الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كربلاء المقدسة .. الحضارة والضريح

رضي السماك

2019 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


مع كل موسم من عاشوراء ذكرى استشهاد الإمام الحُسين على أرض كربلاء التي لم تكن يومها بمثل هذا الإتساع من العمران والسكان حيث يناهز تعدادها المليون نسمة ، تتجدد الشكوى من قيام جمهرة من المعزين بجلد الذات من خلال التطبير وزناجيل السكاكين والمشي على الجمرات والتمرغ في الطين وغيرها من الممارسات الاخرى في هذا الموسم كما في ذكرى الأربعين ، وهي الممارسات التي أدانتها وحرمتها مرجعيات دينية كبرى في حين تستغلها مرجعيات منافسة محدودة التأثير والجماهيرية لتشجيعها وإباحتها نكاية بالاولى ، ناهيك عن استغلالها من قِبل عدد من أحزاب الإسلام السياسي لتوظيفها للتحشيد السياسي والطائفي وللنفاق وستر فسادها ، ويبدو واضحاً لا سلطة للمرجعيات العقلانية لا على جمهرة المعزين من الرعاع ولا على جمهرة واسعة من المعممين من معتلي المنبر الحُسيني فيما يروجون له لتأييد تلك الممارسات أوترويج الخرافات المتقادمة عن الواقعة ، وكل ذلك للأسف الشديد يُبث على عشرات القنوات الفضائية حتى باتت هذه المدينة المقدسة العريقة التي تُعتبر بحق إحدى الروافد المهمة في نهضة العراق الحديثة لا تُعرف عالمياً إلا بمثوى ترابها لضريح الإمام الشهيد الحُسين وبتلك الممارسات الشاذة ، وقلة فقط هم من يعرف وجهها الحضاري الثقافي الآخر ، وحتى كثرة من نجوم الممثلين في السينما المصرية والشعر والأدب الذين يحجون إلى المدينة لزيارة الضريح المقدس لا يعلموا في الغالب شيئاً عن وجهها الحضاري الآخر .
وقبل بضعة أسابيع وفي حفل رياضي شهد استاذ المدينة حفلاً موسيقياً بهيجاً قدمت فيه العازفة اللبنانية جويل سعادة وصلة عزف للنشيد الوطني ، وبدا أن من تعاقدوا معها من منظمي المهرجان بأن الأمر سيمر مرور الكرام ، سيما وأن الملعب مُغلق وبعيد عن الروضتين الحُسينية والعباسية ، وسيستمتع الجمهور الكربلائي بلحظات من السعادة كم هو بحاجة إليها ، وما أن انتهى حفل افتتاح بطولة غرب آسيا حتى هلت عاصفة مزمجرة ضد الضيفة العربية وضد من استقدمها ولم تعلم بها الضيفة المسكينة إلا بُعيد عودتها للفندق ، ثم ظهرت في فيديو للجمهور الكربلائي لتبدي أسفها الشديد بعدم علمها المسبق بخصوصية المدينة المحافظة ، وأنها لو كانت تعلم ذلك لما توانت عن لبس الحجاب وهذا ما فعلته عند مغادرتها المطار . هكذا إذن بدت سلطة المحتجين أقوى من محاربتهم لتلك الممارسات الشاذه ، سواء في الممارسات التي تسيء لذكرى الفاجعة في مواكب العزاء أم في خطب المنبر الحُسيني . لكن هل تساءل أحد من هؤلاء كم يستفيد اقتصاد المدينة وأهلها ، سواء من مثل هذه المناسبات أم من خلال غيرها من المناسبات الفنية والثقافية للترويج السياحي بجانبيه الديني والحضاري ؟ فكم من العرب والمسلمين الذين يعرفون الوجه الآخر الثقافي والفني والادبي والرياضي للمدينة ؟ أو ليست هذه المدينة نفسها قدمت للعراق قامات كبيرة في الشعر والرواية والمسرح الذي خدم فاجعة الإمام الحُسين في كربلاء علاوة على كوكبة عريضة من كبار الموسيقييين والفنانين كمدينة تنبض بصروح الثقافة الحضارية في مختلف الحقول شأنها في ذلك شأن المدن الكبرى ؟ وأنت لو تصفحت كتاباً للزميل الكربلائي خالد الشمري ، تحت عنوان " أروقة الثقافة الصادر خلال هذا العام 2019 ، وآخر للصديق سلام القريني الصادر عام 2015 تحت عنوان " نادي الكتاب في كتاب " لهالك ما تزخر به هذه المدينة الجميلة العريقة التي يناهز سكانها اليوم المليون نسمة من كفاءات متعددة في شتى ميادين المعرفة والأدب والفن والمسرح والتمثيل ، وما تضج به اُمسياتها من فعاليات ليلية وتستضيف من خلاله قمماً كربلائية وعراقية وعربية . لكن كم عربي ومسلم سيطلع على هذين الكتابين ؟ أو كم عربي ومسلم يعرف عن الوجه الآخر الحضاري الثقافي عن هذه المدينة سوى اشتهارها بسياحتها الدينية فقط ،وبل من و خلال تلك الممارسات المؤسفة التي تسيء للمدينة ولهذه الذكرى الأليمة المقدسة . فمتى يبادر المسؤلون عن المدينة إلى تنظيم مهرجانات سنوية تشمل عروضاً عن حضارة المدينة بشقيها السياحي الديني والحضاري والثقافي ومعارض للكتب إسوةً بمدن البصرة وبغداد وأربيل وغيرها من المدن الاخرى ؟ أليست هذه الاولوية تفوق أهمية من إثارة الزوابع حول قضايا هامشية أقل أهميةً مقارنة بمثل هذه المهام الملحة ، ومنها محاربة الممارسات الشاذة في عاشوراء وذكرى الأربعين و القضاء على آفة الفساد ؟ أليس القضاء على هذه الآفة المنهكة لإقتصاد المدينة أكثر إلحاحاً مما يزعم من فساد ظهور العازفة السفور في ملعب المدينة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ