الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من السودان صوب الجزائر .. تقديرات مواقف

محمد أمين بشيبة

2019 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تصل الاحتجاجات والمظاهرات المطالبة برحيل جميع رموز النظام السابق في الجزائر جمعتها التاسعة والعشرين امام تعنت القيادة العسكرية تحت زعامة القايد صالح ودعوة هذا الأخير الى اجراء انتخابات رئاسية من اجل عودة الأمور الى مجراها ونصابها الطبيعي.
ويعتبر المحتجون ان هذه الشعارات مجرد التفاف حول مطالبهم المشروعة والواضحة وتكرارا لسيناريو حكم السيسي في مصر، فالكل يعلم التجربة التي مرت منها الثورة المصرية بعد صعود الراحل محمد مرسي كأول رئيس مصري منتخب بشكل ديمقراطي في اطار انتخابات نزيهة سواء اختلفنا مع طرحه السياسي او اتفقنا معه. لكن العسكر انذاك بقيادة الجنرال السيسي كان له رأي اخر ليجهض هذه التجربة في وأدها وبدايتها ويستولي على السلطة ويحكم البلاد بقبضة من الحديد والنار ويزج بكل المعارضين السياسيين الذين كان اغلبهم من جماعة الاخوان في السجون والزنانين المظلمة وقد أظهرت تقارير دولية لمنظمات حقوقية من قبيل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية حجم المعتقلين والتعذيب الذي تعرضوا له، ولعل وفاة الرئيس السابق اثر الاهمال الطبي خير دليل على ذلك.

ومن جانب اخر لاتزال الاشتباكات الدامية التي خلفت قتلى ومعطوبين في صفوف قوات المشير خليفة حفتر من جهة وقوات السراج من جهة اخرى متواصلة رغم الهدنة التي تعقد بين الفينة والأخرى ولازال الحل بعيدا عن الافق فبين الحين والاخر تتجدد الصدامات وسط فراغ مؤسساتي رهيب منذ سقوط وقتل معمر القذافي ابان ثورات الربيع العربي سنة 2011. فلا اتفاق الصخيرات اجدى نفعا ولا محادثات أو مفاوضات جنيف غير المباشرة اعطت مؤشرا على انفراج الأزمة المشتعلة نيراها وسط ضلوع الجيش الليبي في هذه المشاكل الدائمة. أمام كل هذه المعطيات يتخوف الجزائريون ولهم الحق في ذلك! من تكرار نفس السيناريو والنتيجة لما حدث في مصر وليبيا والسقوط في فخ يصعب حينها الخروج منه الا بأضرار كثيرة، فالدولة العميقة لا تسعى ولن تسعى ابدا في ايجاد حل واظهار بوادر الحكم الديموقراطي المبني على سلاسة الاختيار وتداول السلطة بشكل سلمي وفق اختيارات جماهيرية وشعبية لأن ذلك يقوض مضجعها ويحاصر هياكلها الإستبدادية وبناها التقليدانية التي تؤبد الوضع وتبقي الامور على حالها. فالشارع الجزائري بعماله وموظفيه وطلبته أمام خيارات واضحة ورهانات محددة لا يمكنه التنازل عنها لصالح القيادة العسكرية كون الدفع باتجاه انتخابات رئاسية لن يغير من الوضع شيئا وسيقفز على ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي يقتضي محاسبة المتورطين في نهب المال العام والسكوت على الاختلاسات المالية التي حدثتث في عهدة بوتفليقة. نفس الأشخاص والوجوه لازالت موجودة ما يعني بشكل مباشر ان الثورة لم تحقق مبتغاها الرئيسي والأساسي ولذلك سيقى الجزائريون في الشارع الى حين ابعاد العسكر عن الشؤون السياسية للبلد ولو في فترة لاحقة رغم ان ذلك يبدوا صعبا للغاية إلا إن كان للقايد صالح رأي اخر سيظهر في الأيام والأسابيع المقبلة.

الفترة الانتقالية ... ورهان المصالح الاقليمية

لا تختلف مجريات الأحداث في السودان عن نظيرتها الجزائرية من حيث الفاعلين المباشرين وغير المباشرين في الثورة السودانية، فبعد سقوط البشير الذي حكم السودان لمدة ثلاثين سنة وحولها لشبه امارة اسلامية بمقومات فاشية. وكان السبب الرئيسي في استقلال جنوب السودان أتى موعد رحيله قسرا بعد خروج كل فئات وأطياف الشعب السوداني الى شوارع الخرطوم وباقي مدن ومناطق البلاد الأخرى، هذه الاحتجاجات وازاها قمع من طرف الاجهزة الأمنية بشكل مهول كعادة الأنظمة الشمولية والاستبدادية ما خلف عشرات القتلى ومئات الجرحى والمصابين في صفوف المحتجين ضد النظام السوداني. بعد ذلك سيقع البشير تحت قبضة النظام العسكري بعد ان انقلب عليه وتم ايداعه السجن واخد زمام السلطة، لكن الاحتجاجات استمرت بل زاد سقف ما رفعته من مطالب من اجل تسليم السلطة لحكومة مدنية و ما حدث في المقابل هو استعمال اساليب قديمة/جديدة كإجابة لما يريده الشعب الذي عانى القهر طيلة عقود طويلة. بعد مخاض عسير وتحت رعاية "خليجية" تم التوصل الى اتفاق بين الجيش و قوى الحرية والتغيير التي تضم هيئات وأطياف سياسية مختلفة فحواه تقاسم السلطة وتعيين حمدوك رئيسا للوزارء الذي سيتقلد هذا المنصب خلال فترة انتقالية اقصاها ثلاث سنوات ليتم بعدها اجراء انتخابات رئاسية امام صعوبات وتحديات هائلة ابرزها العقوبات المفروضة من طرف الولايات المتحدة الامريكية التي انزلتها على السودان باعتبارها دولة راعية للارهاب والدعوة الى سحبها من اجل تسهيل الأمور الاقتصادية التي شهدت ركودا قبالة الأحداث التي جرت مسبقا، اضافة لحاجة هاته الدولة إلى مساعدة مالية فورية كما أتى على لسان حمدوك للتعامل مع الأوضاع المزرية التي يعيشها الشعب السوداني ليبقى السؤال مطروحا، من اين ستأتي الأموال وما الضريبة التي يجب دفعها فيما بعد؟. فالجيش وامام خصوصية الواقع المعاش والتجربة التي دامت مدة طويلة سيكون من الصعب ان يسمح بسحب زمام التحكم بدواليب السلطة من بساطه، ناهيك عن التدخلات الخارجية التي يمكن ان تعرقل مسار الديموقراطية الجنينة التي ستنمو مستقبلا لأن ذلك يضع رهاناتها الجيوسياسية محل خطر لا تبتغيه أبدا.

أمام هذا ذاك لا يبقى على المتابع للشأن السياسي الإقليمي في هاته الدول التي شهدت هزات وارتدادات جذرية الا الانتظار ومعرفة المآل وكيف ستسير الأمور خصوصا ونحن نعرف ما حل بباقي البلدان المجاورة التي لم تسلم من لعب تحت الطاولة لإبقاء الوضع كما هو عليه بشكل مأساوي دون نتيجة تذكر. غير أن التاريخ دائما أثبت أن للشعوب كلمتها التي لا تهزم مهما طال الزمن او قصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-