الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2 اعلام الفلسفة السياسية المعاصرة ماركيوز نقد الحضارة البرجوازية بقلم دافيد كتلر

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2019 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ما يزال الفكر السياسى الى اليوم يواجه مسالتين هامتين عندما يتناول مشكلة الحضارة
المسالة الاولى ماهية العناصر التى تمثل الاختلاف بين الحياة المتحضرة والحياة البدائية ، والمسالة الثانية هل الحياة المتحضرة تمثل تقدما فى مجال الاخلاق والسياسة عن الحياة البدائية ام مجرد تطبيق محايد لمبادىء اخلاقية ثابته ؟
المسالة الاولى اتفق الفلاسفة تقريبا على ان وجود اقتصاد سوق ، انتاج صناعى ، تطور حاد فى سوق العمل ، تزايد معدلات النمو فى الثروة ، ظهور انماط جديدة من الفقر ، تاسيس المنهج العلمى ، نمو الراى العام ، التضاؤل النسبى فى اللجوء للعنف كل ذلك يمثل ملامح وجود حضارة
المسالة الثانية موضوع الاخلاق فيه خلاف كبير ، يكفى ان نقارن رؤية جيمس ميل الحفية وبين ذعر ادم فيرجسون تجاه انهيار الفضائل فى مجتمع التجارة الذى لايعرف الا حساب المكسب والخسارة
عموما هذا التصور البسيط للمشكلة اخذ ينحسر مخليا السبيل لتصور اعمق على سبيل المثال جون ستيورات ميل يلاحظ فى مقال له بعنوان الحضارة ان المشكلة اعمق بكثير من ان نشجب الحضارة او نصفق لها
ماركيوز قال علينا ان نتجاوز هذه المشكلة واتهم بناء عليه انه ينسحب من المسؤلية الاخلاقية والسياسية
نحن لن نعرض لمنهج ماركيوزالفلسفى ولا لنظريته فى المعرفة ولكننا سنعرض لتصوراته البديلة
ماركيوز يتفق مع وجة النظرالليبرالية التى تؤكد على بعدى الفردية والعقلانية للانسان ولكنه يختلف معهم فى اعتقاده ان هذين البعدين لايمكن ان ينتجا شخصية اخلاقية فى ظل المؤسسات الراهنة
البشر فى راى شايمان يتشكلون مع تقدم الحضارة كافراد متميزين ذوى مصالح وواجبات معينة ويدركون ان الظروف التى تحدد مصائرهم هى محصلة مجموعة من القوى لابد من فهمها اولا حتى يمكن السيطرة عليها
ماركيوز يرى ان الروح الفردية مالها فقدان الذات وانه ستنتهى ولابد من تجاوزها وهكذا فان المؤسسات الاجتماعية والسياسية لاتجسد اى امل للتوفيق بين الاعتبارات المتعارضة
الحرية مقابل السلطة – الواجبات اذاء المصالح
ان الحضارة الليبرالية تزعم انه كشفت عن مدى امكانيات العقل فى السيطرة على الظروف المحيطة لكنها عجزت فى الحقيقة عن الالتزام بالخط العقلانى الاصيل وما ظهور الانظمة الفاشية فى الثلاثينيات الا تجسيدا لهذا الاخفاق الليبرالى
ثم واصل ماركيوز حملته وقال ان الحضارة الماثلة تفهم العقل على ان مرادف للتكنولوجيا والاستخدام العلمى فى زيادة الانتاج وهذا سلب حياة الانسان الباطنية الخاصة وحوله الى انسان ذى بعد واحد
ماكس فيبر رغم النقد العميق لماركيوز لمفهومه عن العقلانية اعلن ان الليبرالية هى معقد الامل رغم كل شيىء
فيبر يتصور ان هناك صراع بين قوى العقلانية وقوى لا عقلانية، ماركيوز يقول ان الصراع قائم بين العقلانية وبين العوامل التى جاءت بالعقلانية وهى النظام الرأسمالى
وهو يهاجم العقلانية بمفهومها التكنو قراطى مشيرا الى ان هذه العقلانية ستحول الانسان الى بعد واحد ويقول انه استقى افكاره من فرويد
ذلك ان فرويد اوضح امرين هامين الاول ان الجنس البشرى يخلق الحضارة ويعيد خلقها امرا واقعا
هذه الحضارة تتطلب تقييد الملذات حتى يستطيع البشر فى ظل الموارد المحدودة للطبيعة اقامة حضارتهم
الاعباء النفسية التى تصاحب تنظيم الطاقات البشرية يترتب عليها تدمير الانسان ومن ثم يصبح البشر تعساء وربما متوحشين
عموما فكل الاحوال فان للتقدم الحضارى حصاد ايجابى ترجح قيمته ما فقده الانسان من جانب معين من ذاته
فى تصور ماركيوز فان عملية تشكيل الانسان تتسم ببطء ولكن بلا هوادة لقولبة الانسان وهى فى عملها لاعادة تشكيل الانسان تصل الى اعمق الغرائز الانسانية وليس الى السطح الخارجى للشخصية
وما تسابق الدول فى التسليح والتعبئة العسكرية ، وما الانفصال العميق بين العمل المنتج واشباع حاجات العامل ، وما حوادث العنف والصخب الا اعراض لهذه الحقيقة الماسوية لان تحول طاقات الانسان الداخلية وكبتها لايتحول الى الحب للاخرين
وعلى ذلك يرى ماركيوز ان الخلاص الانسانى يكمن فى التغيير الثورى الذى يستهدف اعادة بناء وتشكيل الغرائز الانسانية وتحريرها من القالب الذى فرضته عليه متطلبات الانتاج والتقدم لتحل ارادة الرضا محل منطق السيطرة
وذلك من خلال تنمية عاطفة الحب وتنمية الاحساس بالجمال من خلال نمط جديد للملكية يقوم على الملكية العامة لوسائل الانتاج
نحن فى حاجة الى ثورة تعيد صياغة المنابع الانسانية لتحولنا الى بشر قادرين على المواجهة والفعل، والثورة لايمكن ان يقوم بها العمال ولا الطلاب ، ولكنها مهمة من يمارس العمل السياسى الرافض
وهى مهمة ذات جانب تعليمى وتنويرى لخلق حاجة جديدة الى التغيير الجذرى
وهى باختصار وظيفة المعارضة لتطوير الوعى ، ان الطابع التعليمى للعمل السياسى للواعين بالمشكلة يجعل مهمتهم اشبه بمهمة فلاسفة التنوير فى القرن الثامن عشر
ماركيوز يرفع صوته عاليا الى قراءه يطالبهم بتحرير انفسهم مما يحيط بهم ويطالبهم بعدم التخلى عن فضائلنا البشرية مهما كان الامر
يقول ماركيوز فى نهاية احدى دراساته ينبغى ان نقاوم وان نستمر فى المقاومة اذا كنا نريد ان نحيا باعتبارنا بشر، وان نمارس حقنا فى السعادة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية: مراكز الاقتراع تفتح أبوابها و


.. مناظرة رئاسية اقتصرت على الهجوم المتبادل




.. تباين كبير بين ردود فعل مؤيدي بايدن وترامب


.. استطلاع يرجح أن دونالد ترامب هو الفائز في المناظرة الأولى




.. صدمة في أوساط الحزب الديمقراطي من أداء بايدن في المناظرة