الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنطقة الآمنة و لوزان 2

باقر الكردو

2019 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أسبوع، وفي تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد الثامن من سبتمبر 2019، دخلت أولى الدوريات التركية مناطق سيطرة قوات سوريا في شرق الفرات في إطار تطبيق الاتفاق الثلاثي المبرم بين أمريكا وقوات قسد وتركيا.
أمست صور دخول القوات التركية حديث الإعلام وذلك لأهمية الاتفاق والذي شُكِل بغية ردع الأطماع التركية في احتلالها لمناطق روج آفا كردستان ومناطق سيطرة قوات قسد في شرق الفرات واقامه "منطقة أمنه .
طبعاً، حديث الإعلام لم يقتصر على بث صور المدرعات الأميركية التركية بل إمتد تحليل الواقعة وما تحمله من تبعات على مستقبل الإدارة الذاتية ومستقبل العلاقات التركية الأمريكية، حيث ذهب البعض في التحليل أن أردوغان أراد أن يحفظ ماء الوجه بعد فشله في إدلب…..

أين كانت تلك التحليلات، فتاريخ دخول قوات الاحتلال التركي أي 08.09.2019 تستحق أن نقف عندها مليلاً .ففي كل مرة يقوم فيه أردوغان بعملية عسكرية إلا وقد يعيدنا فيه الى حِقبه من التاريخ العثماني بشكل تلقائي. بالرجوع إلى تاريخ 8 سبتمبر الساعة العاشرة الذي يصادف خروج الجيش اليوناني من مدينة ازمير بشكل كلي(08/09/1922 ) وبذلك انتهت السيطرة الإدارية والعسكرية للجيش اليوناني في إِزمير وفي أسيا بشكل كلي. لقد مهد احتلال إِزمير نهاية للوجود اليوناني في الأناضول وآسيا وانتصار لحرب التحرير التركية التي بدأت في 15 ماي 1919. ومع هزيمة الجيش اليوناني بدأ الجيش التركي في إبادة المكونات المسيحية (اليونانيين والأرمن) وطردهم من ديارهم وأعكف الجيش التركي على هدم المدينة، وقد مهد الإنتصار العسكري في إِزمير إلى توقيع اتفاقية لوزان 1923 وإلغاء اتفاقية سيفر والتي حملت في الباب الثالث- البنود( 62 63 64) مشروع دولة كردية في الأناضول وايضا حملت الاتفاقية تسليم الجيش اليوناني لمناطق واسعه غرب تركيا ومنها ازمير ازمير . يحاول أردوغان اليوم إعادة هذا السيناريو بأبادة الكرد في روجافا وتطهير المنطقة من السكان الاصليين، اي الكرد، وذلك بجلبه عديد الغرباء إلى المنطقة من جهاديين ومن فصائل ومجموعات متشددة يأتمرون بأوامر السلطان أردوغان وتكرار سيناريو عمليات السلب والنهب التي تشهدها عفرين ثم ربط مناطق غرب الفرات المحتلة مع شرقها والوصول الى الحدود العراقيه السورية وتحويلها إلى منطقة تشمل نفوذه بحيث يكون مرتعا لكل المجموعات الإرهابية المقربة من السلطان أردوغان وبالتالي فإنه يكون بذلك تمهيدا للوصول إلى هدفه الذي يتجلى في إقامة لوزان ثانية.
إذا كانت لوزان الأولى قد احبطت إقامة دولة كردية فإن أردوغان يطمح الى لوزان ثانية ولكن هذه المرة لأهداف أكثر تطرفا وهي إبادة الكورد وليس فقط إنهاء مشروع خصوصا وان أردوغان قد عبر في أكثر من مناسبة عن عدم رضاه عن اتفاقية لوزان الأولى.

قد لا يوافقني الكثير في هذا الطرح اذا أن البعض قد يذهب في القول بأن تاريخ وساعة دخول قوات الجيش التركي الى شرق الفرات مجرد صدفة لكن وبمجرد ما نعود الى تواريخ سابقة من تاريخ العمليات التركية في سوريا وخصوصا اجتياح الجيش التركي لجربلس و احتلال عفرين وأن الأمر لا يمكن ان يكون من قبيل الصدفة وسخرية القدر بل يتعدى ذلك بأعتبارها خطى مدروسة بعناية بغية إعادة أمجاد الدولة العثمانية.

فبعد تحرير تل أبيض / girê Sipî من مرتزقة داعش في صيف 2015، أصبح الممر الجغرافي بين جرابلس وإعزاز المنفذ الوحيد للتواصل المباشر بين تركيا والمجموعات الإرهابية علاوة على منبج. بهدف القضاء على داعش في الرقة، تمكنت قوات سورية الديمقراطية من القضاء على داعش في منبج وتحرير المدينة من رجس الإرهاب في صيف 2016. شعرت تركيا بالقلق على مشروعها الإسلاموي العثماني في سوريا، فسارعت إلى احتلال جرابلس. لم يكن تاريخ دخول القوات التركية إلى المنطقة مجرد صدفة، ففي 24 من آب 2016 اجتاح الجيش التركي سوريا لأول مرة من خلال بوابة جرابلس، وقبل 500 عام بالتمام والكمال اي في 24 آب 1516 دخل ولأول مرة الجيش التركي سوريا وذلك في معركة مرج دابق والذي انتهى بانتصار الجيش العثماني على المماليك. كان لهذه المعركة وقعا كبيرا للدوله العثمانية وقد أدى تحول واضح في التمدد العثماني وتوسعها في الاراضي السورية والبلاد الأفريقية وأدى إلى توسيع رقعة الدولة العثمانية.

أما الحدث الاخر يكمن في احتلال عفرين من قبل الجيش التركي اذ سيطرت قوات الاحتلال التركي يوم 18 مارس 2018 على مدينة عفرين بشكل كامل ويصادف هذا التاريخ ذكرى بداية معركة جناق قلعة او حملة دردنيل في سنة 18 مارس 1915 والذي من خلاله تمكن الجيش العثماني من الإنتصار على الجيش الفرنسي و البريطاني وقد اشرف مصطفى كمال على هذه المعركة بنفسه. كان اخيار هذا اليوم بالتحديد لإعلان عن السيطرة المطلقة على عفرين رسالة للتحالف الدولي أيضا مفاده ان انتصار اليوم هو انتصار أيضا على حلفاء قسد وايضا يشكل احتلال عفرين بالنسبة العثمانيين الجدد ثارا لانهزام الجيش العثماني في أكتوبر 1918 وخروجه من سوريا. وبهذا وبعد 100 عام على نهاية الخلافة العثمانية، وعبر بوابة عفرين أراد أردوغان العودة الى الشرق لينتقم من هزيمة أسلافه، وكأنه يتحكم في الزمان والمكان على حد سواء.

ولتثبيت وتأكيد ما ذكر في السطور أعلاه أذكر أمثلة أخرى، كتلك المتعلقة بتاريخ إقرار حكم الإعدام على زعيم الشعب الكردي عبد الله اوجلان في 29 يونيو 1999 ، إذا صادف قرار المحكمة التركية بإعدام القائد اوجلان تاريخ إعدام قائد الثورة الكردية الشيخ سعيد بيران في 29 يونيو 1925. هذا التاريخ أيضا ليس من قبيل الصدفة وكأن الدولة التركية تريد تذكير الكرد بأحداث تاريخية وحال لسانهم يقول كما أجهزنا على الثورة الكردية في العشرينات في تركيا بإعدام الشيخ سعيد فاننا اليوم نصفي القضية الكردية أيضا بقرار إعدام القائد اوجلان.

لكن هيأت فالشعلة التي أوقده كاوا الحداد ومن بعده مظلوم دوغان في السجون التركية لن تنطفي وسيظل لهيبه يحرق أردوغان كما حرق من قبله مصطفى كمال و كنعان افرن و عصمت اينونو وغيرهم من رجالات الفاشيه التركية وستبقى ثورة روجافا تؤرقهم في قبورهم وستضل أرواحهم تئن من الألم الى أبد الأبدين.

باقر الكردو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة