الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيدة هوفمان والانتظار الذي طال

رشاد شرف

2019 / 9 / 18
الادب والفن


قصة قصيرة

واحد وأربعون عاماً كانت كافية أن يكره المرء كل ما هو متعلقٌ بعمله أو يمل، لكن السيدة هوفمان أنموذج بخلاف ذلك. مازالت تحافظ على المستودع الصغير والذي يشغل شكلاً هندسياً شبه منحرف في قبو البناية التي تسكنها منذ واحد وأربعين عاماً.
نظافة المكان، ترتيب العدة حسب أحجامها وألوانها لا توحي بأنها معدات ومستلزمات ناطورة بناية منذ أربعة عقود وما يزيد.
السيدة هوفمان( هنا، في هذه القارة وهذا المكان من العالم، الشخص محترم إن كان وزيراً أو ناطوراً ) تعشق عملها الى حد لا يوصف، وضعت نظاماً لساكني البناية كنصٍ مقدسٍ الجدال فيه من المحرمات، على الجميع الالتزام به وإلا سيصبح مهزلةً ومثالاً لفوضويٍ أجنبي لا يحترم القوانين في دولة تقدس قوانينها.
سوف يعلم الجميع بأن السيدة أو السيد ذا الشعر الأسود لا يلتزم بقوانين النظافة والترتيب، ومسألة بقائه في البناية تصبح تحت التهديد. السيدة توصف الشخص دون أن تهتم باسمه وبماذا يكنى لصعوبة الأسماء الأجنبية عليها. من قوانينها الصارمة وضعت قطعتي قماش أمام مدخل البناية، إحداها مبللة والأخرى ناشفة، على الداخل أن ينظف حذاءه بالمبللة وينشفها بالأخرى ومن ثم يدخل، ويغلق الباب من خلفه بإحكام. ووضعت نظاماً لجهاز الغسالة بحيث يحق لساكن البناية ثلث اليوم إسبوعياً بمعدل ثلاث عائلات في اليوم الواحد، مما يتيح فرصة للجيران للتعارف وتبادل أطراف الحديث، وجلَّ حديثهم يحوم حول السيدة وقوانينها ومتى ستحيل إلى التقاعد ليتخلصوا من ذلك الكابوس الجاثم على أنفاسهم!؟

أحيلت السيدة إلى التقاعد وبقي النظام كما هو، ولسوء حظهم أنها تسكن في ذات البناية وتحظى باحترام مالكها لخدمتها الطويلة لسنين خلت ولتفانيها وافتخارها بعملها، فَتَحوَّلَ تفكير سكان البناية، متى.. ستنتقل السيدة إلى دار المسنين والعجزة!؟
ذات صباح، كانت السيدة بكامل نشاطها وحيويتها، لبست أجمل ثيابها، والنور يشع من عينيها، طرقت أبواب الشقق باباً باباً لتوصيهم بالحفاظ على نظافة بنايتهم ووضع القمامة في الشارع فقط.. في اليوم المخصص لها، لأنها ذاهبة لإجراء عملية في القلب وستعود ريثما تتحسن.
ذهبت، وطال الإنتظار وطال، ولم تعدْ!!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل