الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحور الثالث----الليبرالية هي الحل

سلطان الرفاعي

2006 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


------------وبالرغم من النزاعات والآزمات الأقليمية الحادة وخطر التصعيد النووي والتهديدات الارهابية يظل التحدي الأساسي لغالبية الدول وللأمن في منطقة الشرق الأوسط هو الاستمرار في تجميد وعرقلة التطور والتحديث في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لقد فشل الاقتصاد القومي العربي رغم مدخولاته الضخمة من النفط والغاز في دخول ساحة المنافسة الدولية ، ولم يستفد بقدر كاف من التقدم الهائل في العلوم والتقنيات الحديثة كما فشل في التوصل الى نظام تعاون وتكامل اقتصادي اقليمي والانفتاح على مرحلة العولمة ومتغيراتها . وعندما ننظر الى هذه المنطقة المليئة بالأخطار نفاجأ بفشل أيضا في التوصل الى نظام أمن جماعي عربي . ورغم أن النزاع العربي الاسرائيلي قد يشكل عقبة في طريق ذلك فمن الملاحظ استغلال هذا النزاع وغيره من العوامل الخارجية لتحويل الأنظار عن الأسباب الحقيقية لعرقلة التطور والحداثة--وأن النظرة السريعة لنظم الحكم في المنطقة لا تطرح صورة ايجابية . فمجتمعاتها تُحكم بأسلوب سلطوي ، بل وديكتاتوري أحيانا ولا نجد في العديد من الدول تطبيقا وجادا وشاملا للديمقراطية واحترام حقوق الانسان واستقلالية السلطة القضائية ومساواة المرأة أو نظم تعليم حديثة وفعالة.
يضاف الى هذا أن انتقال رؤوس الأموال الضخمة للدول العربية للاستثمار الى الدول الصناعية الكبرى يحرك شعوبها من الاتفادة منها، كما أن تركيز الثروة في أيد قليلة أضعف الاسفادة من التقدم العلمي والتقني في الانتاج والتقدم الصناعي والاقتصادي وفي مجال الخدمات.
ان أي اتجاه للتطوير والتنمية البشرية للانسان العربي ليحتل مكانه اللائق في العالم يتطلب ثلاثة مبادئ مهمة.
أولا: حياة ديمقراطية واحترام كامل لحقوق الانسان وحريته تطبقه الحكومات بشكل مطلق مما يتيح تطويرا ايجابيا خلاقا للانسان العربي ومجتمعه.
ثانيا: مساواة المرأة في الحقوق والواجبات ومساهمتها في التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتعليم والعلوم.
ثالثا: التركيز على تحصيل العلم والمعرفة والاستفادة من ذلك في كل جوانب وأنشطة المجتمع.

لقد اتجهت محاولات التحديث في العالم العربي بعد المرحلة الاستعمارية الى نموذجين أحدهما قومي عسكري . والثاني ديني سلطوي. منتج الأول عن التلاقي بين عناصر وأحزاب علمانية مع عناصر عسكرية وطنية . واصطبغت بأفكار الوحدة العربية . وقد رصد العداء للغرب بسبب ماضيه الاستعماري وهو ما أدى الى تفاهم نسبي مع الاتحاد السوفييتي والحصول على الأسلحة وبعض المعونات المالية والتقنية واتجهت للتصنيع الوطني ، واعتمدت المضمون القومي العربي اكثر من الاتجاه للمفهوم الديني السلفي واستخدمت في معظم الحالات أسلوب الحزب الواحد لتوفير غطاء سياسي للحكم العسكري وتطبيق نظام اقتصادي مبني على احتكار الدولة باسم الاشتراكية العربية.
أما النموذج الثاني فيمكن وصفه بأنه نظام سلطوي يعتمد على سلطة مطلقة أساسها ملكي وراثي ، يعتمد على المفهوم الديني بمشاركة علماء الدين . واتجه في عملية التحديث الى الانفتاح على الغرب في معادلة تحاول ربط التقاليد الدينية بانفتاح تكنولوجي استهلاكي على الغرب.
هذه التجربة اعتمدت وارتبطت بشكل كامل بعائدات البترول لشراء أدوات التحديث والتقدم مستعينة بالخبراء الأجانب والتقنيات المستوردة والافراط في صنع السلع الاستهلاكية في مجتمعاتها وسهل ذلك زيادة أسعار البترول 1973 الذي ضخ مداخيل هائلة الى الدول المنتجة للبترول وخزائن نخبها الحاكمة ، وكان من الطبيعي والمنطقي استحالة التوفيق بين المفاهيم والتقنيات والسلع الاستهلاكية الغربية من جهة والاحتفاظ بالمفاهيم الاسلامية السلفة من جهة أخرى خاصة لترسيخ القيم التقليدية والدينية في التعليم على الاستزادة من العلوم الحديثة والمعرفة. ولم يكن من المستغرب أن يؤدي ذلك التضارب الى النظر للتحديث على أنه أمر مفروض من الخارج على المجتمعات الاسلامية للنيل من قيمها التقليدية السلفية وهو ما أدى الى ردود فعل وظهور أفكار وجماعات التطرف الديني.
ان كلا النموذجين العربيين للتحديث قد استهلكا واستنفذا امكانياتهما ووصلا الى نهاية المطاف ولم ينجح أي منهما في فتح طريق ذي خصوصية عربية للتحديث والتقدم والولوج الى عالم ديناميكي جديد ومتغير وانتهى بهم الأمر الى تسليم بالفشل أو اغرا في اليأس والاحباط ، وهو ما أدى ، خاصة بعد انتهاء النزاع بين الشرق والغرب ، الى زيادة الاتجاه لتجميد وعرقلة تحديث وتقدم العالم العربي ، وعزله عن العالم الجديد في ظل العولمة وديناميكية الاقتصاد الدولي . وأدى فشل وتجمد النظم والنماذج السابق الاشارة اليها ؛الى شعور بمزيد من سيطرة الثقافة الأجنبية الخارجية مع ضعف متزايد للعالم العربي والتخبط وفوضى في الاتجاهات وحنين الى ماض عربي اسلامي مفتقد ، والى ظهور التطرف والحركات الارهابية ، التي لا يمكن اعتبارها طريقا ثالثا أو بديلا للتحديث والتقدم في ظل حرية وديمقراطية بعيدا عن أي نظم سلطوية شمولية وان اتخذت رداءا دينيا.

ان مجابهة الأخطار الشولية والتخلف في العالم العربي لن تتأتى الا باتياع محور ثالث للتحديث والتقدم وهو بكل بساطة ووضوح طريق التطور الليبرالي . ولكن طريق الليبرالية والديمقراطية والتحديث قد يكون طويلا وليس سهلا ، فهذا المحور يعتمد على الحرية والديمقراطية ومساواة الجنسين واصلاح التعليم وتأمين العدالة الاجتماعية والانفتاح على العولمة ---هذا الطريق العالمي الذي لا بديل عنه ، لن يصطدم فقط بمقاومة عنيفة من الجماعات الارهابية بل انه لن يجد ترحيبا من عدد من النخب الحاكمة التي تجد في ذلك تهديدا لكيانها ومصالحها .

ويجب أن يكون دور العرب في هذا التحول هو دور واضح لشراكة وتعاون من أجل اصلاح ديمقراطي ليبرالي لا تشوبه شبهة الامبريالية الجديدة.
ان أجندة الغرب بالنسبة للشرق الأوسط مع بداية القرن الواحد والعشرين في دعم الاتجاه لانهاء النزاع العربي الاسرائيلي والعمل على استقرار العراق وأفغانستان ومكافحة الارهاب وانتشار الأسلحة النووية وانضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي ، ومنع تسلل عدم الاستقرار الى الجزيرة العربية ،
وضرورة دعم القوى الديمقراطية الليبرالية في المنطقة
وتشجيع الانفتاح والتكامل الاقتصادي والتحديث العلمي
وتشجيع اقامة نظام أمن جماعي للمنطقة.
وليس أمام الغرب أية بدائل أخرى لبرنامج طويل المدى للتعاون من أجل تحديث الشرق الأوسط في اطال ليبرالي ديمقراطي بعد أن فشلت نماذج التحديث التقليدية العربية وأصبحت سياسة الأمر الواقع وتجميد الأوضاع تشكل أخطارا على المنطقة نفسها وعلى أوروبا.

من كتاب عودة التاريخ
يوشكا فيشر وزير خارجية المانيا
حمدي عزام
مجلة وجهات نظر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 59.39%.. نسبة المشاركة الأعلى منذ الدورة الأولى من انتخابات


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: لماذا الإقبال -القياسي- على ص




.. الانتخابات التشريعية في فرنسا.. ما دور الجمعية العامة؟


.. أميركا.. بايدن يجتمع مع عائلته اليوم لمناقشة مستقبل حملته ال




.. 3 قتلى من حزب الله في قصف إسرائيلي على بلدة -حولا- جنوبي لبن