الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ الإسلام بين الوعى الزائف والصهر القسرى

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2019 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



إن الإسلام هو حركة سياسية قومية عربية، توشحت بالدين تبعاً لثقافة العصور القديمة، كما إن تداعيات التاريخ الإسلامى، فى الشرق الأوسط، وعلى جوانبه، والتى هى سر شقائنا اليوم ، يمكن أن توضع بشكل محدد، فى إطار من الوعى الزائف والصهر القسرى ، فقد وضع الصراع السياسى على وراثة دولة محمد ، التى أسسها فى المدينة، بذور ذلك الوعى الزائف ، حيث إنقسمت الأحزاب المتصارعة على ميراثه إلى ثلاثة أحزاب رئيسية، هى السنة والشيعة والخوارج، والتى آمنت بأن السلطة هى تفويض إلهى، وليست عقد إجتماعى، ثم حملت موجة الغزوات العربية، والتى يسميها المؤرخون المسلمون بالفتوحات، وبالجهاد ،ويسميها علماء التاريخ، بآخر موجات الهجرة السامية من الجزيرة العربية، هذا الوعى الزائف إلى كل مكان حلت به بعد ذلك ، حتى أواسط آسيا شرقاً ، وأسبانيا غرباً ، وجنوباً إلى إفريقيا ، حاملة معها المشكلة الأخرى، وهى مشكلة الصهر القسرى للقوميات والأعراق التى تعرضت لذلك الغزو البربرى المقدس، والتى حملت الأجيال الجديدة من المولدين المسلمين راياته،الفرس والترك والبربر الأمازيج تحديداً.
ففى الشرق، حيث إنساحت القبائل العربية بالقوة وإستقرت بكثافة ، حاملة معها أحزابها السياسية الثلاثة، وصراعاتها الوحشية ، وفى عهد الدولة الأموية تحديداً، والعباسية على يد المولدين الفرس والأتراك بعد ذلك، سوف نجد أن الظاهرتين قد عملتا بقوة جنب إلى جنب، االوعى الزائف والصهر القسرى ، مخلفة ورائها ميراث هائل من الصراع والمفاهيم الزائفة، يتبدى اليوم بوضوح فى العداء القومى الفارسى التركى الشديد للأب العربى الغازى، رغم قيادتهما لميراثه، وفى دويلات الخوارج، طالبان والقاعدة وداعش،والفرقة الفاطمية، أحفاد القرامطة والحشاشين الفيداوية، وفى نزاعات مناطق التماس الحضارى، حيث وصلت غزوات والفرس والأتراك ، فى شيشان الروس ، وإيغور الصين ، وكشمير الهند وباكستان ، وكذلك فى البوسنة والهرسك وكوسوفو والجبل الأسود والبلقان ، حيث وصلت غزوات الأتراك العثمانيين ، وفى الغرب حيث إنساحت القبائل العربية، والأمازيجية بعد ذلك، وإستقرت بنفس العنف والكثافة، حاملة معها نفس أحزابها السياسية الثلاثة، مخضعة بالقوة ، مصر وشمال إفريقيا وأسبانيا، الإستثناء الوحيد الناجى من تداعيات التاريخ الإسلامى، بسبب متانة جذوره الأوربية ، نجد إنبعاث الروح القومية الغاضب للمصريين، الأقباط ، والنخب المسلمة على السواء، وللأمازيج البربر، ضد الأب العربى الغازى، رغم مساهمتهم فى ميراثه ، يواكبها حروب أبناء هلال وسليم، ودويلات الخوارج ، الهاربة من مركز الخلافة ، داعش والقاعدة والإخوان والسلفية، فى سيناء والمغرب الكبير، التى تحاول تثبيت تداعيات ذلك التاريخ ، الوعى الزائف والصهر القسرى، ولايختلف الأمر كثيراً جنوباً ، بإتجاه الإسلام الإفريقى، الذى أسسته الهجرات العربية القديمة، والإسلامية فى العصر العباسى ، على ساحل شرق إفريقيا وفى القرن الإفريقى تحديداً، وغزوات المرابطين لغرب إفريقيا، بإتجاه غانا ومالى والسنغال ونيجيريا، فى القرن االخامس الهجرى بعد ذلك، مفجرة الصراعات القومية والعرقية التى نراها اليوم، بين شعوب القارة الأصلية ، وبين تلك الممتزجة بدماء الغازى العربى الإسلامى، يقودها ذلك الوحش الإفريقى، بوكو حرام الإسلامى، رسول الوعى الزائف والصهر القسرى.
خريطة شديدة التعقيد من الأزمة والصراع، صنعها التاريخ الإسلامى على مساحة واسعة من الزمان والمكان، أصبحت تعرف اليوم بحزام الإسلام ، أسس فيها لثقافة فريدة للطغيان، والوعى الجمعى الزائف، لايبدو لها حل فى القريب العاجل ، فمن المستحيل العودة إلى الماضى، والى دولة محمد فى المدينة ، لمنع تداعيات ذلك التاريخ القاتل ، فقد إختلطت دماء الشعوب بشكل لايمكن تمييزه ، كما تعمقت تلك الأفكار الزائفة وأصبحت عقيدة ، لذا فمرة أخرى، وليست أخيرة ، فإن الحل يكمن فى أن نقفز جميعاً بلا إستثناء، عرب وفرس وأتراك وكرد ومصريين وأمازيج، نحو المستقبل، بدلاً من محاولة العودة العبثية إلى الماضى القبلى والقومى، الذى تجاوزه التاريخ هو الآخر، نحو الديموقراطية ودولة القانون والعقد الإجتماعى ، دولة العصور الحديثة ، فكما يجلب الطغيان معه ثقافته الزائفة ، فإن الديموقراطية تجلب معها أيضاً ثقافتها الحقيقية، والعدل ، والمساواة ، والحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كاتب محايد
Muwaffak Haddadin ( 2019 / 9 / 1 - 05:52 )
تحية للأستاذ عبد الجواد السيد على هذا المقال الرصين الذي رسم الصورة بأسلوب علمي محايد
وللأسف آن تحقيق ما يصبو اليه الكاتب بعيد المنال ولن مسافة ألألف ميل تبدأ بخطوة ولنبدأ هذه الخطوة في مناهج المدارس الابتدائية لنزرع في عقول النشئ الجديد الديموقراطية وقبول الرأي الآخر
موفق حدادين
عمان/الاردن
1 Sept 2019


2 - دين ودولة
طاهر المصرى ( 2019 / 9 / 1 - 18:06 )
الأستاذ/ عبدالجواد السيد
تحية طيبة,
المقال يسرد الواقع والماضى الإسلامى الذى يقوم على أن الإسلام هو دين ودولة، وهذه العبارة ليست جديدة بل فى كل خطب أئمة المساجد يؤكدون على أهمية رسالة الإسلام فى نشر الإسلام كدين وخلافة الأنظمة الكافرة التى يجب على المسلمين غزوها ليسيطر الإسلام على العالم كله، كما يقول القرآن: - وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله-، وهذا هو أشتياق الإخوان المسلمين وبقية الجماعات الإسلامية لنشر الخلافة الإسلامية فى كل دول العالم.
لكن دعوتك أستاذ/ عبد الجواد بأن يفكر الجميع والأنطلاق نحو المستقبل، فأعتقد أن المسلمين لن يتنازلوا عن الهوية الإسلامية للدولة والتى تغذيها الأنظمة السياسية ورجال الدين، وسيستمر الحال هكذا ما دامت المادة الثانية من الدستور المصرى قائمة ولم يتم شطبها أى الإسلام هو دين الدولة!!
وإلى أن ينزع الفكر العقلى الكراهية للآخر من عقول المسلمين وأن ينظروا للجميع بأنهم متساوون معهم أى المسلم مثل الكافر وليس لا توالون النصارى ، ، وأن يحبوا الجميع نستطيع ساعتها أن ننظر إلى المستقبل بعيونك المنطقية وفكرك الوطنى المحب للإنسانية.
شكراً لك.


3 - الرد على الأستاذ طاهر المصرى تعليق رقم 2
عبدالجواد سيد ( 2019 / 9 / 1 - 21:33 )
الأستاذ طاهر لقد إنقلب التاريخ الإسلامى على أصحابه وأصبحوا يقتلون أنفسهم وليس الآخر أعتقد أن هذا يكفى لمراجعة أنفسهم وتاريخهم الزائف المغلوط رغم أى مادة فى الدستور وشكراً على مرورك الكريم


4 - الرد على الأستاذ موفق حدادين تعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2019 / 9 / 2 - 19:38 )
الأستاذ موفق بالتأكيد الحل يبدأ بالتعليم وليس بمجرد التثقيف العام أو مانسميه بالتنوير فهذايستغرق زمناً طويلاً ولكن التعليم من خلال السلطة التنفيذية للدولة هو الذى يسرع بالخطى نحو التحديث ولذلك كما ترى نركز دائماً على البعد السياسى فى تطوير الشرق الأوسط ، وليس هناك شئ بعيد المنال هناك تغيير وتجاوب كبير من الأجيال الجديدة نحو مستقبل جديد ، دعنا نتمنى أن يكون هذا المستقبل قريباً وشكراً على مرورك الكريم

اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع