الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة العراق حكومة واجهة

اسماعيل شاكر الرفاعي

2019 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


حكومة عبد المهدي في العراق : حكومة واجهة

رغم ان منظمات الشفافية العالمية ، قد وضعت العراق تحت باب البلدان الأكثر عتمة والأقل شفافية ، الا ان معطيات أوضاعه الأمنية تتسرب الى العلن مهما حاولت أصابع ( دولته العميقة ) اخفاءها والتعتيم عليها .
ويحاول مجلس الوزراء عبر ما يتخذه من قرارات التمويه على ملامح هذا الوجود العميق ، وتصوير نفسه على انه الحارس الأمين لمصلحة البلاد العليا ، لا يتردد عن اتخاذ القرار الوطني الصحيح في اللحظة المناسبة ، فيما هو في الحقيقة واجهة ( عصرية ) لفاعلين مستورين بيدهم قرارات السياسة والاقتصاد والأمن والثقافة ، يسلمونها الى الحكومة -عبر رئيس مجلسها - لتضفي عليه طابع الشرعية .
خذ مثلاً قرار دمج فصائل الحشد الشعبي في جيش الدولة ، وكيف روج له إعلام الدولة واعلام فصائل الحشد على انه قرار حكومة وطن ، لا حكومة طائفة أو حزب أو حشد ، ومما زاد من عملية التمويه هذه بروز أعضاء مجلس الوزراء في الفضائيات كمدافعين لا يشق لهم غبار عن قرار الدمج ، وهم في غالبيتهم يمثلون فصائل الحشد والاحزاب الدينية التي يوحد موقفهما من مختلف القضايا : فقيه أو مجموعة فقهاء ، وان رئيس مجلس الوزراء نفسه قد رفعه الى منصب الرئاسة : فقيه أو مجموعة فقهاء ، ضداً على الدستور الذي يريد لهذا المنصب ان يكون من نصيب الفايز في الانتخابات ( والحال ان عبد المهدي لم يشترك في الانتخابات ، ولا يملك صوتاً انتخابياً واحداً ) .
لقد صدق الرأي العام هذا التوجه الجديد للحكومة ، وصفق لمسار بناء دولة خالية من ازدواجية الجيش ، ومن تعدد الولاءات .
لا تولد القرارات الكبرى من فراغ ، لا بد من وجود تطورات نوعية في الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي تشكل سنداً قوياً لها ، وهذا ما لم يحدث في العراق ولا في المحيط الإقليمي المجاور . فلا مرجعية النجف أصدرت فتوى جديدة تنقض فتواها القديمة عن الجهاد الكفاءي ، وتفتي لصالح حق الدولة باحتكار السيادة والتفرد بامتلاك السلاح ، ولا إيران تخلت عن استراتيجية بناء جيوش الى جانب جيش الدولة ، وليس لرئيس الوزراء من القوة الحزبية او الانتخابية ما يدعم ارادته في تنفيذ مثل هذا القرار : علماً ان قادة جيش الدولة معينين بالطريقة نفسها ( طريقة المحاصصة او شراء المناصب ) وان ولاءهم محسوماً للسادة الذين رشحوهم من الفقهاء او من أمراء فصاءل الحشد ، ولم يتزحزح مفهوم مظلومية الطائفة عن مكانه في وعي قادة العملية السياسية ليحل محله الوعي بضرورة بناء موءسسات ثابتة للدولة ذات ولاء واضح للوطن .
فمن شجع الحكومة على اتخاذ مثل هذا القرار ؟
فصاءل الحشد الشعبي نفسها هي من اوحى لمجلس الوزراء باتخاذ مثل هذا القرار ، ولم يكن أبداً من بنات افكار مجلس الوزراء الذي لا يملك روءية استراتيجية مستقلة عن روءية أمراء الحشد ، الذين ما زالوا ينظرون الى وجود الدولة في العراق والى دستورها وقوانينها كعدو علماني فاسد ملحد يجب الإطاحة به واجتث.
لقد ارادت فصاءل الحشد من وراء دفع الحكومة الى اتخاذ قرار دمجها بجيش الدولة : التستر على نشاطاتها المكلفة بأدائها من قبل إيران ، والاحتماء به من ردود فعل امريكا وإسرائيل الغاضبة ، وحين لم تنطل هذه اللعبة على الطرف الآخر الأمريكي - الاسرائيلي : شددت من غاراتها على مخازن أسلحة الحشد بالطائرات المسيرة فانكشف المستور .
واتخذت فصاءل الحشد قراراً سيادياً خطيراً : انشاء قوة جوية خاصة بها باستقلال كامل عن الدولة العراقية ، وبمعزل عن رأي مجلس الوزراء . فإلى متى يستمر مجلس الوزراء في لعب دور الواجهة الخطير هذا ؟

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون الموريتانيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد • ف


.. سكان بلدات لبنانية تتعرض للقصف الإسرائيلي يروون شهادتهم | #م




.. أمريكا ترسل 14 ألف قنبلة زنة ألفي رطل لإسرائيل منذ السابع من


.. هل ستتجه إيران لجولة انتخابية ثانية؟




.. شركة بيانات: مشاهدات مناظرة بايدن وترمب أقل من المتوقع بكثير