الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراكم عجز الموازنات المالية يهدد استدامة تنمية الاقتصاد العراقي

محمد رياض حمزة

2019 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


اوردت جريدة " المدى" في عددها الصادر يوم الثلاثاء 27 آب 2019 على صدر صفحتها الأولي تقريرا اخباريا بعنوان "عجز مرعب في موازنة 2020 يربك اللجنة المشرفة على إعدادها"... جاء فيه"شرعت وزارة المالية بكتابة المسودة النهائية لمشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 التي ُقدرت إيراداتها بـ139 تريليون ديناربعد احتساب سعر بيع برميل النفط الخام بـ53 دولارا أميركيا. كما يتضمن القانون فقرات لتسديد ديون خارجية تقدر بـ(20) مليار دولار."
وقالت " المدى" "على مدار الأسبوعين الماضيين كثفت وزارة المالية اجتماعاتها مع كوادرها المتقدمة لمعالجة أزمة تفاقم عجز الموازنة بعدما تجاوز حاجز الـ72 تريليون دينار، محاولة إرسال القانون إلى مجلس الوزراء في شهر أيلول المقبل.بالمقابل تستبعد اللجنة المالية في مجلس النواب وصول المسودة النهائية لقانون الموازنة الاتحادية للعام المقبل ضمن السقوف القانونية المحددة في بداية شهر تشرين الأول المقبل، مؤكدة أن هناك الكثير من الملفات والأبواب لم تحسم بعد."
وقالت " المدى": "يقدر مختصون في الشأن الاقتصادي ديون العراق الخارجية بأنها تجاوزت حاجز الـ127 مليار دولار تحتاج إلى ثلاثين عاما لتسديدها من قبل الحكومة، وهو ما سيخضع مقدرات العراق النفطية لسنوات طويلة تحت رهن البنوك والدول الدائنة".( إنتهى تقرير جريدة المدى)*
علما ان اللجنة المالية النيابية كانت قد اكدت سعيها بالتنسيق مع وزارتي المالية والتخطيط الى إعداد موازنة 2020 بشكل مختلف عن الموازنات السابقة، بحيث تكون موازنة برامج وتخطيط بحسب أداء كل وزارة. وأن والوزارتين مشغولتان في وضع خطة الموازنة المقبلة 2020 وترتيبها، أي أن يكون أسلوبها مختلفا عن الموازنات السابقة التي كانت تعتمد على الارقام ولا يوجد لديها برامج لأي فقرة من فقراتها ولا يوجد برنامج حكومي لديها، أي أن الوزارات كانت بدون برامج ليتم تحديد المبالغ التي تحتاج اليها».وان عددا من النواب مع وزارة المالية يخططون للتوصل الى تحسين أداء الوزارات في الموازنة المقبلة. بمعنى أن تتحول الوزارة من مستهلكة الى وزارة لها مواردها ومشاريعها. وسيتم العمل بهذا النظام في موازنة العام المقبل إذا ما استطاعت الجهات المعنية إنهاءها في وقتها، رغم أن الخبراء لديهم آراء اخرى أن البلد بحاجة الى 6 سنوات حتى يتم الوصول الى موازنة أداء وبرامج وتحسين أداء الحكومة وتحقيق نتيجة في الواقع.(.جريدة الصباح 1 حزيران 2019)
تصور اللجنة المالية النيابية علمي ينم عن خبرة متخصصة ودراية في كيفية التحضير لاعداد الموازنات السنوية للبلد. ويسجل بالثناء على اللجنة المالية النيابية . إذ الموازنات لسنين سبقت كانت متضخمة. ولم تكن قد اعدت على الاسس المالية ــ المحاسبية السليمة . لذلك وبالرغم من ضخامة مخصصاتها المالية فلم تنجز الكثير . بل كان اساليب تنفيذها من قبل الوزارات والمحافظات والاقليم تنطوي على الفساد وهدر المال العام . كما أن الحكومات السابقة أقرت بفشل تنفيذ الكثير من المشاريع. والمضحك المبكي أن مسؤولين تذرعوا وقالوا ان عدم تنفيذ العديد من المشاريع التي وردت في الموازنات هو الفساد.وكأنّ الفساد قدر مقيم لا خلاص منه يجب ان تفرد له باب في الموازنات ليتذرع به المسؤولون ولا يحاسبوا عن هدر المال العام او سرقته.
في معظم دول العالم وفي بداية السنة المالية تعلن وزارة المالية تفاصيل موازنة تلك السنة بعد أن تكون قد أُقرت من قبل أعلى سلطة دستورية مخولة في البلد. ويتضمن الاعلان عن الموازنة الجديدة تقييميا لأداء موازنة السنة التي سبقت. مع رأي الحكومة في متغيرات الواقع الاقتصادي الذي صاحب تنفيذ الموازنة السابقة . وكذلك الاسس التي إعتمدت في تقدير الإيرادات المالية المتوقعة لموازنة السنة الجديدة. كما يجب أن يتضمن الإعلان عن الموازنة الجديدة تفاصيل لمبالغ التخصيصات المالية لكل وزارة وهيئة حكومية . بما في ذلك إنفاقها وإيراداتها.
أما إعداد الموازنة للسنة المالية الجديدة فإن وزارة المالية تشرع بالتحضير لإعدادها ومع بداية كل سنة مالية ، إذ تبدأ وزارة المالية بمخاطبة الوزارات كافة لتقديم خططها مبوبة حسب المصروفات المتوقعة ( الإنفاق) من تخصيصاتها المالية وكذلك ايراداتها المتوقعة.على أن يتم تحديد سقف زمني لتسيلم الوزارات لوزارة المالية خططها في الإنفاق ( المصروفات) الجارية والاستثمارية موضحة ببنود تفصيلية تتيح لخبراء وزارة المالية دراستها ومن ثم تحديد حجم التخصيصات المالية الواقعية المطلوبة لكل وزارة أو هيئة .
يتطلب التحضيرلإعداد الموازنات المالية السنوية من الوزارات ووزارة المالية الخبرة والرؤية العلمية الواقعية وصولا إلى تقديرات قريبة من الواقع سواء لحجم الانفاق المتوقع أو للايرادات المتوقعة . ونظراً للتوسع الكبير الذي يشهده الإنفاق العام من سنة لأخرى وسعيا لتحقيق الانضباط المالي وتصحيح مسار الإنفاق واحتوائه عند معدلات تكون قابلة للاستدامة،فلابد من إعداد دراسات تنبؤية وإعداد بدائل مفصلة لكل من الإنفاق والموارد وتحديد الفجوة بينهما والوسائل والخيارات المناسبة لسد الفجوة بين الانفاق وبين الايرادات وذلك للحد من العجز أو لتقليصه إن وجد.
معروف إن مبادئ التخطيط الاقتصادي ــ المالي الآني والمتوسط المدى وحتى الستراتيجي ، في إعداد الخطط التنموية أو الموازنات المالية ، يتم وضعها و بدائلها كي لا تتفاجأ الجهات المنفذة وتكون لها القدرة على التعامل مع الحالة التي قد تواجه ظروفا طارئة تتسبب بالانحراف عن محددات الخطة أو الموازنة.ولاهمية أن يتم تصوّر قريب لتطور المتغيرات الاقتصادية محليا ودوليا عند وضع الخطط التنموية أو المواونات فإن إستخدام احد أساليب التنبؤ المؤسس على بيانات كمية للواقع الاقتصادي الآني للبلد ولما سبق بالاعتماد على استخدام برنامج Minitab ) ) وهو برنامج التحليل الإحصائي والتنبؤات. وتعتبر نتائج تطبيقات هذا البرنامج نتائج دقيقة وموثوقة وسريعة . كذلك هناك أساليب أخرى في تقدير التنبؤات الاقتصادية والمالية . باستخدام الاقتصاد القياسي.أو باستخدام أسلوب الاتجاه العام والمؤشرات الموسمية. أو بنماذج السلاسل الزمنية وخصائصها. ولكل اسلوب في إعداد خطة الموازنة وبدائلها. وكل هذه الأساليب متوفرة في برامجيات أجهزة الكومبيوتر. ويجب أن يصاحب تنفيذ الموازنة هيئة رقابية .
تقول الاكاديمية البريطانية للتعليم العالي إن المراقبة على تنفيذ الموازنة العامة هي الوسيلة الفعالة لتتبع الأموال العامة إنفاقاً وتحصيلاً، والتأكد أنها تتم بالصورة المطلوبة، وفي الحدود المقررة. فالنفقات العامة يجب يكون هدفها هو التأكد من أن الإنفاق يتم بالشكل الذي ارتضته السلطة التشريعية الممثلة للشعب باعتباره الممول الأصلي للموازنة والدولة، وبأما للإيرادات العامة فهدفها التأكد من تحصيل مختلف أنواع الإيرادات كما جاءت في الموازنة العامة، وإزالة العقبات التي تعترض عمليات التحصيل.ويمكن التمييز بين ثلاثة أنواع للرقابة وفقاً للجهة التي يقوم بذلك، وهي على النحو التالي:
رقابة السلطتين التنفيذية والتشريعية :والتي تتم للتأكد من سلامة تنفيذ الإجراءات المالية، والتي تقوم بها الأجهزة الحكومية، وتسمى المراقبة أو الرقابة السابقة على الصرف، ويقوم بها وزارة المالية بواسطة المراقبين الماليين، بهدف تقليل فرص ارتكاب الأخطاء المالية أو التزوير، ومن المحافظة على الأموال العامة والدقة في تطبيق القوانين واللوائح والتعليمات المالية.
أما رقابة السلطة التشريعية فتتم عن طريق البرلمان الذي يشكل لجنة رقابة خاصة لهذا الغرض، وعلى هذه اللجنة أن تعمل على تقديم تقييمها لحسابات الموازنة وتنفيذها في تقرير أما جلسة خاصة للبرمان .وتؤدي رقابة السلطة التشريعية، إلى مراعاة الدقة في تنفيذ الموازنة العامة والسيولة دون إهدار المال العام. وهناك أيضا الرقابة التي تمارسها المنظمات السياسية والنقابية من خلال ثقلها النيابي أو مؤسسات المجتمع المدني .
من متابعة تنفيذ الموازنات السابقة انها كانت محكومة بواقع يستنفذ معظم الانفاق الجاري بسبب الجهد العسكري في الحرب على الارهاب الذي أوجب انفاقا كبيرا على التسليح من جهة وعلى رواتب القوات المسلحة بصنوفها كافة منجهة اخرى . وكذلك رواتب القطاع المدني المتضخم ببطالة مقنعة . لذلك كان الانفاق الاستثماري محدودا كما أخذ عليه الهدر والفساد كما اقر بذلك رؤساء الحكومات ، الأني السابقون.
موازنة 2019
بعد إقرار الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2019 بقيمة ( 105 تريليون ) و (596 مليار) و (968 مليون) و ( 870 الف ) دينار . وذكرت اللجنة الإعلامية بمجلس النواب أن إيرادات الموازنة العامة تبلغ 106 تريليونات دينار تقريبا في حين قدرت النفقات ب 133 تريليون دينار .وبذلك سيبلغ إجمالي عجز الموازنة نحو 23 مليار دولار تقريبا . وقدرت الموازنة حساب الإيرادات على أساس 56 دولارا لسعر برميل النفط، بمعدل تصدير 3.9ملايين برميل يوميا. وكانت موازنة 2018 بقيمة إجمالية 77.5 مليار دولار، وبلغ عجزها 11 مليار دولار. وبما أن إعتماد الايرادات العامة على صادرات العراق من النفط الخام الذي تذبذب سعر البرميل خلال عام 2019 ، رغم تحسنه، فالمتوقع أن يتجاوز العجز المبلغ المقدر.
وجاء في تقرير لفضائية الحرة أن الحكومة العراقية ستعتمد على 27 قرضا داخليا وخارجيا في 2019 لتغطية عجز الموازنة الذي يناهز الـ 23.3 مليار دولار. أبرزها قروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، والوكالة الفرنسية للتنمية، والصندوق الكويتي للتنمية.
وعليه فإن بقي العراق يعتد في تمويل الانفاق العام ، الجاري والاستثماري ، على العوائد المالية ( الدولار) من صادراته من النفط الخام غير المستقر سعرا فإن الجهدا الحكومي المجرب غير قادر على ادارة إدارة الدين العام . وأن عجز الموازنات سيتراكم ويتبعه تراكم المديونية وفوائدها المرهقة التي يمكن ات تنال من استدامة تنمية الاقتصاد الوطني.
*دأبت جريدة المدى على تقديم موادها الاخبارية والتقريرية على انها جريدة معارضة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م