الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و كم من كوهين, وصل؟!

خالد قنوت

2019 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرة هي الافلام التي تحاكي قصص التجسس و السير الذاتية للجواسيس في العالم و مثيرة دائماً للاهتمام و المتابعة و ما أحلى ذلك الزمان الذي تابعنا فيه مسلسل رأفت الهجان بأداء متميز من المرحوم الفنان محمود عبد العزيز!

رباعية على قناة نتفليكس بعنوان "The SPY" اشار إليها أحد الاصدقاء لي بها فقررت أن اشاهدها البارحة و لم اتركها حتى انتهيت منها جميعها.

العمل برأي ضعيف فنياً مع اداء متميز لبطل الفيلم "الممثل البريطاني، ساشا بارون كوهين" فلا يمكن أن تكون العمليات الاستخبارتية و التجسسية تحديداً بهذه السذاجة و السطحية كأن يجند جاسوس بستة أشهر دون تأمين كامل و منضبط لقصته امام زوجته على الاقل و دون سرد للشخصية المرشحة لهذا العمل الفائق الخطورة, سرد يصل حد الغباء في التعامل مع الوثائق و التجهزات و الوصول للمعلومات, تسخيف ممنهج و غير حقيقي للعدو و هنا العدو هو الجانب السوري حيث الفيلم هو وجهة نظر اسرائيلية محضة, التركيز على شخصيات معينة مثل أمين الحافظ و أحمد سويدان و ميشيل عفلق و سليم حاطوم و عدم التعرض لشخصيات كانت محورية و فاعلة في تلك المرحلة كمحمد عمران و صلاح جديد و حافظ الأسد و عبد الكريم الجندي و زياد الحريري..., اقحام محمد بلادن و ابنه في سياق الفيلم بشكل غير منطقي و لكنه دعائي, ذكر اسم صدام حسين دون مبرر منطقي حيث لم يكن ذو أثر في العراق او خارجه بعد, استعطاف العالم و استجلاب تأييده عندما يعرض اطفال و مزارعين مسالمين (و ليسوا مستعمرين و مستوطنين و مليشيات عسكرية) يتعرضون للقصف من قبل قوات سورية على الحدود مع أن موضوع التجسس هو موضوع عالمي و تقوم به معظم الدول تجاه دول أخرى حتى الصديقة فكيف بالتي بحالة حرب, موضوغ اغتيال الضابط السوري الكبير يوم الانقلاب الذي كان في سهرة مجون في بيت الجاسوس كوهين غير مفهومة فالحكومة ذاك الوقت كانت حكومة مدنية لناظم القدسي و لم تكن حكومة عسكرية!

ما يمكن أن يهمنا من مشاهدة الفيلم, هو قراءة التاريخ المعاصر القريب الذي عشناه كسوريين في الستينات و ما تبع ذلك من كوارث وطنية وصلت بنا لخراب حقيقي للوطن و للقيم الوطنية و الانسانية و الاجتماعية السورية و ربما لمستقبل طويل.

كم كانت القيادات السياسية و العسكرية ذاك الزمان مهتمة بالوطن و ببناء الدولة و ترسيخ اسسها؟ ما اورده الفيلم كان محابي للحقيقة فقد كان العسكر هم اصحاب السطوة و السلطة في سورية. جل اهتمامهم هو كيفية التخلص من المنافسين و حتى الرفاق للوصول للسلطة بينما كانت الحدود على الجبهات مفتوحة و مكشوفة و غير منضبطة دون أن نذكر وطنية و بسالة من تعاملوا بشجاعة و وطنية مع الاعتداءات الاسرائيلية ذاك الزمان دون سياسة حق الرد المتبعة منذ 1974. كان المكتب الثاني مركز لحبك المؤامرات و تصفية الضباط الخصوم و التواصل مع سفارات الدول الكبرى لتأمين الدعم بعد كل انقلاب, الاحزاب السياسية جميعها كانت تصادمية و اقصائية هدفها السلطة المطلقة و الحزب الواحد, غياب كامل لمفهوم الامن الوطني و ما يتضمنه من أمن الافراد و المعلومات و الاماكن.

نعم, قصة الجاسوس الاسرائيلي كوهين قصة حقيقية و نقطة سوداء بتاريخ سورية في الستينات استطاع أن يتسلل لأهم مفاصل الدولة الامنية و العسكرية و الاقتصادية و كان قاب قوسين من أن يكون وزير دفاع وطني في سورية بغطاء من رئيس الجمهورية أمين الحافظ و ربما بشخصيات و ضباط لم يتعرض لهم الفيلم مازالوا بيننا أو ما زالت اعمالهم نجني اثارها حتى يومنا هذا. كم من كوهين نجح في عمله داخل منظومات الحكم في سورية منذ ذاك الزمان حتى اننا لم نعد نسمع باكتشاف الجواسيس منذ امد بعيد جداً؟ ألا يمكن بمراجعة بسيطة و محايدة أن نستنتج أن ما يحدث في سورية اليوم هو نتاج لمنطومة تجسسة اسرائيلية و غير اسرائيلية عملت داخل الدولة و السلطة السورية و تعمل لحساب دول و اجهزة امنية اجنبية حيث مهمات الاجهزة الامنية و الاستخباراتية السورية كانت و من منذ انقلاب حافظ الأسد تقتصر مهماتهاعلى قتل و اعتقال السياسيين السوريين ابناء الوطن و المعارضين للنظام البعثي و الاسدي.

من وجهة نظر اسرائيلية, كوهين بطل قومي كما كان رأفت الهجان بالنسبة لنا و ما قدمه من معلومات لاسرائيل و تحالفات مع ضباط خونة سوريين نافذين جعلها تدخل الجولان السوري دون قتال و بقرار انسحاب من قبل وزير الدفاع السوري آنذاك رغم أن الجولان يعتبر قلعة عسكرية طبيعية.

اختفت جثة كوهين بعد الاعدام و لم يعد يعرف عنها شيء و يبقى من قصته أننا و لمدى زمني طويل امام تبعات سقوط لمفاهيمنا الوطنية و الاخلاقية حيث الخيانة و العمالة صارت وجهة نظر للكثيرين من اصحاب السلطة في دمشق و اصحاب المعارضات عبر العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم