الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جامعة الدول العرية...دور لا قومي

عادل سمارة

2003 / 4 / 5
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


رام الله المحتلة

ينظر المواطن العربي اليوم باستغراب شديد الى موقف جامعة الدول العربية تجاه العدوان على العراق. فهي لم تنجح حتى في تسميته باسمه، اي عدوان. وقبل ان نتحدث عن طبيعة هذه المؤسة، ربما من المفيد التذكير باسمها، فهي جامعة "الدول" وليس جامعة الشعب العربي.

في اعقاب فشل المشروع القومي في حقبة الستينات، جاء الوليد السفاح، التضامن العربي. وكانت جامعة الدول العربية هي الرحم والقابلة والحاضنة والمرضعة لهذا الوليد ولا تزال. فهي مؤسسة وليدة سايكس- بيكو ايضاً. انها فكرة الامبريالية البريطانية في الاربعينات، اي عشية بدء الاستقلالات العربية القطرية.  في حقبة ما قبل جامعة الدول العربية، قبل 1945، ، كان يمكن للعلاقات العربية ان تأخذ بعدا جديداً، وهو محاولة كل دولة قطرية مستقلة ان تضم اليها القطرية المجاورة بحكم المد القومي من جهة وبحكم طموح قيادة قومية جديدة ذات مشروع تنموي هنا او هناك في تقوية دولتها بسماركياً على سبيل المثال.

كان، منظور الراسمالية الاستعماري والامبريالية،انه لا بد من تثبيت سايكس-بيكو في حقبة الاستقلال السياسي كي لا يتحول الاستقلال السياسي الى مد قومي وكي لا يتفكك سايكس- بيكو بموجبات تنموية ابعد من قطرية هنا او هناك. وعليه، فإن وجود جامعة دول عربية يعني قبل كل شيىء، إعتراف كل دولة عربية بالاخرى، وهذا ما حصل، وهذا تثبيت للحدود القطرية اي نفي علني للبعد القومي وتحديداً للوحدة العربية وإقامة الدولة القومية. انه تحويل البعد القومي الى مجرد رابط بين دول وليس بين الشعب نفسه. هنا البعد القومي بين الدول مثابة علاقات دولية بين دول يُفترض انها تشكل "قوميات" مختلفة وهذا يضفي على اتفاقيات سايكس- بيكو شرعية لا يجرؤ احد على مناقشتها. ولكن، تجدر الاشارة هنا الى ان القطر الوحيد الذي حِيلَ دون اعتراف جامعة الدول العربية به، او حتى تثبيت مقعد شكلي له، كانت فلسطين، بالضبط لأن هذا ما لم تقبله الامبريالية البريطانية (والامبرياليات الأُخرُ)، صاحبة فكرة جامعة الدول العربية لأن كياناً فلسطينياً يعني نفي الكيان الصهيوني الذي كان أكثر من نظام قطري عربي يتحرق شوقا للاعتراف به منذ ثلاثينات القرن الماضي، اي قبل إعلان الكيان الصهيوني كدولة.

لو لم تكن هناك جامعة الدول العربية على غرار سايكس- بيكو، لأخذت الوحدة العربية اشكالاً مختلفة ولكن عملية. كان بوسع سوريا ضم لبنان والاردن، إما على الطريقة البسماركية او عبر فدرالية ربما مع العراق ايضاً، وكان بوسع مصر ضم ليبيا والسودان، وبوسع السعودية ضم ما اصبح يعرف بمجلس التعاون الخليجي. لولا جامعة الدول العربية لتكونت كتل متحدة في المغرب والمشرق ووادي النيل والجزيرة، ولكان اتحادها جميعا امرا ممكناً.

وهكذا، فإن جامعة الدول العربية كانت ولا تزال مثابة منتدى هدفه حماية الدولة القطرية ولجم طموحات اية دولة قطرية عربية في تجاوز حدودها باتجاه قومي. أما عملية اللجم هذه فتأتي من الدول العربية الاخرى نفسها. ان وجود جامعة الدول العربية هو الذي خلق العدوان على العراق عام 1991 والعدوان الحالي ضد العراق. فحينما حاول الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم استعادة الكويت وقفت ضده جامعة الدول العربية بزعامة مصر الناصرية! وتم ارسال جيوش قطرية عربية  "لحماية" الكويت من حق العراق في استعادتها. وهذا يؤكد قناعتنا بأن عبد الناصر كان منقسماً بين الوحدوي والاقليمي. أما وقد استفحل وضع الكويت لما فيها من نفط، فأصبح المطلوب ليس فقط منع العراق من استعادة الكويت، بل تدمير الدولة العراقية لمجرد انها حلمت بتجاوز القطرية. هذا هو الدور الحقيقي لجامعة الدول العربية. كان ولا يزال، وستحافظ عليه الراسماليات العربية الكمبرادورية باسنانها.

قد يكون للملاحظة التالية موضع في هذا المقام. لقد تطوع العرب للنضال في فلسطين قبيل عام  1948بعيدا عن مواقف دولهم وعن جامعة الدول العربية وها هم يتطوعون في العراق اليوم فيما تشكل حدود دول جامعة الدول العربية معيقاً لوصولهم. ان جامعة الدول العربية، بميثاقها وطريقة عملها هي اكثر المؤسسات المعادية للدولة القومية، أكثرها تمأسُساً وخطورة.

نعم، رفع شعار التضامن العربي باشراف جامعة الدول العربية وهو الذي اتخذ لاحقا تسمية النظام العربي، وهي تسمية تعني ان العرب ليسوا أمة واحدة بل أمما متجاورة، وأحياناً صديقة! وهو تضامن نخر المبنى القومي حتى وصل الى الخطاب السياسي والثقافي. فقد انعقد اتفاق رسمي عربي بأن لا يتفوه نظام ضد نظام آخر باي نقد، وإن ألقو على ذلك تسمية التجريح. فسادت في الثقافة السياسية العربية حالة من المهادنة التي كان جوهرها حماية الانظمة القطرية من اي نقد واعفائها من اي واجب قومي، وتجنيبها أي طرح وحدوي لا يحرجها وحسب بل يحرك الشارع ضدها. وتهاوت في نفس المجرى الكثير ان لم نقل جميع الاحزاب السياسية العربية ذات الموقف القومي لتتحول الى حركات قطرية اقليمية صغيرة المبنى والخطاب والطموح لتنتهي الى جزء من مكونات الدولة القطرية التي كان مبرر وجودها هو الاعتراض على هذه الدولة ورفضها.

بموجب اتفاق عدم النقد، ولا النقد الذاتي بالطبع، تجرَّأ النظام الحاكم في مصر على استدعاء السفير السوري في القاهرة محتجاً على هتاف الشارع السوري ضد موقف الرئيس المصري الذي لا زال يُنحي باللائمة على النظام العراقي في العدوان الحالي على العراق. والحقيقة ان لهذا التصرف الرسمي معانٍ ثلاثة:

الاول: ان هذا النظام هش الى حد رهيب، فهو يخشى من هتاف في آسيا العربية بينما هو في افريقيا العربية.

والثاني: انه دليل على حدود لا ديمقراطية هذا النظام، الذي لو كان الهتاف من داخل مصر لأسال الدماء.

والثالث: وهو الأهم ان هذا النظام، وهو قطري، أو لأنه قطري، يدرك ان الهتاف في سوريا هو هتاف قومي، وهو يدرك ان لهذا الهتاف وقع قومي على شعب مصر.

ودون تعداد لمواقف جامعة الدول العربية، تكفي الاشارة الى انها هي التي اضطلعت بارسال جنود عرب ضد العراق إبان عهد الرئيس عبد الكريم قاسم الذي حاول استعادة الكويت. ولو لم تفعل الجامعة هذا، لما كنا على ما نحن فيه. وهي نفسها التي فشلت في منع العدوان على العراق عام 1991،  وشارك معظم اعضائها فيه، وهي نفسها التي عجز اعضاؤها اليوم عن اتخاذ موقف واحد اعلاميا بشجب العدوان الوحشي على العراق.

************

كنعان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟