الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هاجر و الخرطوم ؟

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2019 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


هاجر الريسوني في محنة .
لاحد ينكر ذلك و لا احد يمكن ان يشكك في ذلك ؟
كثافة النقاش والتضخم في اعلان المواقف المتضامنة و الانحياز الى محنة مراة يشكل التوجه الاكثر حضورا .
جون بول سارتر اعتبر ان الاحزان توحد الانسان و ان الازمة طريق للتعاطف و الاصطفاف الى جانب من يعيش ازمته وحيدا .
بالاحزان يستطيع الانسان ان يتجاوز جغرافية حزنه حين يحس ان كومة الحزن تتفتت و يتقاسمها مع المتعاطفين , لدرجة يلجا البعض الى اليات خطاب المظلومية من اجل كسب الاصوات و التاييد .
غير ان الانحياز العاطفي يكون غالبا رد فعل تلقائي وعفوي , مما جعل اغلب القراءات حول الواقعة يغلب عليها الحس العاطفي و الانساني هو مؤشر جيد لانه يكشف ان الضمير الانساني مازال يقظا .
لكن الحقيقة غالبا ما تسكن خارج العواطف او ان العواطف قد تكون حاجزا امام الحقيقة , هو ما اشار اليها المفكر اندريه جيد ان العواطف تنتج فكرا رديئا .
لذا من المهم النظر الى الموضوع من زوايا متعددة و لعل الزاوية العاطفة احداها لكنها ليست الزاوية الوحيدة للنظر .
ربما نحتاج الى طرح سؤال اكثر شمولية ما الذي جعل هاجر تسقط في الازمة ؟
الجواب الجاهز انها تصفية حسابات من مواقف سياسية لصحفية مشاكسة تحاول بناء مجد شخصي على حساب منطقة وجع الدولة .
صحفية مصرة على نبش فيما تعتبره الدولة مناطق توثر و قلق , انها تمارس الفعل الاعلامي كفعا ازعاج و شغب .
من يعتبرون هذا التصور و يدافعون عنه كما يدافعون على ان هاجر ليس ضحية فعل جنسي خارج الضوابط الاخلاقية و انما هي ضحية تصفية حسابات مع جريدة عاكست توجهات الدولة .
ربما هذا التصور تعامل مع الحدث بالكثير من البساطة و انطلق من فرضيات خاطئة حيت اعتبر ان الفضاء العام هو فضاء محايد و ان الدولة هي مجلارد فاعل كباقي الفاعلين الاخرين , هو امر غير دقيق لان الفضاء العام هو فضاء محروس و مسيج بقوانين الدولة و قيمها و ضوابطها التي لا تهادن من يحاول المساس بها او حتى التشكيك فيها .
غير ان السؤال الاساسي في الواقعة يتحدد في الاسباب الحقيقية للازمة , لان الدخول في مواجهة مع الدولة يستدعي حذرا و يقظة لا تنتهي , لان الدولة لا تهادن خصومها و لو بعد حين و هنا يكمن السبب الحقيقي في محنة هاجر ؟
ازمة هاجر ليس في قوانين الدولة , لان مهمتها ليس تقديم الشكولاطة للمعارضين او حتى الاحتفاء بهم مهمة الدولة هي حراسة سيادتها و نظنها و مصالحها و قيمها .
سبب ازمة هاجر ليس مع الدولة لكن مع جسدها .
هاجر في محنة لانها وجهت و تحكمت في قلمها لكن لم تستطيع التحكم في جسدها في ظل دولة تراقب كل شئ و شبكات تواصل تجسس اكثر مما تتيح امكانيات التواصل . .
يبدو ان جسد هاجر انتصر على قلمها و على فكرها و هنا يطمن جوهر النقاش , لان المعراك الكبرى تنطلق من الداخل اولا من خلال التحكم و الانتصار على الجسد , تاريخ الفكر الانساني يحتفظ بالكثير من الشواهد : سقراط , غاليلي , ابن رشد , سبينوزا غاندي , مانديلا و غيرهم .
الانتصار على العدو ينطلق من التحكم في الجسد , لذا فالمعاراك الكبرى تكون دائما معارك ذات اساس اخلاقي , ان يبنى الفعل النضالي على اساس اخلاقي يصعب هزمه لان الانتصار يبدا بالتحكم في الجسد و حسن قيادته , و هنا يمكن فهم فشل الدولة في تركيع مناضلين من طينة المهدي بن بركة و البصري و اليوسفي و غيرهم لانهن استطاعوا مواجهة الدولة بسبب اللتحكم في جسدهم .
ما يؤكد هذا الفرضية هو التسريبات التي كشفت بوجود فيلات مفخخة يتم اصطياد فيها الشخصيات و تصويرها و النتيجة صمت مقابل الفضيحة .
و فق ماسبق يمكن ان القول ان هاجر هزمت ليس بسبب قوانين الدولة و ظلم الاجهزة و عدم حيادية النيابة العامة , لكن بسبب حرية الجسد و عدم التحكم فيه . فالجسد يبقى دائما هو مصدر الشر و الغواية و بسببه فقد حزب العدالة و التنمية و حركة التوحيد و الاصلاح بريقه الاخلاقي .
يبدو ان هاجر لم ترتكب جريمة حين ارتبطت بشخص من الخرطوم ارض السودان , لكن السبب يكمن في الخرطوم ذاته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24