاذ قرارات متسارعة أدت إلى عقد مؤتمر الكوبلاك بنيكاراغوا عام 2017 تحت مبررات غير مقنعة ساهمت بإقصاء تيارات مهمة من المشاركة، مراهنة أن اتخاذ خطوة كهذه قد تساهم بقطع الطريق على الآخرين لإنقاذ الشرعية، ومؤتمر الفيدرالية بالبرازيل عام 2017 مؤكدين على تجاوز كل القوانين والمحركات، هذه الممارسات المتهورة وغير المسئولة سواء من قبل أطراف مسؤولة بالمنظمة/ السلطة/ السفارات أو الفصائل أو النشطاء بالقارة، أدت إلى تعميق الأزمة بالقارة بدلاً من العمل على تخفيف حدتها وفتح أبواب الحوار ومراجعة مسؤولة للمرحلة وإيجاد حلول تكون بمستوى المسؤولية الوطنية، إلى جانب تسرع الأخوة بحركة فتح لعقد مؤتمرات بلون واحد وبالتعاون مع السفراء، كان أداء دائرة شؤون المغتربين قبل استبدال رئيسها تيسير خالد أداءً غير موفقاً وغير مسؤولاً، باعتبار أن السفراء لم يتعاملوا مع الدائرة ومسؤولها، حيث كانت مرجعيتهم وزارة الخارجية بشؤون الجالية، والجانب الآخر عندما أعلنت الدائرة أنها تمكنت من تثبيت خمسة أعضاء مجلس وطني ممثلين للجالية الفلسطينية بقارة أمريكا اللاتينية بدورة المجلس الوطني الاخيرة، فلابد من التأكيد أن دائرة شؤون المغتربين ليس لديها الصلاحيات الإقدام على خطوة كهذه للأسباب التالية:
الأول: أن الدائرة هي جزءُ من دوائر المنظمة، وموضوع كهذا من المفترض أن يطرح ضمن اجتماع اللجنة التنفيذية وهذا لم يحصل.
الثاني: إن اختيار أعضاء المجلس الوطني يتم من قبل الجالية بالدولة من خلال انتخابات أو توافق، ثم يتم إقرار ذلك بمؤتمر الكوبلاك الذي يقوم برفع الأسماء إلى المجلس الوطني الذي لديهما الصلاحيات بذلك، وهذا لم يحصل.
ثالثاً: كل المؤشرات تقول أن هذه الأسماء تمت من خلال صفقة أثناء الحوارات التي جرت بين حركة فتح والجبهة الديمقراطية قبل انعقاد دورة المجلس الوطني 28/4 عندما أعلنت الديمقراطية أنها ستشارك بالدورة، حيث كانت حركة فتح تسعى جاهدة لمشاركة الديمقراطية وعلى استعداد لتقديم بعض التنازلات من أجل ضمان مشاركتها، وهذا يعتبر تجاوزاً للنظام الداخلي للمجلس الوطني بكيفية اختيار مندوبي الاتحادات.
رابعاً: الأفراد المثبتة لم تتوجه إلى الوطن للمشاركة بجلسات المجلس الوطني وإنما بقيت بدولها.
الكل يطالب بعدم التدخل بشؤون الجالية وقرارتها، والحقيقة تقول غير ذلك، فهي تعاني من الخلافات والانقسام الذي يدور بالقارة والتدخل بشؤونها، فهم لا يرفعوا راية الجالية التي تطالب بمعالجة الخلافات والتخلص من الانقسام والتأكيد على الوحدة والتمسك بالثوابت والحقوق، ورسم استراتيجية مواجهة لحماية القضية والدفاع عنها بدول القارة مقابل حملات التشويه الصهيونية، بالجماهير هي التي تحمي الثورة والحقوق والثوابت، والنصر لن يأتي إلا من خلال وحدة وطنية وبرنامج سياسي نضالي متفق عليه ويجمع الكل الفلسطيني.
هذه إطلالة سريعة، على أوضاع الجالية الفلسطينية بأمريكا اللاتينية منذ سنوات تشكّلها ونشاطها، وأبرز سلبيات العمل، وغيابها عن ساحة الفعل الوطني الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفلسطينين او مايطلق عليهم
عبد الحكيم عثمان ( 2019 / 9 / 1 - 13:37 )
اخي جاد الله صفا الفلسطينين في فلسطين ومايطلق عليهم بعرب اسرائيل رغن ان الكثير منهم في احزاب اسرائيلة لاتأثير لهم على القرار الاسرائيلي
وترد فلسطينية امريكيا اللاتنية لهم تأثير
اكيد ليس لهم تأثير
تحياتي

اخر الافلام

.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات


.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش




.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس


.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة




.. لجنة الانتخابات الإيرانية: 17 مرشحا تقدموا لخوض الانتخابات ا