الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوق النخاسة

الشرقي لبريز
اعلامي وكاتب مغربي

(Lebriz Ech-cherki)

2019 / 9 / 4
الادب والفن


قرر اليوم ان يغير مكانه المعتاد، ليس مللا ولا سخطا، بل انتبه حب اكتشاف ما يقع في الحانات المصنفة، فتهندم ليبدو انيقا حتي يسمح له بولوج احدها، ترجل وسط المدينة التي اختفى جمالها الطبيعي وراء تلك المصابيح، ثم عرج على الشاطئ حيث توجد الحانات المصنفة لم يمش طويلا حتي وقع اختياره على احدها، جمع كل قواه واقتحمها، اتخذ طاولة في المؤخرة ليتمكن من مراقبة ما يقع داخل هذا العالم، الذي يختلف تماما عن عالم حانته البئيسة، تقدمت نحوه النادلة بحركات غنج وبعد ان حيته بلغة اجنبية سالته عما سيشرب، لم تنتظر كثيرا اذ طلب كأس ويسكي.
وهو يتجرع كأسه شد انتباهه دخول فتاة لم تتجاوز عقدها الثاني من العمر على أبعد تقدير ، في غاية الجمال والاناقة، اختارت الطاولة المجاورة لطاولته ،وما هي الا لحظات حتي التحق بها رجل يبدو انه تجاوز العقد الخامس من عمره، متكرشا جسمه مترهلا وهو يسير متمايلا يمنة ويسرة، يحمل في يديه ثلاثة هواتف من أخير الماركات العالمية، بعد ان قبلها جلس الى جانبها، من خلال لهجة كلامه فهم انه قادم من احدى دول الخليج.
انتبه الفضول ليعرف ما يقع بتلك الطاولة، فاطلق العنان لسمعه، حتي صار وكأنه يجالسهما، تتبع بلهفة شديدة حوارهما الذي تمحور حول الجسد والسعر الذي سيدفعه مقابل ذلك، أحس بانكسار اخر يضاف إلى انكساراته، بعد ان سمع طريقة إغراءها له مقابل الحصول على أوراق مزركشة.
فجأة تذكر مقولة صديق له يعتقد الجميع انه مجنون، "لكم عشقكم للحسناوات وكؤوس النبيذ المستورد، ولي عشقي لإنسانيتي" تسكنه، وظلام يهجم على المكان رغم الأضواء، بل صار يخيم على كل الدنيا، ظلمة تشعر الإنسان بهزيمة تنضاف الى الهزائم التي راكمها في حياته، صار المكان موحشا، حين أدرك أنهما ليس الا أشباه إنسان، بل ادميين....، نظر لهما فتراءى له انهما ضئيلين بحجم الاستياء الذي سكنه، وقال في نفسه " اه..... أي عالم نعيش فيه".
غادر المكان، الطريق طويل مظلم، انعطف يمينا فاشتد الظلام والصمت المنبئ بالموت الذي لم تكن تزيحه إلا منبهات أصوات سياراتهم بين الفينة والأخرى، حيث الشارع يعج بالزوار، لتواجد العديد من الفنادق والحانات والمراقص الليلية، فتيات في سن الزهور ينظرن في هواتفهن النقالة...، يتحدثن ويبتسمن ببلاهة مقصودة ويلتقطن السيلفيات وهن يتسكعن بالجوار أو يجلسن، أغلبهن جميلات، كأنهن نتاج قالب مصنع لإنتاج الدمى البشرية، فروق طفيفة في النحافة والبدانة والطول والقصر...، لا يكترثن لجو المدينة إذ يبالغن في تعرية أطراف الجسد الأكثر فتنة مثل شعر الرأس و الذراعين والكشف عن حمالة النهدين والصرة وارتداء شورتات قصيرة ترتفع إلى أعلى الفخذين، وهو يجوب الشارع خيل له انه في سوق نخاسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقطات من عرض أزياء ديور الرجالي.. ولقاء خاص مع جميلة جميلات


.. أقوى المراجعات النهائية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية




.. أخبار الصباح | بالموسيقى.. المطرب والملحن أحمد أبو عمشة يحاو


.. في اليوم الأولمبي بباريس.. تمثال جديد صنعته فنانة أميركية




.. زوجة إمام عاشور للنيابة: تعرضت لمعاكسة داخل السينما وأمن الم