الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب -في العنف-

ندى أسامة ملكاني

2019 / 9 / 9
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


قراءة في كتاب حنا أرندت "في العنف"
في العنف كتاب من تأليف دكتورة الفلسفة حنا أرندت سنة 1969 ، وهي ألمانية حاصلة على الجنسية الأمريكية، يتناول هذا المؤلف العنف والإنسان في المجتمعات المتخلفة والديمقراطية والفارق بين الظاهرة حسب السياق الذي تنشأ وتتطور فيه. على الرغم من أنها مختصة في الفلسفة إلا أنها افضل أن يجري التعريف بها كباحثة في السياسة فهي لم تقيد نفسها بحواجز إيديولوجية أو ستيريوتايبس معين. . والكتاب عبارة عن 3 مقالات، صحيح أن المؤلفة لا تلتزم بمسار أيديولوجي رصين ولكنها لا تعرض أفكارها فوضويا، إنما ليست ملتزمة بموقف أكاديمي معين
وترى أن السياسة علم عملي مرتبط بالفعل السياسي وإلا لا نفع منه لأي مجتمع. تهاجم الماركسيين فهي لا ترى أن كارل ماركس قد تقل فكر هيغل إلى فكر واقعي كما يدعي ماركس نفسه. فماركس حسب أرندت اعتمد نظرية قد تكون صحيحة كشرط منطقي وليس من الضروري أن تكون واقع وشاهد.
تم تأليف الكاتب أثناء مظاهرات الطلبة في فرنسا، وفي مصر، وفي أمريكا.
والفكرة الرئيسة التي يطرحها الكتاب هو أن مشكلة العنف في العالم المعاصر هي أزمة كينونة الإنسان تترجم نفسها في عالم لا يمكن إدراكه، ففي النظام الشمولي يتحول الفرد إلى بهيمة مشتعلة ويغيب الفعل السياسي. وتتحدث كثيرا عن كتاب معذبو الأرض لقانون وتهاجمه فهي ترفض أن تعطي مبرر العنف على أنه معادل السلطة وأنه أي أساس الحياة، السياسة هي أساس الحياة. بعبارات أخرى، مع تطور أدوات العنف الدولي في القرن العشرين ظهرت القنبلة الذرية التي تعني بناء أحد الطرفين مايعني نفس الوجود الإنساني، وبما أن العنف يحتاج أدوات فهو يختلف عن ااسلطة.
فالعنف برأي أرندت ليس ضرورة ببيولوجية والنظر إليه مظاهرة طبيعية موجودة وتنتشر بكل أوجهها لهو تسويغ غير مقبول يؤدي إلى استمرارها. وهو بمعنى من المعاني ليس رد فعل بيولوجي حيواني بل رد فعل على الظلم واحتلال ميزان العدل معارض السلطة ويمكن أن يدمرها. بكلمات أخرى، العنف ليس تجليا من تجليات الطبيعة البشرية إنما عطب في تصور السلطة والإنسان. لذلك نجد حنا أرندت تدعو إلى إعادة التفكير خارج النماذج السياسية الموجودة، وتعيد التفكير في مقولة كلاوزفيتز أن الحرب استمرار السياسة لكن بوسائل أخرى لأنها تنفي أدوات الفعل السياسي وتؤكد على حتمية العنف كشيء طبيعي في المجتمعات الإنسانية. كما وترفض ربط العدوان بالعنف، تأثرا برأي أرسطو أن الإنسان كائن سياسي لا ينفصل عن السلطة، وليس من الضروري أن ترتبط السلطة بفكرة العنف وإن كانت الديمقراطية باتفاق الكثير من المفكرين المعاصرين بأفضل أنظمة الحكم إلا أن أرندت ترى أنها ليست الأسلوب التوافقي الوحيد. بالقبول كأساس العلاقة بين المجتمع والسلطة موجود حتى في النظم الملكية والأوليغارشية ماعدا حكم الطغاة، لذلك حازت مؤلفات أرندت على أهمية بالغة في العالم العربي منذ عام 2011 فقد ترجمت أعمالها " الدولة التوتاليتارية .."في الثورة" "التفكير" وغيرها من الكتب.

حنا أرندت ليست من كتاب مابعد الحداثة لأن مابعد الحداثة اصلا ليست مذهلا متجانسا، ومع ذلك فقد نقدت الحداثة ، فالعنف عطب في تصور السلطة والإنسان، ومقاربتها لظاهرة العنف تندرج في إطار فلسفي عام عرفته الفلسفة الغربية المعاصرة أي مراجعة مفاهيم الحداثة الغربية في إطار فلسفة مابعد الحداثة، ورأت أن أزمة الحداثة الغربية أزمة سياسية، وتحليلها للعنف أيضا يندرج ضمن مايسمى بالصدمة السياسية فقد شرحت ظاهرة الاحتجاجات، ورصدت الجراىم الكبرى تحت وطأة النظام النازي.
وإن كانت قد رفضت النظرية الماركسية فهي في الوقت ذاته حللت العمل وعلاقته بالعنف، وربما تكون هذه القضية في رأيي من أهم القضايا التي طرحتها حنا أرندت. الإنسان ليس بهيمة مشتغلة هو كينونة لها روح ولايجب أن يصل العمل بالإنسان إلى ألم ومعاناة قد تفضي به إلى العجز عن فهم العالم وبناءه بالشكل اللائق لإنسانيته وهذا جوهر أزمة الحداثة بوجهه السياسي.
حظي كتاب في العنف أهمية منذ العام 2012 في الوطن العربي ولاسيما في تونس ومصر، فالعنف رد فعل على عدم قدرة السلطة بداية على حل أزمة الشرعية بينها وبين المجتمع، والعمل أحد أهم أوجه ردود الفعل على المظالم بمعنى عدم القدرة على احترام كينونة الإنسان له حاجات اسااسية، فأي حق سياسي له قيمة إذا حلم الإنسان من أبسط حاجاته هذه فكرة قديمة ولكن أرندت تربطها بالعنف وعلاقته بالشغل والسلطة. بكلمات ثانية فكر أرندت بدور في هذا الكتاب عن العنف كرد فعل على الزيف والنفاق وانقلاب في كينونة الإنسان التي تتحول شيئا فشيئا إلى بهائمية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |