الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة شعب سوسيولوجيا الدين والسياسة

عدنان يوسف

2019 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كتاب محنة شعب
لمؤلفه ، الباحث صادق الروازق .
الصادر عام ٢٠١٩ عن دار روافد اللبنانية ، يتصدره البيان التالي ؛
"اذا تخطى رجل الدين مهمته في الموعظة والارشاد والنصيحة للسياسيين ، فهو قد انزلق في عالمهم ، وحينها تنتهك حرمة الدين وتفسد السياسة"
يلخص هذا البيان بشكل دقيق وصحيح ازمة الحكم في العراق بعد اسقاط النظام الدكتاتوري السابق . الذي حدث ان الاحزاب الاسلامية (الشيعية والسنية) هي التي تولت الحكم بمساعدة بل بأمر سلطة الاحتلال الامريكي من خلال تشكيل مجلس حكم عراقي وزعت مقاعده بمحاصصة طائفية وقومية ، احدثت انقساما طائفيا "شعبيا" فيما بعد ، وهذا يمثل هدفا رئيسيا للولايات المتحدة الامريكية كخطوة اساسية لتقسيم العراق الى ثلاث دويلات متناحرة والهدف النهائي لذلك تفكيك القوة العراقية وانهائها.
يتضمن الكتاب استعراضا مسهبا لتاريخ الصراع الطائفي في العراق والذي اوجده وغذاه وعمل على استمراره ، كما يقول الكاتب ، دولتان قويتان (الفارسية والعثمانية) تناوبتا على احتلال العراق على مدى اربعة قرون ، كانت الفترة الاطول فيها للدولة العثمانية ، ويصف الصراع الصفوي العثماني بانه صراع طائفي .
والحقيقة لم يكن الصراع بين الدولتين طائفيا ، بل كان من اجل الاحتلال والسيطرة على العراق لاهداف استعمارية ، سياسية واقتصادية ، وان اظهار كلتا الدولتين دعم طائفة معينة لا يتعدى "الضحك على الذقون" كما يصف الكاتب الطائفية في مكان آخر من الكتاب ، فحين تجد الدولتان المعتديتان فرصة للتفاهم وتحقيق مصلحة مشتركة توقفان القتال بينهما كما حدث سنة ١٨٤٧ بعقد اتفاقية ارضروم الثانية بتنازل الدولة العثمانية عن المحمرة وضفة شط العرب اليسرى الى ايران مقابل تنازل ايران عن المطالبة بالسليمانية وما يجاورها . ان انحياز العراقيين البسطاء بتأثيرات طائفية ، الى الدولة العثمانية او الفارسية سببه الجهل اما انحياز المثقفين بمن فيهم علماء الدين فهو غباء او خيانة فكلتا الدولتين عدوة ، مستعمرة يجب مقاومتها لا تجييش الناس الى الاصطفاف معها كما حدث اثناء الحرب العالمية الاولى باصدار علماء الدين الشيعة فتاوى الجهاد مع الاتراك .

وقدم الكتاب عرضا آخر لفترة الاحتلال الانكليزي ويذكر الكاتب (كما قلنا) ان العراقيين قاتلوا الى جانب العثمانيين ضد البريطانيين استجابة لفتاوى الجهاد التي اطلقها علماؤهم . وبعد اضطرار لندن لانهاء الحكم المباشر للعراق اثر قيام ثورة العشرين بزعامة علماء الدين وشيوخ العشائر يذكر المؤلف ان الشيعة لعبوا دورا كبيرا في استقدام فيصل بن الحسين وتنصيبه ملكا على العراق .
ومما لا شك فيه فهذه خيانة اخرى للوطن ، كان الاجدر اقامة مجلس تأسيسي وطني ينتخب ملكا عراقيا مقيدا بدستور ومجلس تشريعي .

وفي تناوله لما آل اليه الوضع في العراق بعد الغزو الامريكي وظهور طائفية سنية شيعية ادت الى اقتتال وحرائق وتدمير يقدم المؤلف رؤيته لحل ازمة العراق لتجاوز المحنة ثم الالتفات الى بناء الدولة كما يلي ، يقول في ص ٢٦٨ : "ونرى من الافضل -اليوم- ان لا يكون للشيعة والسنة تنظيمات سياسية ، بل عليهم ان يكونوا فاعلين على الساحة السياسية بصورة مواطنين عراقيين في جميع فعاليات المجتمع المدني لتحقيق مصلحة العراق العليا
وهذا هو المحور الاهم في الدراسة التي وصفها الاستاذ الروازق بالتأصيلية لاحداث التلاقي والتقاطع ، ولا شك ان تشخيصه للمشكلة كان دقيقا وسليما الا ان حلوله لها لا تعدو كونها تمنيات او نصائح ولو اردنا الجمع بينها وبين محتويات الكتاب ستغدو مجرد عرض شكلي ، فالاحزاب الحاكمة وصلت الى السلطة بإسم الدين والطائفة ، وهم ضللوا بسطاء الناس ليحتفظوا بالسلطة ليس بدوافع سياسية انما لتحقيق مصالح حزبية ضيقة ثم فردية .

اخيرا سأدرج الخلاصة التي وضعها الاستاذ الروازق وهي خلاصة نظرية جيدة ، وأضع بعدها مباشرة الخلاصة التي رأيتها في قراءتي للبحث او الدراسة

خلاصة المؤلف
اتضح من خلال هذه الدراسة ان العراق يعيش ازمة حقيقية (ازمة وجود) امتدت من العهد الاموي الى عهد صدام حسين ، وكانت الطائفة الشيعية هي الاكثر اقصاء وتهميشا ، وبعد سقوط نظام صدام ودخول السياسيين الشيعة في العملية السياسية غلبت على الواقع السياسي صورة تنافس مخيف ادى الى شيوع الاقتتال الطائفي ، وقد تناسى السياسيون من كلا الطائفتين ان العراق لا يمكن ان تحكمه طائفة واحدة ، وحل المشكلة لا يكمن في المحاصصة الطائفية ، بل في مشروع بناء وطن معياره الوحيد الكفاءة والاخلاص

خلاصة القارئ

لم اجد في الكتاب ما يكفي من تسليط ضوء وتحليل لما اعلن عنه غلافه الاخير من انه يدعو الى عدم تدخل رجال الدين في السياسة وهي دعوة تتضمن معنى فصل الدين عن السياسة ، اي اقامة دولة مدنية بحكومة منتخبة بديموقراطية حقيقية .
ووجدت بدل ذلك ان الكتاب مكرس في كليته تقريبا لبيان وشرح ، بتفاصيل تاريخية نشوء التشيع وما تعرض له الشيعة من تمييز في التعامل وغمط حقوقهم في تولي الوظائف العامة .
ان اتجاه الكتاب لتقديم هذه الدراسة بشكلها المذكور اعلاه خدم ويخدم احزاب السلطة "الدينية" المتولية منذ سنة ٢٠٠٣ ، فهو يبتعد بالناس عن المهمة الاساسية التي يجب ان تتصدى لها وهي اصلاح جذري للسلطة الحالية ، بل اسقاطها لازالة الفساد بازالة المفسدين . ان طرح مسألة المذاهب في الكتاب بهذه السعة ينفع دعاة الحفاظ على المذهب ، المتنفذين الان بهذه الحجة ويسرهم ان تبقى هذه الطروحات في الإعلام وفي عقول الناس لكي تترك المواضيع الأهم مثل استقلال البلاد واعمارها وتنشيط الاقتصاد والإنتاج والزراعة وإصلاح القضاء والتعليم والصحة الخ .. فالذي يبحث بحاجات البلاد وشعبها سيكتشف الحجم الهائل للخراب الذي تنفذه احزاب السلطة الحالية باسم الدين . لكن الناس حامية لهم ومدافعة عنهم بسبب حجم التضليل الكبير في الادعاءات بالحرص على الدين والمذهب لكلا الفرقتين السنية والشيعية باحداث انقسام مجتمعي طائفي حاد انتج صراعا خدم الاحتلال الذي سعى منذ يومه الاول في العراق الى خلق هذا الانقسام وتغذيته ليسهل له تنفيذ مخططه الاهم في تقسيم العراق وهو خطوة اولى لتقسيم وتفكيك دول الشرق الاوسط للسيطرة على مواردها وثرواتها خاصة النفط والمعادن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -