الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفاحة الليل / قصة قصيرة

رندة المغربي

2006 / 5 / 16
الادب والفن


تفاحة الليل
لم أستطع أن أكمل التفاحة الحمراء التي قشرتها وشطرتها لنصفين وجلست أتسلى بنزع لُبها بالسكين وأنا أشاهد التلفاز في سريري،
قلبتُ القنوات على الشاشة راحلة من برنامج إخباري مليء بالدم ومُحطة ببرنامج يحكي قصة تحنيط الفراعنة ..

يشقون صدره ينتزعون قلبه وأحشائه ويحشون جوفه بالكتان ومواد التحنيط ثم يخيطونه ويلفونه بكفن أبيض ويودعونه تابوت مزخرف ومطلي بالذهب .
نُعاس يُطيحُ برأسي ، شددتُ اللحاف على جسدي رفعتُه إلى أعلى عنقي وثبت طرفه بذقني ..

إدراكي يغور خلف الأجفان المُتكسرة والمعلقة بالضوء المنبعث من الشاشة ، وجنتي تغوص بقطن الوسادة البيضاء ، خدرٌ يصعد من أطراف قدمي ويعلو على مهل ليصل إلى شفتي ، أتلاشى في العُتمة مسلمة مفاصلي وعروقي المُتعبة لطيات الفراش الدافئة .
كأني لمحتُ أو هُيّأ لي رؤية كُتلة سوداء تقفزُ من الشاشة !
انتفضتُ مذعورة من إحساسي بالسقوط في هوة ، اعتدلتُ في سريري ومددت يدي متلمسة طريقي إلى جهاز التحكم ، أغلقتُ التلفاز وارتشفت قليلاً من الماء وفكرتُ بذلك الشعور الذي يفزعنا في بدايات الغفوة ،وكأننا نسقط في الفراغ !
أهي الروح أم الجسد من يوشك على السقوط فتتداركه الفطنة؟!.. أمرٌ حير العلماء وأفزع طيور الغفوة فوق رأسي!
تكورت في لُحافي ودسستُ رأسي بين الوسائد بحثاً عن نوم ابتعد عني .. ...

منبه الساعة يدقُ معلناً تمام الثامنة صباحاً ، قذفتُ بالغطاء بعيداً عني وركلته بقدمي متجهة للمطبخ ،
أعددت قهوة الصباح و ارتديت ملابسي على مهل أمام المرآة متأملة وجهي الشاحب ، أزعجتني رؤية أجفاني المنتفخة!
قررتُ أن أضع قليلاً من الكُحل الأسود فوق أجفاني العلوية ، مددتُ الكُحل إلى الأعلى متعدية زاوية عيني ، رششتُ قليلاً من عطر زهرة اللوتس على معصمي وعنقي وخرجت متجهة إلى المصعد الكهربائي .

ـ بونجور مسيو دُشان .
لم يرد التحية حارس العمارة ولم ينبس بحرف واحد كأنه يتحاشاني ! تجاهلته بدوري متلهية بمتابعة العد التنازلي لأرقام المصعد الخضراء .
وحين انفرجت بوابة المصعد استدار صوبي مثبتاً عينيه على أجفاني المنتفخة ثم همس قائلاً بصوت يشبه فحيح الأفعى :
ـ لقد عثروا على مدام سَلادا هذا الصباح مقتولة في شقتها وقد أنتزع قلبُها من جوفها ..!
وحين انسل متوارياً في الرُدهة رأيت كتلة سوداء تتدحرج من خلفه مسرعة و تذكرتُ بأني لم أشاهد هذا الصباح سكين تقشير الفاكهة بجانب نصف التفاحة المسود!!



كاتبة سعودية مقيمة في باريس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي