الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكورد والعرب إشكالية الانتماء

احسان طالب

2006 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تتدخل الأحداث التاريخية العاصفة في بناء المكون الفكري للمجتمعات وتركب الوعي الذاتي للأفراد وغالبا ما تكون انتصارات الأفكار على الأرض سببا في انجراف المجموعات و الشعوب نحو تبني تلك الأفكار وتأييدها. فانتصار الثورة الفرنسية ساهم في تبني القارة العجوز لمبادىء الحرية والعدل والمساواة وتسبب انهيار النظام السياسي لمنظومة حلف وارسو في تخلي شعوب أوربا الشرقية عن الأيديولوجية الشمولية التي سيطرة لعقود خلت على السياسة والفكر والاقتصاد.
وفي منطقة الشرق الأوسط ساهم وجود اسرائل واستمرارها في تصلب مذاهب القومية العربية وإلتفات شعوب المنطقة إلى الجذر الديني للحروب و الصدام وتركب بنية العقل العربي من مكون قبائلي عشائري ديني متأخر في وعيه وفكره عن مفاهيم الانتماء الوطني القائم على المواطنة والعقد الاجتماعي بين الفرد والدولة مما سهل مهمة الأنظمة الشمولية في استغلال إشكالية الانتماء الوطني وحصرها في الولاء للسلطة وما ترفعه من شعارات و ما تطرحه من سياسات ترمي إلى تذويب الوطن الصغير في وعاء الوطن القومي المترامي الأطراف والمثالي الوجود والحقيقة .
وأمام واقع كانت تشهده البلاد العربية تسيطر عليها فيه قيم قومية ذات رؤية الأحادية وضعت الأقليات العرقية والقومية إمام امتحان صعب وخيارين لا ثالث لهما إما الذوبان وضياع الهوية التاريخية والثقافية بانضمامها وإلحاقها بالعروبة شكلا ومضمونا و إما تنحيتها خارج الوطن وسلبها هويتها الوطنية ، وهذا ما حدث بالفعل في إحصاء عام 1962 في سورية حيث جرد مئات الآلاف من الأكراد من جنسيتهم السورية . في ظل تلك الأجواء العدايئة السائدة كان من الطبيعي توجه العقل الكوردي نحو الانغلاق على ألذات القومية خاصة تجاه حرب الإبادة التي مارسها نظام صدام في صراعه مع الكورد و القمع الهمجي التركي لهم وتحالف النظام الإيراني إقليميا ضدهم .
وفي ظل نظام عالمي جديد ورغبة أممية في الحفاظ على الأقليات العرقية و القومية و الدينية ، وإشاعة مناخات دولية ديمقراطية ، كان لابد من حدوث تغيرات في طرائق التفكير و مناهج الفكر ، فبدأت الأفكار القومية المغلقة عربية كانت أم كردية تخضع للنقد و البحث و المراجعة على أسس إنسانية وديمقراطية تقوم على المشاركة في الوطن وقبول الآخر والمختلف . وجاء سقوط نظام الطغيان في بغداد ليتأكد هذا التوجه وتدعم مسيرته .
الحالة السورية :
تفتقد مكونات النسيج السوري المتنوعة إلى التجانس و التآلف الحقيقي بعيدا عن الشعارات والأوهام ، حيث تتوفر المجتمعات السورية كغيرها من دول العالم على قوميات وأعراق وديانات وطوائف و مذاهب متباينة ومختلفة ساهم الاستبداد في تعميق اختلافاتها وطمس خصائصها الحضارية والثقافية وحاول إخفاء تناقضاها بتغير ملامح المفاهيم والانتماءات الوطنية ، مفرزا نوعا جديدا من الوطنية يقوم على الولاء المطلق والوفاء الخالص لرأس السلطة و الحزب القائد من تحته (لا يوجد في المجتمع السوري ما يسمى بالمعارضة. فالمجتمع السوري متصالح مع نفسه. ولا يحتاج لمن يجري هذه المصالحة كما يقولون. والمجتمع السوري ملتف تماما حول قيادته وحول الحزب وحول الجبهة الوطنية التقدمية وحول الرئيس بشار الأسد" ) مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون د. فايز الصايغ
لقد دأب النظام السوري منذ عقود على تأكيد رزمة من الادعاءات ينفي من خلالها باقة من الاختلافات و الاثنيات المتأصلة و المجزرة في عمق مكونات الشعب السوري منذ غابر التاريخ .
إن عبارات مثل الوحدة و اللحمة و التوحد والانصهار و الشعب الواحد والأمة الواحدة و القومية الواحدة كانت وما زالت طاغية على الخطاب الرسمي وعادت لتحتل الأوليات و التركيز إمعانا في تزيف الوعي و إغواء العقول .و عندما تنادي المعارضة السورية الوطنية بالتغير الوطني السلمي الديمقراطي التدريجي فإنها تساهم في إزالة إشكالية الانتماء و الهوية الوطنية والقومية ، وعندما ترد السلطة بعدم وجود معارضة فإنها تؤكد عل ترسيخ منطق النظام الشمولي الذي لا يعترف بالاختلاف و التباين ويريد صهر الجميع في بوتقة بقاءه وديمومة خلود سلطته . بالاستناد إلى شعارات و مبادئ لم يتحقق منها شيء في الوقت الذي تحتاج فيه تلك الشعارات إلى مناقشات ومراجعات معمقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيون من غير العرب ينتقدون تعريب التعليم في البلاد


.. حذاء ملك الروك إلفيس بريسلي يباع في مزاد علني • فرانس 24




.. كلمة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد ساعات من مناظرة جمعته 


.. اتهامات وحوار أشبه بالشجار..بايدن وترامب يسدلان الستار على ا




.. إيران.. بدء عملية فرز الأصوات وتوقعات بجولة ثانية