الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالةٌ إلى جلالةِ الملكِ عبداللهِ الثَّاني ، من مُعلِّمٍ جاءَ من أقصى الأطرافِ ، يُلقي على عمَّانَ السَّلامَ :

عاطف الدرابسة

2019 / 9 / 9
الادب والفن


رسالةٌ إلى جلالةِ الملكِ عبداللهِ الثَّاني ، من مُعلِّمٍ جاءَ من أقصى الأطرافِ ، يُلقي على عمَّانَ السَّلامَ :

مولاي .. بعد تحيَّةِ الوجعِ ، وسلامِ المقهورِ :

أكتبُ لكم قبلَ أن تنطفىءَ الشَّمسُ بيومينِ ، ويتوقَّفُ النَّهارُ عن زيارةِ عمَّان ، ويلوذُ الفجرُ بالفرارِ ، ويُعلنُ الضُّحى الصَّمتَ ، لأُخبرَكم عن حالِ المعلِّمينَ قبل أن يجفَّ الماءُ في العروقِ ، ويمضي الظمأُ يجتاحُ البلدَ ، كأنَّه الجرادُ القادمُ من جفافِ الصَّحراءِ .

مولاي :

ما جاؤوا لعمَّانَ مُعتصِمينَ ، ولا جاؤوا إلى عمَّانَ متظاهرِين ، جاؤوا يلقونَ السَّلامَ على عينيكَ ، ويغادرونَ ، ولسانُهم يقولُ : إنَّ الإشارةَ بين يديِّ العظماءِ أبلغُ من الكلامِ .

مولاي :

أخافُ أن يخرسَ البيانُ في صدرِ البلدِ ، وتموتُ المعاني في النُّفوسِ ، وتُغادرُ سنابلُ القمحِ تربتَها ، وتنحني جبالُ عمَّانَ للهواءِ الفاسدِ ، ونُصبحُ خارجَ الإيقاعِ ، وخارجَ الضُّوءِ ، كالرُّوحِ حين تصيرُ بلا مأوى أو وطنٍ .

مولاي :

أخافُ أن يأتيَ يومٌ ، تموتُ فيها الشُّموعُ على الرَّصيفِ ، وتستوي عند الجُهلاءِ الأشياءُ ، أخافُ أن يأتيَ يومٌ ، نختارُ فيه الموتَ سِتراً ، من ظلمِ الحياةِ ، ونشتهي القبرَ بيتاً ، ووطناً .

مولاي :

عمَّانُ يومَ الخميسِ كانت كالعروسِ ، ترقصُ على إيقاعِ العلمِ والنُّورِ ، وبلحظةٍ غابَ فيها الضَّميرُ ، خرجَ المُتسلِّقونَ والطُّفيليِّون ليلاً يُشوِّهونَ الحقائقَ ، ويصرخونَ صرخةَ النِّفاقِ : خنقوا عمَّانَ ، لوَّثوا عمَّانَ ، مَن قالَ لهم إنَّ عمَّانَ تختنقُ بالنُّورِ ؟

مولاي :

هل يعلمونَ مَن الذي يعصِمُ عمَّانَ من الغرقِ أو الطُّوفان ؟ هل يعلمونَ مَن الذي يُعلِّمُ عمَّانَ كيف تُغنِّي الطُّيورُ ؟ هل يعلمونَ مَن الذي يسقي عمَّانَ ماءً فراتاً ، فتُزهرُ الغصونُ ؟

مولاي :

مَن جعلَ عمَّانَ تُعلنُ الحربَ على النُّورِ ؟ مَن أمرَها أن تعتقلَ صوتَ الحريَّةِ من العقولِ ؟ مَن علَّمها أن تتصدَّى للقلمِ بالهراواتِ ، وقنابلِ الدُّخانِ ؟ كيف لعمَّانَ أن تنامَ كالعروسِ ، والمعلِّمونَ معتقلونَ في السُّجونِ ؟ كيف لعمَّانَ أن تحلمَ بالحبِّ والجمالِ ، وهم يُشوِّهونَ صورةَ المُعلِّمِ في عقولِ الأطفالِ ؟ كيف لعمَّانَ أن تكونَ عمَّان ، والمُعلِّمُ في أحضانِها يُهانُ ؟

مولاي :

لا تتأخرْ كثيراً عن موعدِكَ ، إنَّهم ينصُبونَ الفخَّ ، لاغتيالِ الهلالِ .

مولاي :

لا تتأخرْ كثيراً ، إنَّهم يردمُونَ البئرَ ، ويأسرونَ الماءَ .

مولاي :

لا تتأخرْ كثيراً ، إنَّهم يسرقونَ من جوفِ الأرضِ البذورَ .

مولاي :

لا تتأخرْ كثيراً إنَّهم يجتمعونَ على كلِّ شيءٍ ، إلَّا على حبِّ هذا الوطنِ ، والولاءِ .

مولاي :

هؤلاءِ الذين يديرون شؤون البلدَ اليومَ ، لم نكنْ لهم يوماً مُعلِّمينَ ، بل علَّمَهُم الغرباءُ .

سلمتَ لعائلتكَ الهاشميَّةِ التي ما انَّفكت ترعى العلمَ ، وعشتَ راعياً كريماً لهذا الوطنِ .

الدكتور عاطف الدرابسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رسالة الى جلالة الملك عبد الله تعليق على مقال
Lazar samaan ( 2019 / 9 / 9 - 20:55 )
السيد المعلم
عاطف الدرابسة
اذا تتفضل بالاتصال بي
أنا أقول لك نقطة من بحر قد يفيدك ويفيد الاْردن الغالي والجيل الصاعد والسلك التعليمي
اذا أمكنك إرسال إيميلك إليّ.
تحياتي

اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب