الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرق الأوسط في الذهنية الدينية الأمريكية : أوهام وأخيلة!

ممدوح نيوف

2019 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ليس القصد هنا تبيان أثر الدين على السياسة الخارجية الأمريكية، على الرغم من كثافة تناوله في الكتابات الأمريكية وغير الأمريكية بعد أحداث سبتمبر .2001 بل تحليل كيفية تأثير القناعات الدينية على الرأي العام فيما يتعلق ببعض القضايا الدولية ومنها الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والدعم الأمريكي لإسرائيل، التدخل العسكري في العراق في العام 2003 وصورة الإسلام. أيضاً، إظهار الصلة بين القيم الدينية للأفراد ورؤيتهم للعالم. اختيار القضايا السابقة نابع من المكانة الدينية الخاصة للشرق الأوسط في المخيال الأمريكي كما بينت كتابات الرحالة الأمريكيين الأوائل إلى المنطقة كما يذكر كتاب Power, Faith, and Fantasy, America in the Middle East, 1776 to the Present.

إحياء عظام إسرائيل الجافة

ليست وحدها الاعتبارات السياسية والإستراتيجية ما يفسر التحالف الذي لا يصدأ بين واشنطن وتل أبيب، فالأسباب الثقافية تساهم في استمراره بالتأكيد. المعاملة التفضيلية الأمريكية لإسرائيل مستمرة ولو أنها لا تتفق دائما مع مصالح العم سام في الشرق الأوسط. للإيباك دور ناشط وأساسي كما يوضح جون ميرشيمر وستيفان والت في كتابهما Israel Lobby and The U.S. Policy ، لكن جذور الصلات بينهما في مكان آخر. قدم القادة الأمريكيون قبل الحرب العالمية الثانية دعماً خطابياً للجهود الصهيونية الساعية لإقامة دولة لليهود، أما على المستوى الشعبي فيُعتبر دعم البروتستانت الإنجيليين أقدم من ذلك بكثير، إذ طالبوا مراراً في القرن التاسع عشر بإقامة ملجأ في الأرض المقدسة لهؤلاء المضطهدين في أوربة وفي السلطنة العثمانية. يعود موقفهم هذا لنزعتهم الإحيائية للتاريخ والتي تقول أن عودة اليهود لفلسطين ستُعجل بعودة المسيح. كانت هذه الفكرة منتشرة على نطاق واسع في الكنائس الإنجيلية للمستوطنات الأمريكية. اعتقد الكثير من الأمريكيين وقتها أن صيرورة عودة اليهود لوطنهم (منطقة قليلة السكان ويمكنها استيعاب الملايين) في طريقها للتحقق، هذا ما أكده المبشرون: ʺأرض بدون شعب لشعب بدون أرضʺ، هي عبارة البريطاني المنتمي لمذهب الإحيائية المعاصرة اللورد شافتسبيري. أما الرحالة سارة هايت من لونغ آيلند فقد سافرت إلى الشرق الأوسط في العام 1830 وهي على قناعة تامة بالعودة الفورية لليهود إلى فلسطين: ʺسيعيد الله شعبه المختار إليها لكي يبني معبده الحقيقي ويمارس طقوسه فيه. ʺ
كانت الإحيائية في أوجها في فترة ما قبل حرب الاستقلال الأمريكية. من أشهر مؤيديها جورج بوش (جد رئيسين أمريكيين)، متخصص في دراسات الإنجيل وأستاذ العبرية في جامعة نيويورك، وجون سميث مؤسس طائفة المورمون. كتب بوش »وادي الرؤية، إحياء عظام إسرائيل الجافة » في العام 1844، يندد في كتابه باضطهاد اليهود ويدعو لإعادة مكانتهم المشرفة لهم بين الأمم من خلال خلق دولتهم في فلسطين. إعادتهم لن تعود بالنفع عليهم لوحدهم بل لجميع البشر لأنها ستخلق صلة الوصل بين الإنسانية والله. في نظر الإحيائيين وبوش منهم، يجب أن يقتصر دور المسيحيين على الصلاة وتقديم ما أمكن من حوافز مادية من أجل عودتهم. لكن دور جون سميث ومناصريه كان أكثر فعالية، سافر بعضهم كليفي بارسونز وبليني فيسك واستقروا في الأرض المقدسة لتحضير عودة اليهود. أرسل سميث رجل الدين أرسون كريسون في العام 1842 للحج في القدس، فبنى نزلاً على قمة جبل الزيتون وتوسل إلى الله أن يعيد قيام مملكة إسرائيل وأن يختار القدس كعاصمة لها وأن يستمر شعبها مختاراً كأمة وحُكم. قام المورمون بضم صلاته إلى طقوسهم الدينية وبناء فرع لجامعة بريغهام يانغ في الموقع نفسه.
يمكن اعتبار هذه القناعات متطرفة أو هامشية من منظور زمننا الحالي، لكن الحقيقة غير ذلك لأن كثراً ما زالوا يؤمنون بها. دعا عالما السياسة الأمريكيان كينيث والد وكلايد ويلكولس في كتابهما : صدام الحضارات؟ تأثير الدين على الرأي العام حول السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط إلى إعادة اكتشاف العامل الديني لأن الدراسات السابقة أولت القليل من الاهتمام لتأثيره على تشكيل الرأي العام فيما يخص قضايا السياسة الخارجية. لاحظا مواقف مختلفة لدى مواطنيهم ممن لديهم قناعات دينية مختلفة. عموماً، تبين الاستطلاعات أن أكثرية الشعب الأمريكي مؤيدة لإسرائيل بقوة، بالرغم من بعض الانتقادات بين الحين والآخر ( 48% في العام 2006 مقابل 13% مؤيدة للفلسطينيين) .تعتقد نسبة42% منهم أن الله منح اليهود دولتهم ونسبة 35% أنها تحقيق للنبوءة الإنجيلية حول العودة الثانية للمسيح . فيما تعتقد نسبة 69% من البروتستانت الإنجيليين البيض أن الله منح دولة لليهود فيما تنخفض النسبة إلى 60% وسط الإنجيليين من أوصول إفريقية و 27% من المنتمين إلى البروتستانتية التقليدية والكاثوليك. في استطلاع للرأي لمعهد Pew Research Center في العام 2005 حول وجوب استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل أكثر من الفلسطينيين أجاب 35% من الأمريكيين بنعم و 38% بلا. كانت إجابات الإنجيليين مختلفة كلياُ إذ أجاب 52 % بنعم و 25% بلا. تعتقد نسبة 64% منهم أن الولايات المتحدة يجب أن تدعم إسرائيل وقد مثلت هذه المجموعة 27% من الأصوات الكلية التي حصل عليها الرئيس جورج وولكر بوش في العام 2004. في الجانب الآخر، يعتبر 23% من العلمانيين الأمريكيين أنه على بلادهم دعم إسرائيل مقابل 51% يرفضونه.
ليست قراءة المسيحيين الإنجيليين لتاريخ الشعب اليهودي إلا إسقاطاً للنصوص الإنجيلية على الأحداث المعاصرة. فالهولوكوست يُذكّر بأعمال الإبادة الجماعية المذكورة عن فرعون في سفر الخروج وهامان في سفر إستير. ليس قيام إسرائيل إلا إحياء لانتصارات وردت في الكتابات العبرية . يحفظ الإنجيليون السيرة المعاصرة لليهود على أنها دليل على وجود الله وعلى أفعاله على مر التاريخ.
على العكس من البروتستانت الإنجيليين والذين يدينون العنف الفلسطيني دون توجيه أدنى نقد لسياسات الحكومات الإسرائيلية في المناطق المحتلة ويعارضون حل الدولتين، يتبنى البروتستانت التقليديون والكاثوليك موقفاً أكثر توازناً تجاه الصراع، يؤيدون إقامة دولة فلسطينية ويعارضون بناء المستوطنات في المناطق المحتلة، كما ويرفضون إلحاق القدس الشرقية وبناء جدار الفصل في الضفة الغربية. لا يعطون أية أهمية للمدلول الأخروي لإسرائيل ويعتبرون الظهور الثاني غير واقعي أو روحاني فقط سواءً استمرت إسرائيل كدولة أم لا، سواءً اقتُسمت القدس أم لا، وسواءً استمر اليهود بالعيش في الضفة الغربية أم لا. يعتقدون أن التحالف بين الله وأبناء إسرائيل في زمن موسى استُبدِل بتحالف جديد يَعد بالرحمة والسلام عند الإيمان بالمسيح. باختصار، ليس للنظرة الأخروية أهمية في تشكيل رؤية الكنيسة الكاثوليكية حول قضايا الشرق الأوسط. بل تأخذ في حسبانها اعتبارات مختلفة ومنها العدالة والحقوق الإنسانية والصلات التاريخية مع المسيحيين العرب.

الحرب على بابل
تفاوتت مواقف القادة المسيحيين والمؤسسات الدينية في الولايات المتحدة حول الحرب من أجل نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية. عارضتها جماعات البروتستانتية التقليدية ونشرت العديد من الكنائس ومنها World Council Churches of رسائل نددت بالحرب كأداة سياسية، إنها غير أخلاقية وخرق لمبادئ الأمم المتحدة. أما كنيسة United Church of Christ فقد كتبت للرئيس بوش: ʺاللجوء للحرب حسب تقليدنا المسيحي قبولٌ بفشل الإنسانية ʺ كذلك عارضت الكنيسة الكاثوليكية الحرب واعتبرت أن استخدام القوة الوقائية من أجل هزيمة نظام معادٍ أو تهديد سيخلق هزة قوية للمبادئ الأخلاقية والقضائية. بالمقابل، أيدت الكنائس المسيحية الإنجيلية وقادتها سياسة الرئيس بوش تجاه العراق. أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة EPPC- Beliefnet أن نسبة 59% من القادة أيدت تغيير النظام العراقي بالقوة. من أبرز وجوهها ريتشارد لاند الذي دعم علناً الرئيس بوش مؤكداً أن التهديد العراقي يملأ الشروط الواجبة للقيام ڊ»حرب عادلة» على صدام حسين. أعلن لاند بعد الخطاب الشهير لكولن بأول في مجلس الأمن الدولي في الخامس من شباط 2003 : ʺلدينا الخيار بين تجنب دفع ثمن أقل الآن وإيجاد حل للمشكلة أو دفع ثمن باهظ فيما بعد من أجل معالجة مشكلة أسلحة الدمار الشامل.ʺ
اكتفى بعض القادة الآخرين بالصمت، لكنهم لم يكونوا بالضرورة ضد الحرب معللين صمتهم بمخاوفهم من أن يؤدي الدعم العلني لها إلى زيادة مشاعر العداء للولايات المتحدة في العالم الإسلامي وإلى عمليات انتقامية ضد المسيحيين في العراق أو ضد آلاف المبعوثين الناشطين في العالم الإسلامي. عارضها آخرون علانية لتجنب وصفهم ڊ»الليبراليين» بسبب حججهم القريبة من حجج الكاثوليك والبروتستانت التقليديين.
فردياً لم تتطابق مواقف المسيحيين بالضرورة مع موقف المؤسسة الدينية التي يتبعون لها. أظهر استطلاع مشترك لمؤسسات Gallup/CNN/USA/USA Today قبل شهرين من بداية التدخل العسكري في آذار 2003، أهمية الدين في حياة المُستطلَعة آرائهم وأكد وجود علاقة وثيقة وطردية بين الأهمية التي يولونها للدين وطقوسه وبين مواقفهم تجاه غزو محتمل للعراق. دعمت نسبة 61% ممن يعطون الدينَ أهمية كبيرة الحربَ مقابل 51% من الفئة الأخرى. استندت أجوبتهم إلى طريقة فهمهم ﻟ »سلطة الإنجيل«، إذ أيَّدها 60% ممن يعتبرونه كلام الله مقابل 37% ممن لا يرون أي طبيعة إلهية للنصوص الإنجيلية. عموماً، أظهر الجميع تأييداً كبيراً للتدخل العسكري: البروتستانت الإنجيليون 86%، التقليديون 84%، الكاثوليك 84%، لكن لأسباب مختلفة.
لم تنجح المؤسسات الدينية المعارضة للحرب في إقناع الرئيس بوش بإيجاد حل سلمي وذلك لسببين: اختلاف الآراء بين القادة الدينيين وأكثرية أعضاء تجمعاتهم من ناحية ودعم البروتستانت الإنجيليين للحرب، وأكثريتهم من الحزب الجمهوري ومن مؤيدي بوش، من ناحية أخرى. يؤيدونها هؤلاء أخلاقياً ودينياً لأنها أولاً من نبوءات الإنجيل كما يزعمون، ذكَّر زعماؤهم المؤمنين بسفر يوحنا الذي ورد فيه: ʺونفخ الملاك السادس في بوقه. فسمعت صوتاً واحداً آتياً من قرون المذبح الذهبي يقول للملاك السادس الذي معه البوق: فُكَّ الملائكة الأربعة المقيدين عند النهر العظيم الفرات. فانفكَّ الأربعة الملائكة المُعَدُّون للساعة واليوم والشهر والسنة، لكي يقتلوا ثلث الناس.ʺ وهي رؤية أخروية لملايين الأمريكيين الذين دعموا الحرب مستندين إلى حجج دينية وعلى ما أسماه بوش »المهمة الإلهية في العراق». قال عالم اللاهوت ميكايل ليرنر: ʺتتطابق أصولية الإنجيليين تماماً مع سياسات العسكرة ومع القومية الكارهة للأجانب ومع السيطرة الأمريكية على البلدان الأخرى.ʺ ثانياً، يؤيدون الحرب لسبب يتعلق بمهمتهم التبشيرية حول العالم والهادفة لكسب النفوس. رأى بعضهم في الغزو فرصة لتحويل المسلمين إلى المسيحية. بحسب استطلاع لمؤسسة Beliefnet في العام 2002 ، اعتقد 81% من القادة الإنجيليين بأهمية نشر تعاليم الإنجيل في بلاد المسلمين. تواجد ثلاثون مبشراً في بغداد في العام 2004، ووصلت 900 ألف نسخة عربية من الإنجيل من الولايات المتحدة مع أطنان من المواد الغذائية والمعدات الطبية. وأخيراً، عامل آخر يشرح موقفهم من الحرب وهو موقفهم من الدين الإسلامي.
عموماً، يدعم الإنجيليون التدخلات العسكرية لحكومتهم لأنهم يضعون الصراعات الدولية في سياق الحرب بين قوى الخير (الولايات المتحدة) وقوى الشر، كذلك رؤيتهم لطبيعة العلاقة بين الله وأمريكا، إذ يعتقدون بالاستثنائية الأمريكية وبالمباركة الإلهية لأمريكا، كما يُظهرون قبولاً لا جدل فيه للمؤسسات الدينية لاعتقادهم بأن الله من أسسها. بنظرهم، استخدام القوة دور أساسي من أدوار الحكومة لأن كل شخص خاضع لسلطات عليا والله هو مصدر كل السلطات، ومن يقاوم السلطة فكأنما قاوم النظام الذي وضعه الله ومن يقامون سيجلبون الإدانة لأنفسهم. أما الكنيسة الكاثوليكية فلها دولتها ولا تنتظر من أعضائها قبولاً كبيراً للحكومات الأخرى. ترفع كنائس البروتستانتية التقليدية شعار الصليب قبل العَلَم The Cross before Flag ، إذ تميل للاعتقاد بأن الشيطان شخص حقيقي وبأن بعض البشر ليسوا إلا تجسيداً للشر وعملاء له . على العكس من الإنجيليين، لدى الكاثوليك ميل لتقديم مقاربة مجازية للشيطان: لا ينكرون وجوده، لكنه من منتجات المجتمع والفعل الإنساني وليس نتيجة حملة مقصودة من قوة خارجة عن الطبيعة.
السير نحو أرماجيدون
انتقد قادة إنجيليون الإسلام بشدة بعد هجمات سبتمبر2001. وصفه فرانلان غراهام بالدين السيئ والشيطاني فيما انتقد كل من جيري فالويل وبات روبرتسون الإسلام ومؤسسيه. تعكس هذه الآراء وجود نقاش معادٍ للإسلام في كتابات الإنجيليين التي ظهرت في تلك الفترة. أما الاستطلاعات فقد عكست وجود نزعة معارضة له اعتقدت بوجود نقاط مشتركة قليلة جداً بين الدينين السماويين. في لاستطلاع للرأي أجراه معهد Pew Research بعد أحداث أيلول أن 62% من الإنجيليين يرون فروقاً كبيرة بين الإسلام والمسيحية مقارنة بنسبة 44 % من غير الإنجيليين. فيما أظهر استطلاع آخر لمؤسسة Beliefnet أن 77% من القادة الإنجيليين لديهم آراء معارضة له، اعتبرته نسبة 70% دين عنفٍ، 76% كدين لا يعترف بالحرية الدينية، ورفضت نسبة79% منهم الفكرة التي مفادها أن المسلمين والمسيحيين يعبدون الإله نفسه.
هذه الآراء ليست وليدة لحظة هجمات سبتمبر. لا شك بوجود كتابات معتدلة حول الدين الإسلامي، إلا أن نوعاً من العداء يقدمه كدين يدعو للعنف وأدنى ثقافياً من المسيحية. ظهرت هذه المقاربات في كتب تدافع عن المسيحية الإنجيلية في وجه الانتقادات الموجهة لها من خصومها. من هذه الكتب Answering Islam الذي خصص 12 صفحة لموضوع الإسلام والعنف.
درس المؤرخ توماس كيد في كتابه: American Christians and Islam : Evangelical Culture and Muslims from The Colonial Period to The Age of Terrorism دور وحضور الإسلام في المخيال البروتستانتي. تستمر رؤيته له منذ ثلاثة قرون كدين منافس في نشر الدين عالمياً، كمرادف للطغيان والفساد، هدف مثالي للتبشير، وعامل كبير في السيناريوهات المأساوية التي ستؤدي لنهاية الزمان. في مجال النبوءة، لاحظ الكاتب حصول تغيير جذري في دور الإسلام اعتباراً من اللحظة التي تخلى فيها الإنجيليون عن المقاربة التاريخية Historiciste (النبوءة مكتملة عبر الزمان) من أجل تبني المقاربة المستقبلية Futuriste (النبوءة الأكثر أهمية لم تكتمل بعد واكتمالها مسألة وقت). يعطي مؤيدوها دور الخصم للإسلام بعد أحداث سبتمبر، فبعدما كان عدو المسيح يهودياً مرتداً لعقود، يعتقد كثرٌ منهم اليوم أنه سيكون مسلماً. يقدم الكاتب مقاربته كأساس للفكر الألفي للأمة، بمعنى أنه بعد سيطرة المسيح وطرده لأعدائه، ستستمر سيطرته ألف عام، أي حتى يوم القيامة. إنها فكرة مترسخة بعمق لديهم وخاصة عندما ينخرطون في السياسة. يعتقدون بالصلة الأكيدة بين الإسلام وتحقيق النبوءات الإنجيلية. يرجع هال ليندسي للعداء القديم بين المسلمين واليهود لكي يستخلص أنها ستقود لنهاية الزمان، مؤكداً أن الإسلام يشكل التهديد الأكبر للكوكب. يشرح جرايت جيفري في War on Terror : Unfolding Bible Prophecy كيف سيُعلن إرهاب طالبان والقاعدة وصدام حسين بداية نهاية العالم . يعتقد أن التدخل في العراق أو » الحرب على بابل «، وهي حرب على الإرهاب، كانت متنبأةً منذ 2500 عام من قِبل النبي جيريمي. يدعي الكتاب وجود نبوءات عديدة بأوقات مرعبة ومريعة في العهدين القديم والجديد، لكنها ستقود لعودة المسيح منتصراً قبل أن يُعيد تشييد مملكة الله.
أصبح الإسلام الخصم الأول في سيناريو نهاية العالم مع نهاية الشيوعية. يتنبأ المستقبليون بأن الأمم المسلمة ستعلن الجهاد الأخير ضد إسرائيل يوماً ما، لكنها ستُهزَم وسيظهر نبي مزيف معادٍ للمسيح اسمه المهدي في الإسلام الشيعي، سيطلب من كل شخص أن يحمل علامة ما لكي يُثبت ولاءه ويتميز عن غير المسلمين، سيكون ظهوره بمثابة إشارة لبداية معركة أرماجيدون التي ستقود لعودة المسيح.
أيَّد الإنجيليون سياسات الرئيس بوش فيما أولت الطوائف المسيحية الأخرى أهمية كبيرة لحوار الأديان، مؤكدة التشابه بين الأديان السماوية، لهذا كان دعمها أقل لتلك السياسات.
إطار الإدراك الأمريكي للعالم والذي يجمع بين المبادئ الأخلاقية والقناعات الدينية يدفع بالكثير من الأمريكيين لمحاولة تشكيل العالم على صورة بلادهم. أما الاتجاهات أو النزعات المختلفة للمسيحيين الأمريكيين ولمؤسساتهم الدينية حول قضايا تمس السياسة الخارجية فيمكن عزوها لأسباب عقائدية منها تفسير الإنجيل والأخروية ومفهوم الخير والشر. لم يُشر المقال إلى العلاقة بين الانتماءين الديني والسياسي، لكن ذلك لا يُخفي حقيقة أنه في الولايات المتحدة يميل المسيحيون المؤمنون للحزب الجمهوري، مما يزيد من تأثير الدين على الإدارات الجمهورية على نحوٍ خاص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه