الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاسدين والحكومة في العراق

عبدالله عطية

2019 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


بداية من هرم السلطة حتى أبسط دائرة تتطلب إدارة في الحكومة العراقية تخضع إما لمحاصصة بكافة اشكالها او الفساد، وكل حكومة تأتي بعد أنتخابات رئيسها يواعد الشعب بمحاسبة الفاسدين وكشف ملفاتهم، وهذا يقع ضمن دائرة التخدير والضحك المستمر على الناس، بينما اذا عدنا للواقع منصب رئيس الحكومة ورئيس العراق وغيرها من المناصب ذات التأثير هي خاضعة لارادة الفاسدين أنفسهم لا انتخاب الشعب وإرادته، وهذا يعني ما أرُيد قوله أن الفساد هو ما يشكل الحكومة في العراق، ولابد من الاعتراف بذلك ومحاولة تغييره، لأنه لا مفر من معرفة فكرة أن هؤلاء الذين يتربعون في المناصب جاءوا حفاة، وباسم الدين والمذهب والقومية عاثوا في مقدرات الشعب فساداً ثم قاموا ببناء للثروات يمتلكونها وارصده بنكية، بعدها أصبحوا بقوة المال والعلاقات في هذه المناصب، لذا فأن عملية محاربة الفساد تتطلب محاربة الحكومة نفسها، تبديل الدستور، والغاء فقرات المحاصصة، ثم بعد ذلك السعي وراء الفاسدين وكشف ملفاتهم، والا في ظل هذا الوضع لا يمكن بل من المستحيل أستجواب أخدهم، وحتى أن تم الاستجواب والاقالة هذا لا يعني انها بارادة الشعب وإنما ارادة سياسية بحته من أجل الضغط على المنافسين لتحصيل مكاسب سياسية في الواقع.
لنتفق على نقطة أخرى خاطئة وأن كانت موجودة في الدستور الا انها تبقى ضمن الاخطاء المتعمدة من أجل تقاسم المناصب، الا وهي المحاصة، ماذا اقصد؟ أقصد ان المحاصصة هي نوع مو انواع الفساد السياسي لأنها تعطي المناصب على اساس انتماء الفرد الديني والقومي لا على اساس الكفاءة والنزاهة، هذا بحد ذاته فساد مبوب ومشرع في القانون وينبغي النظر اليه وتغيير إن كانت الحكومة تريد فعلاً محاربة الفساد والفاسدين، ثم علينا ان نتذكر المثل الشعبي الذي يقول ( السمچة خايسة من راسه) الذي يوصف الحكومة والعملية السياسية اليوم وسابقاتها بدقة، كيف ذلك؟ ببساطة انها المحاصصة التي جلبتهم وبمباركة الفاسدين، وهذا فساد في أعلى هرم السلطة، فأذا كان للفاسدين فرض ارادتهم في تسليم مناصب كبيرة لمن يشاءون هل لاحد يستطيع ان يرفض ارادتهم في تسليم مناصب اقل تأثيراً واكثر دراً للمرابح والفساد والاستغلال؟ بالتأكيد لا، فبيع المناصب امر بغاية المكاسب، بالاضافة الى أمكانية التأثير على اصحابها من اجل الحصول على العقود والاستثمارات واخيرا من اموال التعيينات، هذا الموضوع لا احد يتحدث عنه لان جميع من في السلطة يعمل بهذه الطريقة، فلكل حزب او كتلة سياسية سطوته على وزارة او او دائرة او هيئة ويمارس بها نشاطاته، وبالتالي لا ترى احد يتكلم عن ذلك في البرلمان او في القنوات وبرامجها التي تعمل كجزء من ادواتها للضغط او تحصيل المكاسب، لماذا لأن اذا وصلت الشرارة لهذا الفتيل لا يسلم منها لا صديق ولا عدو وحتى رئيس الوزراء وقتها لا يستطيع تقديم شيء سوى الوعود للمواطنين.
لذا وبعد كل ما تقدم اعلاه لابد ان نصل الى قناعة نحن العراقيين تقول ان الفساد هو الهيكل الذي أسست عليه الدولة العراقية بعد عام 2003، فعملية مكافحة الفساد وكشف ملفاته سوف تتطلب اسقاط الدولة، وإعادة كتابة الدستور، لان كل جزء في هذه العملية هو في الحكومة من جهة وجزء من الفساد من جهة اخرى، وان هذا الجسد الواهن الذي يتمثل بالحكومة يمكن اعتبار الفساد ورجاله اقوى منه، كونه يتحكم اصلاً في اللاعبين الاساسين في عملية الضغط على الحكومة، سواء كان ذلك من الجانب الاجتماعي واثره على الحكومة والمتمثل في المنابر ورجال الدين وسلطتهم، او الجانب الواقعي الموجود والمنتشر في المجتمع بقوة المال والسلاح، او الجانب الاكثر تأثيراً المتعلق بهيأت المحاسبة والرقابة، اي ان كل جوانب القوة مملوكه للفاسدين وان محاسبتهم تتطلب السيطرة على مصادر هذه القوة او الدعم، وهذا مستحيل طبعاً لان لاشيء للمواطن سوى الارادة الشعبية وحتى هذه الارادة هي مسلوبة، بسبب رؤس القوم والمتنفذين والمنتفعين من هذا الفساد، لذا عملية الاصلاح لا تتطلب منا الاساليب السلمية لاننا اليوم نسير على طريق معبد الى الهاوية، فأما ان يكون لدينا مطالب باعادة صياغة الدستور والقوانين النافذة، او العمل على تأسيس جهة شعبية توصل صوتنا للعالم من أجل التغيير بمساعدته، لان الموضوع اكبر من احتجاجات او تبنيه من زعيم الاصلاح الذي اخذ ما يريد واعلن البراءة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال


.. عبر الخريطة التفاعلية.. تحركات عسكرية لفصائل المقاومة في قطا




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس


.. قصف إسرائيلي على حي الصبرة جنوب مدنية غزة يخلف شهداء وجرحى




.. مظاهرة في العالصمة الأردنية عمان تنديدا باستمرار حرب إسرائيل